غزة/PNN- تابع الشارع الغزي وقائع جريمة مروعة الأسبوع الماضي حيث قتل رجل وطفلته، في شجار عائلي وقع في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، تخلله استخدام للأسلحة النارية.
وأسفر الشجار عن إصابة ثمانية أشخاص آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، جرى نقلهم جميعا إلى مستشفى الإندونيسي في بلدة بيت لاهيا المجاورة
ووجهت النيابة للمُتهم الأول في القضية (ج، ق) وهو عسكري برتبة رقيب أول، من سكان بلدة جباليا شمال غزة، تهم القتل قصداً ومحاولة القتل وإيقاع أذى بليغ وحمل سلاح ناري في مناسبة غير مشروعة وحيازة سلاح ناري بدون ترخيص، بالإضافة إلى إقلاق الراحة العامة وإطلاق النار في منطقة مأهولة بالسكان.
انتشار السلاح وغياب الردع القانوني ....
تتكرر جرائم القتل في غزة الناتج عن المشاجرات العائلة بشكل ملحوظ ووسط انتشار السلاح وغياب النصوص القانونية الرادعة مما استدعى من المنظمات الحقوقية أن تدق ناقوس الخطر وسط صمت التام لحكومة حماس عن ظاهرة حمل السلاح الغير مرخص، وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 29 قتيلا قد قضوا سواء في الشجارات العائلية أو لأخذ الثأر منذ بداية العام الحالي كان أغلب حالاتها ممن قتلوا بسلاح غير مرخص.
وشكلت ظاهرة التعدي على الحريات العامة والعنف الداخلي، أحد أبرز مظاهر غياب سيادة القانون في بعض المناطق داخل غزة على خاصة مع الطبيعة العشائرية التي يتميز بها المجتمع الغزي.
يرى المختص في علم الاجتماع الأستاذ مازن الطراونة أن جرائم القتل ليست جديدة على الشارع الغزي فثقافة القتل منتشرة منذ القدم، لكن الجديد أن هذه الظاهرة قد انتشرت بطريقة أثارت خوفنا، ما جعلنا نعيش أجواء الترقب فقد أصبحنا نستيقظ على جرائم مروعة يقوم بها أشخاص غاب عن ثقافتهم الوازع الديني وشجعهم غياب القانون وتستر حكومة حماس عن العديد من العائلات التي تمتلك أسلحة خفيفة بدون رخصة.
وأضاف: العنف الأسري في غزة ناتج من غياب الرقابة الأسرية، ما يُعطي المجال أمام الضعفاء ليتركبوا العديد من الجرائم من دون محاسبة حقيقية من قبل الداخلية في غزة.
خشية من ارتفاع معدلات الجريمة
يخشى مواطنو غزة أن يصير القتل شيئًا عاديًا، يتعامل به الناس وكأنه روتين يومي في حياتهم. تقول المواطنة الفلسطينية ابتسام: عشنا أيامًا طويلة من الخوف، فأصبحنا نلازم بيوتنا بسبب المشاكل التي تفشت بيننا وبين عائلة أخرى، ما أوقع قتيلًا شابًا، وانتشرت هذه الجرائم لأننا ابتعدنا عن ديننا الإسلامي الذي يحرم القتل بكل أشكاله، كما غابت عنّا ثقافة الحب، وأصبح كل إنسان يريد أن يتخلص من مشاكله يفتعل المشاكل، ومن ثم تتحول القضية إلى تهجير للعائلات ومطالبة بالقصاص والقانون غائب عن التنفيذ.
وتضيف ابتسام: العنف ضد المرأة موضوع قديم حديث، ولا يمكن أن نربطه فقط بمدينة معينة من العالم، وغزة كحال أي مدينة متعددة الثقافات، وبالتالي العنف الذي تشهده المدينة ليس جديدًا، لكنه يزرع الخوف في داخلنا كنساء أكثر من غيرنا.
العنف ضد المرأة
تتعرض النساء في المجتمع الفلسطيني عموماً وقطاع غزة على وجه الخصوص، لدرجات متفاوتة من العنف بمختلف أشكاله، والذي يحدث غالباً في حيّزين: الأول "العنف الأُسري"، والثاني "غياب الحاضنة القانونية".
بغض النظر عن أشكال العنف المسلط على النساء في غزة، إلّا إنه لا ينفصل عن كونه ناتجاً من الأطر البنيوية الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع الذي لا يزال ينظر إلى المرأة باعتبارها "الجناح المكسور". ويتضح ذلك من خلال الاستماع إلى شهادات عدد من النساء اللواتي تعرضن للعنف داخل الأسرة، وبصورة خاصة خلال انتشار جائحة كورونا.
إشارات إحصاءات جهاز الإحصاء الفلسطيني خلال سنة الى ارتفاع مستويات العنف في قطاع غزة بالنسبة إلى غيره من المناطق، إذ بلغت نسبة العنف الاجتماعي في القطاع نحو 41% في مقابل 20% في الضفة الغربية.
وفيما يتعلق بالنساء اللواتي تعرضن للعنف من الزوج، بلغت نسبة العنف النفسي 76%، ونسبة العنف الجسدي 34%، أمّا العنف الجنسي فقد بلغت نسبته 14%.
جمعية عايشة تكافح العنف وسط غياب الدعم الحكومي
شاركت جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، اليوم الأربعاء 06 تموز، 2022 في الإضراب العابر للحدود الذي دعت لها مؤسسات تحالف أمل لمناهضة العنف ضد المرأة، احتجاجاً على انتشار جرائم قتل النساء ورفضاً لكافة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات والعربيات.
وطالبت جمعية عايشة خلال الوقفة التي نظمتها على هامش الإضراب بتوفير وضمان الحماية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف والناجيات منه، وتنقيح الأحكام التمييزية في قوانين الأسرة والأحوال الشخصية والقوانين الجنائية، والتي تسهم في تكريس جرائم العنف ضد المرأة.
وأعربت جمعية عايشة عن أسفها مجدداً لاستمرار حوادث قتل النساء، مؤكدة على ضرورة بناء أسس كفيلة بمناهضة كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة، بما في ذلك التأكيد على أن الجرائم الواقعة على النساء والتعامل معها على أنها جرائم عمدية مع سبق الإصرار والترصد وتستوجب إنزال عقوبة مشددة بمقترفيها أيا كانت ملابساتها ودوافعها.
تطبيق الكتروني للإبلاغ عن العنف الاسري
وعلى الرغم من غياب الدعم المادي من قبل السلطات تمكنت الفلسطينية هبة محمد بعد طول عناء من التواصل مباشرة مع إحدى المؤسسات النسوية عبر تطبيق إلكتروني للحصول على دعم نفسي واجتماعي للتخلص من تبعات العنف الأسري الذي تتعرض له بشكل مستمر.
وشارك في إعداد وإطلاق التطبيق الذي يحمل اسم "مساحاتنا" نحو 18 مهندسة برمجة، حيث يتطلب من المشتركة تحميله على هاتفها النقال ومن ثم إدخال رقمها الخاص ومكان سكنها كي تتمكن من الحصول على كود معين خاص بها.
وهبة واحدة من بين 190 سيدة تواصلن فعليا مع المؤسسات النسوية ذات الاختصاص من خلال تطبيق "مساحاتنا".
كما يوجد حوالي 600 سيدة أخرى مشتركات عبر التطبيق منذ إطلاقه قبل ثلاثة أشهر، بحسب ما أفادت خلود سوالمة مديرة المشاريع في مركز الإعلام المجتمعي بغزة.
تفعيل القوانين أصبح أكثر من ضرورة.
يرى بسام أبو نايفة ان انتشار مثل هذه الجرائم يغديها غياب تطبيق القانون هو السبب الرئيسي لأية جريمة يشهدها أي مجتمع، فإذا ما توفرت أسباب وأدوات الجريمة، وغاب الخوف من القتل سيقوم القاتل بالجريمة.
يضيف ما يجب أن نؤكده هنا أن جرائم القتل في غزة ليست منظمة، ولا يُنظر إليها على أنها جرائم منظمة، وإنما هي عشوائية تأتي من باب السرقة، والمشاجرات العائلية وكذلك العنف الأسري، وضحايا هذا العنف غالبًا ما يكونون من كبار السن ومن النساء.
ويضيف بسام أن القانون موجود ولا يحتاج إلا للتطبيق، وهذا التطبيق لا يأتي كلامًا إنما يجب أن يكون على أرض الواقع بتنفيذ أحكام الإعدام فيمن تدينه المحكمة.
ومن الجدير بالذكر أن الشهر الحالي قد شهد حالات قتل غريبة أربكت الساحة الغزية، فيما أجمعت شرائح المجتمع على أن هذه الجرائم إن مرت من دون قصاص فإنها ستهيّئ المجتمع لجرائم قادمة.