بقلم: أحمد رياض أبو حليمة
مسؤول كتلة الوحدة الطلابية بجامعات قطاع غزة
بلغ عدد الطلبة المتقدمين لاختبارات الثانوية العامة للعام الدراسي 2022/2023 في قطاع غزة 38284 طالب وطالبة من أصل 87 ألف طالب وطالبة على مستوى الوطن، وبلغت نسبة النجاح 68.12% كما أعلنت وزارة التربية والتعليم على لسان مدير عام القياس والتقويم بتاريخ 30/7/2022م، وعلى ضوء ذلك توجه الطلبة الناجحين للوزارة ومديريات التعليم لتصديق الشهادات ومن ثم التسجيل بالجامعات والمعاهد المحلية الذي بدأ فعلياً بتاريخ 2/8/2022م أو التقدم للمنح الخارجية، وفي خضم التفكير والتحضير للالتحاق بالتعليم العالي باغت الاحتلال أحلام متقدة بعدوان غاشم على قطاع غزة ومفاجئ عند الساعة الرابعة والنصف من يوم الجمعة الموافق 5/8/2022م ، لتعلن على ضوء ذلك الجامعات تعليق العمل الإداري والاكاديمي على مدار يومين السبت، الأحد 6-7-/8/2022، وبالتالي توقيف خدمات التسجيل للطلبة الناجحين بالثانوية العامة، ومع اغلاق معبر بيت حانون توقف ارسال الأوراق لرام الله لتصديق الشهادات وإصدار جوازات السفر للتقدم للمنح الخارجية.
فرحة النجاح لم تكتمل
دخل اتفاق وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه بوساطة مصرية بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحركة "الجهاد الإسلامي"، إلى حيّز التنفيذ، في تمام الساعة الـ 23:30 مساء الأحد، لتنهي بذلك جولة تصعيدية عدوانية إسرائيلية على قطاع غزة امتدت لأكثر من ثلاثة أيام وأسفرت عن استشهاد 44 فلسطينيا بينهم 15 طفلا. تاركة هذه الجولة العدوانية تأثيرات نفسية بالغة على الطلبة بشكل خاص وعلى عموم المجتمع الفلسطيني بشكل عام صاحبها ارتدادات سلبية كبيرة خصوصا أن العدوان جاء في وقت حساس بعد نتائج الثانوية العامة، وما يعانيه أبناء شعبنا من أوضاع كارثية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأيضا التكلفة المرتفعة للتعليم العالي بغزة وتأثر بعض الجامعات من العدوان بشكل مباشر من خلال تضرر المباني والقاعات الدراسية كما حصل في جامعة القدس المفتوحة منطقة شمال غزة التعليمية وعدد من الجامعات الأخرى.
ارتفاع كلفة التعليم عائق أمام أحلام الطلبة
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمريرة التي يعيشها أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وارتفاع كلفة التعليم الجامعي عائقان أمام تحقيق أحلام الطلبة بالالتحاق بمؤسسات التعليم الجامعي بالإضافة لدفع آلاف منهم للتسجيل في تخصصات لا تتناسب مع تطلعاتهم وأحلامهم، وذلك لعدم مقدرتهم الإيفاء بالالتزامات المالية التي تطلبها الجامعة من رسوم عالية ومتطلبات مالية أخرى، وبالتالي مطلوب من إدارات الجامعات بقطاع غزة تخفيض سعر الساعة الدراسية ، وذلك مراعاة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا الفلسطيني ، خصوصا بعد العدوان الغاشم على القطاع الذي زاد الوضع سوءا، وأيضا دعوة لوزارة التربية والتعليم العالي والجهات المسئولة لأخذ دورها بالرقابة والتوجيه للجامعات والمعاهد بقطاع غزة ، وألا تدع الطالب وأسرته فريسة لأطماعها من خلال تحميله رسوم دراسية عالية في وقت يعيش فيه أبناء شعبنا نتائج أزمة أثرت على كل مناحي الحياة وحرمت ألاف الأسر من أصحاب الدخل اليومي من الالتحاق بالتعليم العالي بسبب كلفته.
آثار وتداعيات
ساهم الواقع الجامعي في عدم قدرة الطلبة على استكمال مشوارهم التعليمي، وهو ما تسبب في ارتفاع نسب البطالة بمعدلات كبيرة وأدى العجز لدى الأهالي في تمويل متطلبات التعليم العالي، إلى تعزيز الأفكار السلبية بين صفوف الشباب الجامعي، بالاتجاه أكثر نحو مفاهيم الخلاص الفردي، مثل الهجرة والأدمان وغيرها، وهو ما يهدد بشكل واضح آليات تعزيز صمود المواطنين في المجتمع وأيضا عزوف الطلبة الاجباري عن استكمال مشوارهم التعليمي أدى إلى جملة من التداعيات النفسية والاجتماعية عليهم، وعلى أسرهم، ترتبط بالنظرة السلبية للذات، وتنامي معدلات الانحراف مثل العنف والجريمة، وهو ما يشكل تهديداً واضحا على السلم الأهلي في المجتمع، وتخلي الجامعات عن دورها الاجتماعي في مساعدة المجتمع في أوقات الأزمات والكوارث، هو دليل على افتقار الجامعات للمسئولية الاجتماعية التي تقع على عاتقها في هذه الأوقات وبروز هيمنة مفهوم تسليع التعليم هي الفلسفة القائمة على واقع التعليم العالي في فلسطين، وابتعاده عن أدواره الاجتماعية والنضالية والوطنية، وهو ما جعل العديد من الباحثين يطلقون وصف الدكاكين التعليمية على الجامعات الفلسطينية للأسف وغياب الإطار والقانون الناظم لعمل الجامعات في مسألة الرسوم الجامعية ساهم بشكل كبير في تغول الجامعات الفلسطينية على الطلبة، حيث لا يوجد نظام موحد لسعر الساعة الجامعية بين الجامعات الفلسطينية، غياب الأطر النقابية وخصوصا مجالس اتحاد الطلبة ساهم بشكل كبير في تغول إدارات الجامعات على الحقوق الطلابية حيث اللون الحزبي الذي يهيمن على الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، لعب دوراً كبيراً في غياب القدرة على مواجهة إدارات الجامعات وسياسات السوق المتبعة في الجامعات ساهمت في تسليع قطاع التعليم وأيضا أزمة الاستدامة المالية التي تعاني منها الجامعات الفلسطينية، تزداد حدتها في ضوء العجز المالي الذي تعاني منه الجامعات الفلسطينية، ويبدو أن إدارات الجامعات قررت تحميل الطالب وحده مسئولية هذه الأزمة وكذلك تخلي الجامعات الأهلية والحكومية التي لا تهدف للربح، عن دورها التاريخي والمميز في دعم صمود المواطن في ضوء أزماتها المالية، وفشلها الإداري والمالي.