بقلم: سري القدوة
لا يمكن انهاء الخلافات وأزمة السياسة الاسرائيلية بحل الكنيست او اجراء الانتخابات المبكرة، وحتى بعد اجراء الانتخابات والأزمة السياسية سوف تستمر وتتعمق بين اليمين الاسرائيلي المتطرف، وما يجري من خلافات لا يعدو ممارسة ديمقراطية، بل هو سلوك يدلل على مدى تورط الاحزاب اليمينية في سلوكهم الارهابي المتطرف، وتعميق للازمات السياسية الاسرائيلية التي استمرت خلال السنوات الاخيرة، وان طبيعة المشهد لا يعبر عن الممارسة الديمقراطية، بل يعبر عن التشدد في ممارسة الصلاحيات وتبادل الادوار وفتح المزاد العلني في المزايدة على المشاريع الاستيطانية، ومن سيقدم اكثر ويقود عمليات التهويد والسرقة للأراضي الفلسطينية، ومن سيكون مستعدا من الاحزاب المتطرفة لإعلان السيادة الاسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، ويقوم بضم الاغوار والإبقاء على الاحتلال ومشاريعه التصفوية لخدمة اهداف جماعات الاستيطان، وإغلاق المسجد الاقصى في وجه المسلمين والعرب، والدعوة الي تهويد القدس وإعلانها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال.
تلك هي محددات السياسة الاسرائيلية، وما تنتجه الاحزاب المتطرفة اليمينية المتشددة القائمة على العدوان والقمع وتعميق نهج الاستيطان ومصادرة الاراضي الفلسطينية، والتي ستؤدي بالنهاية الى تدهور الاوضاع وممارسة العنف والعداء للشعب الفلسطيني، وإعادة انتاج التطرف بمسميات جديدة مما يدلل على ان المجتمع الاسرائيلي غير مستعد لقبول السلام كحل عادل وشامل بالمنطقة، وخاصة في ظل استمرار سياسة المعايير المزدوجة التي تنتهجها الامم المتحدة، مما يتيح ويشجع استمرار التطرف والتشدد في المجتمع الاسرائيلي الذي يرفض الاخر، ويرفض التعامل مع أي حلول دولية او عربية قائمة على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية.
انتخابات الاحتلال وحل الكنيست الاسرائيلي ستعيد تعميق الكارثة، وستفرز المزيد من المواقف الاكثر تشددا، وان الازمة في المشهد السياسي ستبقى قائمة، لان الازمة أعمق من قضية حكومة وتبديل للشخصيات وبجولة انتخابات جديدة، وإنما تتعلق بالنظام والسلوك الانتخابي لدى الاحتلال، وقد تكون الجولة القادمة هي تعميق للازمة وإبرازها وليس حلها، وان نفتالي بينيت ويئير لابيد وصلا لطريق مسدود وأدركا ان الجميع يغرق، وهناك حالة من الشلل داخل الكنيست وأي عضو كنيست ينسحب يمكن ان يؤدي الى شل الحكومة.
ولا يمكن الحديث بعودة زعيم المعارضة نتنياهو، وان يكون لديه فرصة جيدة لتشكيل حكومة كون ان موعد الانتخابات ما زال بعيدا، ومن المحتمل ان تحدث تطورات وتغييرات داخلية وخارجية، وان بعض الأحزاب والكتل السياسية التي شكلت الحكومة الحالية قد لا تجتاز نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة، ومنها حزب بينيت، ومن المتوقع خلال الفترة القادمة انتاج توجهات جديدة في المشهد السياسي الاسرائيلية، وصعود عضو الكنيست المتطرف بن غفير ليكون عاملا حاسما في العملية السياسية، او من خلال تشكيل الحكومة المقبلة.
وبتطور تلك الوقائع الجديدة تكون زيارة الرئيس الأمريكي بايدن في ظل التطورات الإسرائيلية، فقدت محتواها قبل ان تبدأ، وبأنها لن ولم تكون مفيدة ولا يمكن ان يتم التعويل عليها وخاصة على الصعيد الفلسطيني والعربي في ظل هشاشة الموقف السياسي وضعفه لدى واقع السياسة الاسرائيلية، وانعكاساتها بالمنطقة وبات غير مهم من سوف يستقبل الرئيس بايدن، سواء استقبل من قبل بينيت، او لابيد او حتى نتنياهو، فلم يعد ذلك مفيدا على الاطلاق لان مخرجات السياسة الاسرائيلية حسمت الموقف وتتسارع وتيرة التوجه نحو التطرف من قبل المجتمع الإسرائيلي، وخاصة فيما يتعلق بمستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.