مصلح التي تبلغ من العمر (18 عاما) من قرية ياسوف شرق سلفيت، والتي تترقب نتائج الثانوية العامة بعد أيام قليلة، دفعها الشغف بالقراءة منذ سن مبكر إلى تحقيق حلمها، إلى أن حصلت على لقب بطلة تحدي القراءة العربي على مستوى فلسطين، فقد اعتمدت على عائلتها التي شجعتها على الاهتمام بالقراءة والاطلاع، وعلى الهيئة التدريسية التي كانت المساعد الأساسي لها للمشاركة في هذه المسابقة.
تقول مصلح لـ"للوكالة الرسمية": في صغري، كنت أرى والدي وهو محاط بالكثير من الكتب، ولديه مكتبة تحوي العديد الموضوعات المتنوعة، وكان الجلوس في هذه الزاوية من المنزل هو الأقرب لقلبي، وبدأت بقراءة القصص القصيرة التي لا تتجاوز 10 صفحات فقط.
وأضافت: عندما أصبحت بعمر 13 عاما، أصبحت أقرأ الروايات التي عدد صفحاتها ما بين 200-600 صفحة، وأتمعن بها وأحاول أن أفهم أحداثها وتفاصيلها، وبدأت بزيارة معارض الكتب، وشراء القصص، والروايات، والكتب القيمة، وأضعهم في مكتبتي الخاصة.
وتسلك مصلح سلوك القارئ المحترف، وتقرأ بمعدل 100-200 صفحة في اليوم، حتى أصبح في رصيد قراءتها ما يتجاوز 500 كتاب.
الكتب التي حظيت باهتمام مصلح متنوعة ومختلفة -على حد قولها- حيث توزعت ما بين الروايات، والكتب السياسية، والثقافية، وأخرى خاصة بالخيال العلمي، ومن أحب الكتب إليها، كتاب "النبي" لجبران خليل جبران، و"ذاكرة للنسيان" لمحمود درويش، كما أنها قرأت عددا من الكتب المترجمة منها، "البنت التي لا تحب اسمها" للروائية التركية أليف شافاق.
"كل كتاب أقرأه يشكل جزءا من شخصيتي، يعلمني ويحفزني وينحسر بداخلي، اتقمص دور البطل واتخيل الشخصيات كأنها حقيقية" قالت مصلح.
طموحي أن التحق بكلية القانون، وهو حلمي منذ الطفولة أسوة بوالدي –رجل القانون- الذي كنت الجأ إليه في فهم الكتب المعقدة والكلمات التي تحمل أكثر من معنى، والذي كان يحرص على أن يوفر لي الكتب النادرة، كما أن حبي للقانون هو دافع ذاتي للدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
تنتظر مصلح نتائج الثانوية العامة بفارغ الصبر، بعد أن خاضت تحديا كبيرا أثناء تأدية الامتحانات خلال هذا العام، تزامنا مع مشاركتها بتحدي القراءة العربي.
وتقول: خلال العطلة الصيفية التي سبقت المرحلة الثانوية واظبت على قراءة الكتب، فقرأت ما بين 20-25 كتابا، وهذا شكل هاجسا بالنسبة إلي أن ينتهي العام دون أن أقرأ 100 كتاب، أو أكثر، كما اعتدت بالسنوات السابقة، فقررت أن أخوض مسابقة تحدي القراءة مع تقديم امتحانات الثانوية العامة.
خاضت مصلح تحكيم مديرية التربية والتعليم في محافظة سلفيت خلال فترة الامتحانات النهائية التجريبية، ثم خاضت التحكيم الأصعب للمسابقة الذي كان على مستوى الوطن بعد الانتهاء من امتحانات الثانوية العامة الوزارية بيومين فقط.
وذكرت: لم يكن لدي الوقت للتحليل في جوهر ومراجعة تلخيص كل كتاب، فالوقت ضيق جدا، ومع ذلك استطعت أن أحصد لقب بطلة تحدي القراءة بجدارة.
يشارك كل متسابق بتحدي القراءة العربي بـ50 كتابا منوعا في المجالات المقروءة، ويختلف عدد الصفحات وفقا للمرحلة العمرية للمشارك، يُسأل فيه عن: العنوان، ودار النشر، واسم المؤلف، وأحيانا عدد الصفحات، وملخص الكتاب الذي يتراوح ما بين 5-10 أسطر، وعلى المتسابق أن يكون محللا وناقدا للكتاب، وليس قارئا فقط.
وبينت مصلح: المرحلة المقبلة هي الأكثر صعوبة، وتحتاج إلى جهد وتركيز عاليين، ونبذل جهدا كبيرا لتمثيل فلسطين خير تمثيل على مستوى الوطن العربي، وبدأنا بالتحضير مع وزارة التربية والتعليم، من أجل المنافسة بقوة على لقب بطل تحدي القراءة العربي.
عملت مصلح في تلفزيون فلسطين كمقدمة برامج منذ أن كانت بعمر 13 عاما منها: برنامج المخترع الصغير، وبرنامج عجائب العلوم، وساهمت في إعداد عدة برامج أخرى، واستلمت مهام محافظة سلفيت ليوم واحد في العام 2019.
مدير التربية والتعليم في سلفيت محمد الأقرع أوضح لـ"وفا" أن الطالبة مصلح تشارك منذ عدة سنوات في هذه المسابقة، وكانت تحصل على المرتبة الأولى على مستوى المديرية، ولكن هذه المرة الأولى التي تحصل فيها على لقب بطلة تحدي القراءة العربي على مستوى الوطن.
وأضاف الأقرع: بالرغم من التحدي النوعي الاضافي الذي وقع على عاتقها في هذا العام، كونها طالبة ثانوية عامة، وتحتاج إلى وقت وجهد مكرس للمناهج الدراسية، إلا أنها استطاعت التوفيق ما بين القراءة وحصد المركز الأول وبين الاهتمام بدراستها.
ونوه الأقرع إلى أن الطالبة مصلح تتحدث اللغة العربية بطلاقة عالية، وكأنها حاصلة على شهادة الدراسات العليا في تخصص اللغة العربية، ولديها إلمام واطلاع ثقافي كبير.
وأعرب عن أمله أن تحصل مصلح على المرتبة الأولى على مستوى العالم العربي في المرحلة المقبلة، ونبذل كل جهدنا في تأهيل المتنافسين ودعمهم معنويا وفنيا كالتحكم في حركات الجسد، ووقوفهم أمام الجمهور وغيرها من الفنيات التي تساعدهم في المشاركة بقوة أكبر.
وأضاف، هدفنا أن تبقى مديرية سلفيت في القمة من خلال انجازاتنا، وحصدنا للمراكز الأولى في عدة مسابقات، وفي السنوات الأخيرة استطعنا أن نضع مديرية التربية والتعليم في سلفيت التي تضم 74 مدرسة حكومية، و3 مدارس خاصة، في طليعة المديريات المتفوقة على مستوى الوطن.
وأوضح: هناك جنود مجهولون ساعدوا الطالبة أسيل على حصد اللقب، وهم: عائلتها، ومدرسة بنات ياسوف- سكاكا الثانوية ممثلة بمديرتها سنان عفانة، والمعلمة أفنان سلمان، ومن قسم النشاطات في مديرية التربية والتعليم ناجد عودة، والمنسقة والمشرفة للنشاط الثقافي نوال أبو زايد، ووزارة التربية والتعليم والإدارة العامة للنشاط الطلابي ومديرها العام عبد الحكيم أبو جاموس وطاقم الإدارة، وأسرة المديرية في التربية والتعليم التي تهتم وتعزز وتكرم وتشهر الإبداعات الطلابية.