رام الله/PNN/دعا مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي الحكومة الفلسطينية إلى بذل المزيد من الجهود من أجل موائمة التشريعات والقوانين التي تنظّم قطاعات العمل المختلفة مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الشأن التي وقعت عليها دولة فلسطين بما في ذلك العمل على الاسترشاد باتفاقيات منظمة العمل الدولية وخاصة اتفاقية (190) التي تهدف إلى ضمان بيئة آمنة وخالية من العنف والتمييز للعمال والعاملات بالقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل.
كما دعا في بيان له، وصل وطن، السبت، كافة الأطراف الوطنية التي تعمل حالياً على مناقشة التعديلات المقترحة على قانون العمل الفلسطيني إلى إعطاء الأهمية والأولوية اللازمة لقضايا المرأة والنساء العاملات في الصيغة القادمة من القانون.
فيما يلي نص البيان:
بيان صادر عن مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
بمناسبة الأول من أيار عيد العمال العالمي
يتقدّم مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بأجمل التهاني والتبريكات إلى عمال وعاملات فلسطين، وعموم الطبقة العاملة في كل أرجاء الكرة الأرضية بمناسبة حلول الأول من أيار، عيد العمال العالمي. هذا اليوم الذي يمثل رمزاً لنضال الطبقة العاملة من أجل حقوقها، ويُشكّل تجسيداً لفكرة رفض الظلم والقمع والاضطهاد وانتهاك الحقوق العمالية والنقابية للطبقة العاملة.
يأتي الأول من أيار هذا العام ولا تزال الطبقة العاملة الفلسطينية تُعاني من الظلم والقهر والإجحاف وانتهاك حقوقها في مختلف المجالات، سواء بالنسبة للعاملين في القطاعين العام والخاص في فلسطين أو العاملين في سوق العمل داخل دولة الاحتلال. ويعاني العمال عموماً من غياب الكثير من الحقوق العمالية كانخفاض الأجور وتدني مستويات الحماية الاجتماعية كالضمان الاجتماعي والتأمينات الصحية وتوفر بيئة العمل الآمنة وارتفاع معدلات البطالة وغيرها من الحقوق العمالية.
بالنسبة للنساء الفلسطينيات العاملات فإنّ ظروف وشروط عملهنّ لا تزال تتسم بالتمييز والاضطهاد المضاعف، سواء العاملات في سوق العمل الفلسطيني بقطاعاته المختلفة أو داخل دولة الاحتلال، حيث تُشير أحدث المعطيات الإحصائية إلى أن نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة 16% فقط، بينما تبلغ لدى الذكور 65%. وتبلغ نسبة النساء العاملات في القطاع غير المنظم 25% من مجموع العاملين. بينما تعمل النساء بشكل عام في العمل الزراعي والمشاريع الأسرية الصغيرة غير المدفوعة الأجر، ولا يحتسب ذلك ضمن الإحصاءات الرسمية رغم مساهماتها الكبيرة في دخل الأسرة وفي الدخل القومي.
وتتركز ما يقارب ثلاثة أرباع الإناث العاملات في قطاع الخدمات وتشكّل ما نسبته 73% من العاملين في هذا القطاع مقابل 29% للذكور، وهو ما يعكس تكريساً للنمط التقليدي السائد في تقسيم العمل بين الجنسين، والذي ينطوي على تمييز ضد النساء. تعمل ما نسبته 33% من الإناث في القطاع العام، 65% في القطاع الخاص، 1% داخل دولة الاحتلال والمستوطنات. وبينما تبلغ نسبة الإناث ما يقارب 45% من العاملين في القطاع العام الفلسطيني مقابل 55% ذكور فإن نسبة الإناث في الفئة الوظيفية العليا تنخفض إلى ما دون 15%. في مقابل ذلك تبلغ معدلات البطالة بين الإناث 40% مقابل 22% بين الذكور، أما معدلات البطالة بين الإناث اللواتي أنهين 13 سنة دراسية فأكثر فتقارب 92% من بين المشاركات في القوى العاملة بينما تبلغ النسبة بين الذكور ما يقارب 27%. وتزداد الأمور سوءاً بالنسبة للنساء ذوات الإعاقة حيث يتحول التمييز ضدهن في أماكن العمل إلى تمييز وعنف مركب بسبب كونهن عاملات أولاً وكونهن نساء ثانياً وكونهن ذوات إعاقة ثالثاً. حيث تشير الإحصائيات أنّ نسبة توظيف النساء ذوات الإعاقة لا تزال أقل بكثير من النسب المقرة في القانون وهي 5%، حيث تشير الإحصائيات إلى أنّ نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة ممن هم خارج سوق العمل وصلت إلى ما يزيد عن 87%.
هذه الأرقام تشير إلى حقيقة التمييز الذي لا يزال يضرب جذوره في مختلف المجالات والقطاعات ضد النساء العاملات، ويجد ذلك تجسيده في طبيعة المهن والاعمال التي تناط بالنساء العاملات، والتمييز ضدهن في الحقوق المختلفة سواء في غياب المساواة في الأجور والامتيازات والإجازات على اختلافها، أو في حقوق الضمانات والتأمينات الاجتماعية المختلفة، أو في غياب ظروف عمل مناسبة تتوائم مع ظروفهن الصحية والاجتماعية، حيث ساعات العمل الطويلة والأجور الأقل وافتقار بيئة العمل للكثير من الظروف التي ترتبط بخصوصية النساء، بل وتعرضهن للكثير من المضايقات والضغوطات النفسية والجسدية والتحرشات الجنسية وغيرها. ورغم تدني الحد الرسمي للأجور عن مستوى خط الفقر إلا أنه يتضح من خلال الإحصاءات أن غالبية النساء العاملات يتقاضين رواتب أقل منه، في ظل غياب الرقابة المنظمة والتفتيش على أماكن العمل، ما يتيح المجال لاستغلال النساء وعملهن في ظروف عمل صعبة وتنقصها شروط الأمان والسلامة.
في ظل هذه المعطيات التي يصعب عدها في مثل هذا البيان فإنه يمكن القول أن النساء العاملات لا زلن يعانين من عنف وتمييز وقهر مضاعف عن زملائهن العمال، حيث يتضاعف الظلم والتميز ضد النساء العاملات بوصفهن عاملات أولاً ونساء عاملات ثانياً.
إنّ مجمل هذه الظروف تستدعي وقفة جادة من المؤسسات المجتمعية كافة، ومن صناع القرار في مختلف المستويات والقطاعات إلى البحث عن السبل المناسبة لتغيير واقع الاضطهاد والتمييز الواقع ضد النساء العاملات وضمان توفير بيئة مناسبة تشجع النساء على مزيد من الانخراط في سوق العمل أولاً، في ذات الوقت الذي يجري فيه اجتثاث كل مظهر من مظاهر التمييز وانتهاك حقوق النساء العاملات. وتقع المسئولية الأساسية على عاتق أصحاب القرار في توفير هذه البيئة وضمان التغيير المستمر في الأنظمة والقوانين ذات الشأن.
إننا في هذا السياق ندعو الحكومة الفلسطينية إلى بذل المزيد من الجهود من أجل موائمة التشريعات والقوانين التي تنظّم قطاعات العمل المختلفة مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الشأن التي وقعت عليها دولة فلسطين بما في ذلك العمل على الاسترشاد باتفاقيات منظمة العمل الدولية وخاصة اتفاقية (190) التي تهدف إلى ضمان بيئة آمنة وخالية من العنف والتمييز للعمال والعاملات بالقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل.
ما أننا في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي ندعو كافة الأطراف الوطنية التي تعمل حالياً على مناقشة التعديلات المقترحة على قانون العمل الفلسطيني إلى إعطاء الأهمية والأولوية اللازمة لقضايا المرأة والنساء العاملات في الصيغة القادمة من القانون.
عاش الأول من أيار عيد العمال العالمي
لا لكل أشكال العنف والتمييز ضد النساء العاملات
كل التحية للمرأة العاملة الفلسطينية
مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي