قبل ثمانية وعشرون عامًا خط الشهيد المؤسس ياسر عرفات ذاك القرار التاريخي الذي وُسم بتاسيس الشرطة وبموجبه بوشر بإقامة أول جهاز للشرطة الفلسطينية على أراضي الدولة الفلسطينية ووقع هذا القرار في الأول من تموز عام 1994م ليكون هذا اليوم علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني وعلامة فارقة في العمل الشرطي والأمني الفلسطيني . وقد بدأ العمل منذ هذا التاريخ وانطلق قطار البناء بالأيادي البيضاء لتبني وتُطور صرحًا شامخًا ومؤسسة هي عماد البنى الأساسية للدولة و عصبها الرئيسي على مستوى الأمن الداخلي و بإمكانيات ذاتية متواضعه وبأهدف بعيدة المدى ولكنها قريبة المنال بالإرادة والتصميم، وكانت التطلعات تهدف للوصول إلى شرطة الدولة الفلسطينية التي تحمي أرواح المواطنين وممتلكاتهم وتعمل على تنفيذ القانون سواسية بين المواطنين وتصون الحريات وحقوق الانسان وتؤسس لمجتمع أمن خالي من الجريمة وواعي بحقوقه وواجباته لترسخ مبدأ شرطة قوية لمجتمع امن . اسند لهذه المؤسسة ومنذ نشأتها مهام انفاذ القانون وحفظ الأمن والنظام وتنظيم حركة المرور والضبط القضائي والإداري، فحاربت الجريمة وعملت على منعها قبل وقوعها ولاحقت المجرمين والخارجين عن القانون وقدمت في سبيل ذلك الشهداء والجرحى والتضحيات . حاربت وتحارب انتشار المخدرات فكان لها دورًا بارزًا في محاربة هذه الآفة الخطيرة وعملت على الحد منها بكل جهد وبنت لذلك إدارة مكافحة المخدرات . وتعمل لاكتساب الخبرات الجديدة في العمل الشرطي على المستوى الإقليمي والدولي وبالتدريب الميداني . وأقامت علاقات ثقة بينها وبين شركائها من المؤسسات الرسمية والشعبية وكانت علاقة الثقه الأوسع والأهم بينها وبين مواطنيها مما ساهم بالتشاركية في كشف عدد من الجرائم وانعكست هذه الثقة إيجابًا بقناعة راسخة لدى المواطنين واتجه الكثير من الشباب على التقدم بطلبات للالتحاق بسلك الشرطة ولا سيما العنصر النسوي مما ساهم في رفع نسبة المرأة العاملة في الشرطة إلى 5.9 % في السنوات الأخيرة فعمدت قيادة الشرطة لتأسيس وحدة النوع الاجتماعي للاهتمام بالعنصر النسوي . سعت وتسعى لامتلاك كادر بشري مدرب و مؤهل علميًا وعمليًا وشرطيًا من خلال تقديم الدورات المتقدمة في مجالات عملها كافة. وضع لهذه المؤسسة والتي تطورت شيئًا فشيئًا الإطار القانوني بالقوانين المُشرعة كقانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات وقانون الأسلحة والذخائر وقانون البيئة وقانون الشرطة وقانون الإصلاح والتأهيل وعدد من القرارات بقانون كالقرار الخاص بالمخدرات والجرائم الالكترونية وغيرها بهدف تنظيم عملها . وقد عمدت قيادة الشرطة وتماشيًا مع التطور والتقدم الحاصل في المجتمع لاستحداث وبناء الإدارات والأقسام والدوائر والوحدات الهامة وفقًا لاحتياج العمل وحاجة مجتمعها الذي تقدم له خدماتها وتُطورها بشكل دائم فأسست إدارة حماية الأسرة والأحداث لتُعنى بقضايا الأسرة وأنشأت دائرة المختبر الجنائي بمواصفات دولية وإمكانيات متطورة لفحص الأدلة الجنائية بهدف تحقيق العدالة، وكذلك دائرة الجرائم الالكترونية لتلاحق جريمة العصر التي تغزو المجتمعات. وأطلقت دائرة المعلومات والتي وفرت الجهد والوقت للمواطن لإنجاز معاملاته بفترة قياسية، وحوسبت عملها في كل الإدارات وطورت إدارة العمليات المركزية و نظام التحكم والسيطرة فيها . وسعت قيادة الشرطة للاهتمام بالتدريب بشكل كبير فبنت وطورت كلية الشرطة وزودتها بضباط أكادميين ومختصين ليُصنع الشرطي الفلسطيني على أيدي ضباط فلسطينيين وبمشاركة الجامعات والمعاهد والكليات المحلية والدولية والشركاء المحليين والدوليين .
هذه المسيرة والتي امتدت على مدار 28 عامًا لم تتصف بالوردية بشكل دائم وإنما واجهت الصعوبات الجمة ومن أبرزها وجود الاحتلال الإسرائيلي والذي يسيطر على الحدود ويمنع الشرطة من العمل في كثير من المناطق الفلسطينية والذي عمد الى تدمير مراكزها ومديرياتها لإسكات صوتها وتقييد حركتها وقف نشاطها أثناء وبعد اجتياحه المدن والبلدات والقرى والمخيمات ولكنها نهضت من بين الركام وعملت على بناء نفسها من جديد وأعادة هيكلت نفسها متغلبة على كل المعيقات الأخرى كنقص الكادر والإمكانيات وبذلت جهدًا كبيرًا في التغلب عليها والعمل لتحقيق الإنجاز رغم هذه المعيقات .تعمل الشرطة اليوم بعمل منظم يعتمد على خطط استراتيجية يتم إعدادها من قبل مختصين وأكاديميين بالشرطة والمؤسسات الشريكة وتحدد فيها أهدافها التي تنفذ على مدار عدة سنوات ثم يتم تحليلها والتعرف على الإخفاقات فيها وتعديلها ومعرفة النجاحات لتطويرها وأخذ العبرة منها .
وفي عيد الشرطة الفلسطينية لا بد من الإشارة إلى انجازات هامة حققتها هذه المؤسسة ومن أبرزها حصولها على شهادة التميز الأوروبي عام 2011 بعد اختبارات عديدة ودقيقه لنظامها الإداري والقانوني وعملها على الأرض وعلاقتها يالمجتمع الذي تعمل فيه وهي شهادة مهمة على المستوى الدولي .
كما أن الحدث التاريخي الهام كان بانضمام الشرطة الفلسطينية لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية " الإنتربول " بأغلبية ساحقة عام 2017 والذي ساهم في مساوة دولة فلسطين في الحقوق والواجبات بالدول المتقدمة وأعضاء هذه المنظمة كافة، ومنح فلسطين فرصة المساهمة في حفظ الأمن والسلم الدولي وتبادل المعلومات حول الجريمة ومرتكبيها وتبادل الخبرات في كافة مجالات العمل الشرطي من خلال المكتب الوطني المركزي لإنتربول فلسطين . بعد ثمانية وعشرون عامًا من التأسيس يستمر العطاء لتحقيق الأمن والاستقرار والنظام في فلسطين . " رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا "