في مثل هذا اليوم وقبل خمسة عشر عاماً سيطرت "حماس" بقوة السلاح على قطاع غزة، "حماس" والتي من المُفترض أن تكون شريكا في عملية النضال ومعركة التحرر.. "حماس" التي أسست كما "إدعى قادتها لتحرير فلسطين"، تاهت بوصلتها واعتبرت أن حركة فتح هي عدوها المركزي فقامت بالانقلاب على نفسها أولاً بعدما مارست أبشع الجرائم بحق أبناء فتح والأجهزة الأمنية، حيث قتلت المئات منهم بهدفالسيطرة على قطاع غزة وإنشاء إمارتهم هناك ليتغنوا منها ويبقون ابناء شعبنا هناك في حصار دائم.
واذا ما استعرضنا ممارسات "حماس" مُنذ لحظة الاعلان عن تأسيسها لعرفنا مدى اصرارها على الانسلاخ عن الاجماع الوطني والنضالي، فمع بدء الانتفاضة الأولى - انتفاضة الحجارة - والمجد الفلسطيني بتشكيل قيادة وطنية موحده لإدارة فعاليات هذه الانتفاضة الشعبية ووضع البرامج النضالية من أجل العمل على ديمومتها واستمرارها حتى الخلاص من ظلم الاحتلال خرجت علينا "حماس" ببيانها الأول بعد عدة أشهر من انطلاق الانتفاضة ووضعت لنفسها فعاليات وبرامج مُختلفة عن الفعاليات الجماهيرية التي وضعتها القيادة الموحدة، حيث رسخت هذا النهج - نهج الخروج عن الاجماع الوطني وألبست نفسها ثوب الدين لكسب تعاطف أبناء شعبنا المتدين أصلا بالفطرة.
ومع تأسيس السلطة الوطنية كثمرة اولى من ثمار نضالات شعبنا العظيم عبر مشواره النضالي الطويل والذي توجه بالانتفاضة العظيمة وكما كان الحال قبل تأسيس السلطة، حيث حاربت "حماس" هذا المشروع من بدايته وحرمت المشاركة في أي من تشكيلاته واعتبرته مشروع خياني، علماً أن السلطة الوطنية شكلت مظلة حماية لكل أبناء شعبنا واتخذت "حماس" المُدن الفلسطينية المُحررة مكاناً كي تبني جهازها العسكري وعمل مختبرات لصناعة المُتفجرات التي لم تكن تستعمل إلا لتنفيذ هجمات من شأنها تعطيل استحقاق وطني مُتفق عليه مع دولة الاحتلال ، حيث أن اتفاق أوسلو المرحلي وضع عدة استحقاقات فلسطينية ضمن جدول زمني وعلى الرغم من إصدار التحذيرات من قبل قيادة السلطة لقيادة هذه الحركة لوقف هذه الممارسات التي من شأنها إعطاء المُحتل المُبرر كي يتهرب من الاستحقاقات التي يجب عليه القيام بها، وبعد إجراء أول انتخابات رئاسية وتشريعية لانتخاب شعبنا لممثليه في المجلس التشريعي من أجل سن القوانين التي تُنظم حياة المواطن الفلسطيني التواق للعيش في ظل دولته الفلسطينية ضمن قانون فلسطيني ناظم لحياته بعد أن نالت منه كل القوانين التي وضعتها الدول التي كانت تحتل فلسطين او التابعة لها ادارياً، مثل الدولة العثمانية والاحتلال البريطاني او الحكم الاردني للضفة والمصري لغزة او القوانين العسكرية الاحتلالية أصدرت قيادة "حماس" فتوى تحريم المُشاركة في هذه الانتخابات وقاطعتها بفتوى شرعية واستمرت في هذا النهج الانفصالي عن الشرعية وحتى مع انتفاضة الاقصى التي قادتها "فتح" ومشاركة جميع القوى لم تكن "حماس" أيضا تعمل ضمن منظومة نضالية وطنية وإنما ضمن أجندات خاصة لها موجهة من بعض دول الجوار التي كانت تُغذي هذه الحركة وتدعم انفصالها لتنفيذ أجندتها الخاصة بها في المنظومة الفلسطينية كانت عمليات "حماس" في هذه الانتفاضة أيضاً والتي أثناء انعقاد أي لقاء يبحث التهدئة وإحياء العملية السياسية مما زاد اليقين لدى الجميع ان "حماس" ليست حركة وطنية فلسطينية وإنما هي جزء من منظومة الإخوان المسلمين العالمية التي ترعرعت في الدول الغربية الداعم الرئيس لدولة الاحتلال.
وتساوقت "حماس" مع سياسة الاحتلال من أجل تعطيل كل جهد ممكن يفرض على دولة الاحتلال الالتزام بما تعهدت به، ومع انتهاء انتفاضة الاقصى ضمن ما يسمى برنامج خارطة طريق جديدة وضعتها امريكا والدول الراعية لعملية السلام لم تتوقف "حماس" عن ممارساتها وعادت وشاركت في انتخابات المجلس التشريعي بعد عشر سنوات والتي أصبحت بعقيدتها الجديدة حلال شرعاً بعد ما حرمتها سابقاً وكان الدين تُفصلهُ حماس وفق أهوائها . فازت "حماس" في الانتخابات التشريعية وبنسبة عالية من المقاعد بعدما أخفقت "فتح" في إدارة العملية الانتخابية بالطرق الصحيحة بعد أن تنافس أبناؤها من خلال الترشح المستقل او من خلال القوائم المستقلة، حيث حصلت "فتح" على نسبة أصوات عالية وتخطت " حماس"، و لكن تشتت الأصوات مكن "حماس" من الفوز بفارق مريح مكنها من تسمية أول حكومة "حمساوية" رئسها اسماعيل هنية وقامت وزير داخليتها بتشكيل ما يسمى القوة التنفيذية نواة الانقلاب الأسـود التي نفذته على الرغم من أن كل الاتفاقات التي توصلت اليها قيادتنا الفلسطينية مع قيادة حماس التي قررت الانقلاب على نفسها والسيطرة على قطاع غزة بقوة السلاح. هذه السيطرة التي مكنت "حماس" وقيادتها الاستفادة من موارد قطاع غزة وتركت مسؤولية "الصرف المالي" على السلطة الوطنـية … • كاتب وسـياسـي