في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها جراء الأزمات الدائمة التي يخلقها الاحتلال الجاثم على صدورنا وأيضا نتيجة للأزمة العالمية التي حصلت مروراً بأزمة جائحة كورونا التي لم يلبث العالم من التعافي منها حتى دخلنا في أزمة الحرب الروسية الاوكرانية والتي صاحبها ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية مما زاد من أعباء أبناء شعبنا عبئاً جديدا والذي في ظل انتظام الرواتب يُعاني من عدم كفاية الدخل مع حجم المصروفات في الظروف الطبيعية نتيجة للديون المترتبة على الموظف سواء كان ذلك لشراء شقة او سيارة او أثاث منزل او حتى الامور الثانوية، فكيف عندما يتلقى الموظف راتبه منقوصاً نتيجة الأزمة المالية التي تُعاني منها سلطتنا بفعل قرصنة دولة الاحتلال على أموالنا وكذلك توقف الدول عن دعم خزينة الدولة التي قطعته على نفسها عند توقيع اتفاق السلام بين منظمة التحرير ودولة الاحتلال،
هذه القرصنة وهذا التوقف عن الدعم لم يأتي بالصدفة أو لأمر عابر وإنما للضغط على قيادتنا الفلسطينية من أجل التنازل عن حقوق شعبنا الثابتة في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتبييض سجون الاحتلال والافراج عن أسرانا البواسل.
هذه الحالة التي يعيشها شعبنا خلقت حالة احتقان كبيرة، فيما ظهرت فجوة كبيرة بين المُجتمع والحكومة التي لا تستطيع القيام بواجبها اتجاه مواطنيها بحجم احتياجاتهم ومع ذلك لا يمكن لهذا الشعب او يقبل بأن تخضع القيادة لابتزاز سياسي يجعلها تقبل بشروط دولة الاحتلال مُقابل الأموال، صحيح أنها مُهمة لتوفير الحد الأدنى للمواطن الفلسطيني كي يُلبي مُتطلبات الحياة، إلا أنها ليست أهم من كرامة شعبنا الذي قدم الغالي والنفيس من أجل هدف واحد أوحد وهو النصر والتحرير وليس من أجل تحسين ظروفه المعيشية على أهميتها .
أرى أن سياسة بث الإشاعات التي يُمارسها الاحتلال لشق الصف الفلسطيني في ظل هذه الظروف الصعبة أصبحت قابلة للتصديق وسريعة الانتشار بعد ما فشل الاحتلال في كسر إرادة شعبنا من خلال استخدام كل أدواته العسكرية وأسلحته بشتى أنواعها يحاول اليوم أن يهزم مجتمعنا من الداخل كي تشغلنا ببعضنا البعض وننسى العدو المركزي وهو الاحتلال .
المطلوب في هذا الوقت التحدي ولمواجهة هذه التحديات إعلان التعبئة العامة وتحصين أبناء شعبنا وطنياً من أجل صب غضبهم باتجاه المحتل وحده سبب المصائب والعمل بشكل جدي من قبل حكومتنا على تصويب الأوضاع الاقتصادية لحماية أبناء شعبنا من موجة الغلاء لتعزيز صموده ومناعته الوطنية وصولاً الى النصر الحقيقي لأن مناعة مُجتمعنا هي أقصر الطرق لاجتثاث هدا المحتل من أرضنا.
عشرات الالاف من الشهداء والجرحى ومئات الاف من المعتقلين من ابناء شعبنا قاتلوا وناضلوا للوصول الى فلسطين خالية من الاحتلال لم يكن في بالهم يوماً من الايام تحقيق مكاسب دنيوية وإنما كان الهدف النصر او الشهادة.
نعم.. نعلم أن الظُروف صعبة لكن شعبنا قادر على تخطي كل هذه الظروف وتحقيق حلم إقامة الدولة المُستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
• كاتب وسياسيي