رام الله /PNN/ ناقش برنامج “عين على العدالة” الذي ينتجه المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء “مساواة” بالتعاون مع وكالة “مدى نيوز”، ويقدّمه الإعلامي فارس المالكي، في أولى حلقات موسمه الجديد، حراك المحامين ملقياً الضوء على الفرص والتحديات التي تواجهه، وما إذا كنا على أبواب نهاية هذه الأزمة أم مقبلون لتصعيد أشمل وأوسع من قبل النقابة.
وأكد نقيب المحامين سهيل عاشور بأنه منذ أن استلم مجلس النقابة الحالي مهامه النقابية بعد الانتخابات، كان من المفترض أن يكون هناك نفاذ لمجموعة من القرارات بقانون التي تعني بتعديل قانون التنفيذ وقانون أصول المحاكمات المدنية وقانون الإجراءات الجزائية وبالتالي منذ ان استلم المجلس الحالي مهامه قام بالتواصل مع مجلس القضاء الأعلى لوقف نفاذ هذه القرارات بقانون لما فيها من مخالفات دستورية وهدر وانتهاك للحقوق والحريات، كما أنه لا يخفى على أحد مقدار تأثير هذه النصوص وتعديلاتها على السلم الأهلي والأمن الاقتصادي.
واستجاب مجلس القضاء الأعلى بداية بتأجيل تنفيذ هذه القرارات حتى الأول من شهر تموز الماضي على أن يقوم مجلس النقابة بإعداد وتقديم مذكرة حول هذه النصوص، لذا قام مجلس النقابة ومن خلال لجان قانونية بإعداد هذه المذكرة وتسليمها بشكل رسمي لمجلس القضاء الأعلى بموجب خطاب رسمي في 23.6.2022 على أن يعقد المجلس التنسيقي، لكن فوجيء بأنه ومع انتهاء المدة لم يتم دعوته للانعقاد، كما لم يتم الأخذ بأي من وجهات النظر التي تقدم بها.
بالتالي نتيجة سريان القرارات بقانون، لم يكن أمام نقابة المحامين والهيئة العامة سوى أن تقوم بالحراك النقابي الذي أعلنت عنه منذ الثالث من تموز الماضي، وقال النقيب مؤكداً “نحن مستمرون في هذا الحراك، وإلى جانب ذلك نحن في حالة تواصل مع كافة الجهات للوصول إلى صيغة بما يخص هذه القرارات بقانون”.
واستعرض نقيب المحامين بعض الملاحظات على القرارات بقانون التي تنظم نقابة المحامين خطوات احتجاجية رفضا لها مستحضرا بعض الأمثلة حيث قال: “أن يسمح بتوقيف المتهم دون حضوره أمام قاضي التحقيق إجراء يمثل انتهاكاً لحقوق المتهم وفيه إخلال بمبدأ المحاكمة العادلة، فمن حق المواطن وبشكلٍ طبيعي أن يمثل أمام القاضي، وقانون الإجراءات الجزائية منح جهات النيابة العامة مدة 48 ساعة لعرض المتهم على المحكمة، وبالتالي أن يُسمح بتمديد وقف المتهم دون عرضه على القاضي إنتهاك لمبدأ المحاكمة العادلة” ، كما استعرض قضية إلزام المواطن باستحضار الشاهد في القضية، الواردة في القرار بقانون، موضحاً أنه في حال لم يستطع إحضار الشاهد فهو يعتبر مستغنى عنه، مؤكداً أن إحضار وجلب الشهود ليس وظيفة المواطن أو المحامي بل وظيفة المحكمة.
ومن الأمثلة الأخرى التي تطرق لها، استثناء بعض لمواطنين (عناصر الأمن والموظفين العموميين) من المحاكمة وتحريك الشكاوى إلا بإذنٍ من النائب العام، موضحاً أن في هذا خرق واضح للقانون والدستور، إذ من المعلوم بحكم الدستور أن المواطنين سواسية أمام القانون بغض النظر عن المسمى أو الوظيفة أو المستوى السياسي.
وأشار عاشور إلى قانون التنفيذ موضحاً أنه من المعروف أن ل “الورقة التجارية” حماية قانونية منذ العام 2003 وبموجب قانون التنفيذ الأصلي الصادر عن المجلس التشريعي، الأمر المتعارف عليه في معاملات الناس وما استقرت عليه المعاملات التجارية والمالية ما بين المؤسسات والمواطنين، وبالتالي أن يتم نزع هذه الحماية القانونية وبشكلٍ مفاجئ من المؤكد أنه سيؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي كما سيؤدي إلى نزاعات تهدد السلم الأهلي، لذلك كان على نقابة المحامين أن تقوم بواجبها الملقى على عاتقها بموجب قانون نقابة المحامين.
كما أكد عاشور أن هذه القرارات بقانون قد صيغت بشكلٍ انفرادي دون عرضها على الجهات المفروض أن تعرض عليها، وبالرغم من المبررات التي سيقت لصياغة نصوص هذه القرارات بقانون إلا أنها مبررات واهية لا تبرر مخالفة الدستور وانتهاك الحقوق والحريات، وتسائل قائلاً “إن كانت هناك مبررات لماذا لم تعرض هذه القرارات بقانون على المجلس التنسيقي الذي شكل بقرار من الرئيس؟ ولو كان هناك أي مبرر لإجراء التعديلات على القوانين للتوافق مع الصالح العام ومصلحة المواطن لا يجب أن تكون بهذا الكم الهائل من القرارات بقانون؛.
وأضاف عاشور أنه وبغض النظر عن ما قيل من بعض الأشخاص الذين لهم أهواءهم الخاصة، نحن في نقابة المحامين في ظل حراك وطني ديمقراطي حر ليس له أي أجندات سياسية أو حزبية، نسعى من خلاله إلى حماية الحقوق والحريات ومبدأ سيادة القانون وعدم انتهاك أي قوانين أو االمساس بالحقوق والحريات، ونحن اليوم نرى هذا الالتفاف من قبل الاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني الداعم لحراك نقابة المحامين الذي يحظى أيضا بدعم جماهيري واسع.
وأكد عاشور بأن حراك نقابة المحامين مستمر وهدفه واضح، وهناك حالة التفاف جماهيري ومؤسساتي حوله، وأوضح أن لدى النقابة مجموعة من الفعاليات الأسبوع القادم لم تعلن عنها بعد لأنها في تنسيق مستمر مع كافة النقابات والاتحادات المختلفة.
وفيما يتعلق بالاتصالات مع الممثلين عن الرئاسة؛ والحديث هنا عن تكليف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ بالتواصل والإجتماع مع النقيب وأعضاء مجلس النقابة؛ أكد النقيب بأنه لغاية اللحظة لم يصله أي شيء رسمي يتعلق بهذا الموضوع، موضحاً انهم في نقابة المحامين لديهم إيمان كبير بأن الحل سيأتي فقط من قبل الرئيس، مؤكدا اننا لن نغلق باب الحوار نهائيا.
وطالب نقيب المحامين بتشكيل لجنة وطنية محايدة لدراسة القرارات بقانون فيما يتناسب مع ما يحتاجه المواطن من هذه القرارات بقانون وترك ما لا يحتاجه وشأنه، يعني التعديل في أضيق الحدود لما يحتاج إليه الصالح العام ولضمان حفظ الحقوق والحريات، وان تكون هذه اللجنة لجنة وطنية محايدة.
وفي تعقيبه على القرارات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى بتغريم المحامي في حال عدم حضوره بسبب مشاركته في احتجاجات ونشاطات النقابة، وضّح أن الهدف هو كبح جماح أي نشاط نقابي مستقبلي كما يهدف أيضا إلى عدم تمكين نقابة المحامين من القيام بأية فعاليات أو نشاطات نقابية هدفها الدفاع عن الصالح العام.
وأضاف أنه من المعلوم لدى القانونيين أن هناك ما يسمى “شطب الدعاوى” فيما يتعلق بشق الحقوق في المحاكمات الحضورية وبالتالي فإن حدود سيطرة المحامي على هذا الموضوع محدودة، وسيطرة المحامي تأتي في الشق الجزائي وعدم إمكانية النظر في أي جناية دون حضور المحامي، فكيف لنا أن نكبح جماح هذا المحامي ومنعه من اية فعاليات نقابية في المستقبل كان يجب بالضغط على يد المحامي وذلك من خلال فرض غرامة في حال عدم حضوره وهذا ما يحصل فعلا على ارض الواقع ، هناك العديد من هيئات المحاكم قامت بتغريم المحامين نتيجة عدم حضور الجلسات لانه ملتزم بفعاليات نقابة المحامين ، وهناك محاولات وتردنا معلومات ان البعض يحاول كسر الحراك النقابي وهذا الامر تمثل بصدور قرار الغاء ختم “السندات العدلية” ، وفي الحديث عن “ختم المحامي على السندات العدلية ” فالجميع يعرف ومصدر القرار يعرف أن هذا القرار مخالف للقانون والهدف هو حرفة بوصلة العمل النضالي الذي تقوم به نقابة المحامين وكسر حالة الالتفاف حول حراك المحامين.
وختم عاشور كلامه قائلا: “أنا لم أرى في هذه القرارات بقانون ما يسرّع إجراءات التقاضي بل على العكس، اذا ما طبقت فإنه سيتم تدمير القضاء وتدمير ثقة المواطن بالقضاء، وموضوع سرعة التقاضي يمكن حله من خلال زيادة عدد القضاة وكذلك زيادة عدد الموظفين”.
ومن جانبها أكدت الأستاذة راوية أبو زهيري – عضو مجلس نقابة المحامين ورئيسة لجنة المرأة في النقابة- أن القرارات بقانون لو كان هناك حاجة لإصدارها، كان يتوجب أولاً الإفادة بالسبب وراء إصدارها، وأنه يجب أن تكون القرارات بقانون بالحدود الضيقة إذا كان الأمر طارئ، لكن ما يحدث على أرض الواقع عكس ذلك تماماً، فهو لا يعتبر تعديلاً على القوانين وانما تغييراً لها بشكلٍ جذري، ووضحت أن قانون الإجراءات المدنية والجزائية لا يوجد فيه أي مشاكل بالنسبة للمواطن والمحامي، وواصلت
“المشكلة باختصار أن السبب هو إيجاد حل لمشكلة بُطء إجراءات التقاضي، لكن السؤال هل يتم ذلك على حساب مصلحة المواطن؟؟ إلى جانب قضية التعديلات على الرسوم والهدف منها جباية المزيد من الأموال من جيوب المواطنين، وبالتالي القرارات بقانون الحالية هدفها الوحيد جباية المزيد من الأموال وتوفير الراحة في عمل القضاة.. لكن ماذا عن باقي الأطراف (المواطنون، المحامون)؟؟”
وأوضحت أبو زهيري أنهم كمحامين، وبعيدا عن رسالة المحامين التي تمثل حماية الحقوق والحريات، لهم مصلحة في بعض القرارات بقانون، إلا أن حراك المحامين هدفه الأساسي حماية الحقوق والحريات والدفاع عن مصالح المواطن وهذه القرارات بقانون لا يصلح أن تطبق في فلسطين.
كما أوضحت أبو زهيري أن النقاش داخل أروقة المجلس التنسيقي أوضح لنا بأن هناك اتفاق بين مختلف الأطراف داخل هذا المجلس باستثناء نقابة المحامين التي كان موقفها رافضا لتمرير هذه القرارات بقانون.
وفي تعليقها على اجتماع الهيئة العامة لنقابة المحامين الذي عقد مطلع الأسبوع في رام الله، أكدت أبو زهيري ان هذا الاجتماع والقرارات التي خرج بها تعكس مدى المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق المحامين، الذين يصرون يوما بعد آخر على المضي قدما في الدفاع عن حقوق المواطنين رغم انهم حاليا متعطلون عن العمل ويدفعون ثمن مواقفهم الوطنية والنضالية.
وكشفت أبو زهري بأن أعضاء مجلس نقابة المحامين على وجه التحديد تم تغريمهم في كل القضايا التي لم يحضروا فيها جزائيا تنفيذا واعمالا بالقرار بقانون الجديد ونحن كاعضاء النقابة ندفع اليوم الثمن بشكلٍ تعسفي للضغط علينا، لكن نحن نؤكد أننا مستمرون في هذا الحراك.