بقلم: سمير عباهرة
التحولات التي طرأت على المشهد السياسي في اسرائيل بحل الكنيست الاسرائيلي والدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة وما رافق ذلك من تقديم رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت استقالته وانتهاء حياته السياسية وما حدث من تغيير على تشكيلة الحكومة بإسناد رئاستها لوزير الخارجية يائير لابيد الذي بدأ رحلة البحث عن مصالحه الحزبية في الانتخابات القادمة والذي رأى ان ذلك يمكن ان يتحقق من البوابة الفلسطينية. فكثيرا ما كانت القضية الفلسطينية حاضرة في صلب الانتخابات الاسرائيلية سواء على المستوى السياسي او الامني وعلى ما يبدو ان هذه اصبحت سياسة متبعة لدى الساسة الاسرائيليين للوصول الى سدة الحكم من خلال استباحة الدم الفلسطيني والجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق الفلسطينيين والتي تشكل لهم روافع للوصول الى الحكم وما رافقها من انتهاكات واعتداءات ومصادرة الاراضي وتوسيع المستوطنات وصولا الى عمليات القتل التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي بحق الفلسطينيين. وجاء لابيد ليستنسخ التجربة نفسها التي مر بها اسلافه.
لابيد لا يوجد له تاريخ يؤهله لقيادة دولة الكيان بحكم انه لا ينتمي للمؤسسة العسكرية او الأمنية التي تحكم البلاد والتي تكون على اطلاع ببواطن الامور السياسية ولا يوجد لديه تجارب سياسية سوى الفترة التي تبوأ فيها منصب وزير الخارجية فلذلك بدأ سعيه مبكرا في البحث عن روافع للعودة الى الواجهة السياسية في الانتخابات القادمة من خلال استهداف الفلسطينيين وتوجيه الضربات لهم فبالأمس غزه واليوم نابلس وغدا من سيكون على خارطة الانتخابات الاسرائيلية؟
وكما كان متوقع حدوثه حدث فعلا ويحدث وسيطول هذا المسلسل مع اقتراب موعد الانتخابات الاسرائيلية فهذه هي عقلية قادة اسرائيل في الوصول الى سدة الحكم فقد اعتدنا في سنوات سابقة بان يكون الدم الفلسطيني هو رافعة الكتل والأحزاب الاسرائيلية في تحقيق اهدافهم بل هو المعيار الاكثر اهمية.رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي يائير لابيد ربما ذاق طعم حلاوة الحكم فوجه ضربته الاولى لغزه وتبعتها اخرى في نابلس وهذا يؤكد على محدودية قدرة القيادات الاسرائيلية في احداث اختراقات كبرى في الاستراتيجيات المرتبطة في التوجهات الكبرى للدولة.
المعيار الانتخابي ليس هو المعيار الوحيد في سعي اسرائيل لارتكاب جرائمها بل ان التصعيد الاسرائيلي اصبح سياسة واضحة ومبرمجة وممنهجة في ذهنية قادة دولة التطهير العرقي في ظل غياب الخيار التفاوضي السياسي وفي ظل انشغال العالم بالأحداث الجارية من حروب وتصعيد وتسخين جبهات وفي ظل التغيرات التي طرأت على المعادلة الدولية والنظام العالمي بما يفضي ربما الى ظهور عالم متعدد الاقطاب وربما تتشكل تحالفت وتكتلات جديدة وكل ذلك ربما شجع اسرائيل على مواصلة استهدافها للفلسطينيين والأرض الفلسطينية.
لابيد المستجد على المشهد السياسي الاسرائيلي عليه ان يعيد عقارب الساعة الى الوراء وان يكون اكثر ليبرالية من اسلافه وعليه ان يدرك ان توقيع اسرائيل معاهدة سلام مع الفلسطينيين جاء من منطلق حاجتها للسلام ولولا تلك الحاجة لما استجابت للانخراط في عملية التسوية وهي من اكثر الاطراف طلبا لها ولهذا فان استمرار ضياع فرص السلام لن تنعكس على الفلسطينيين وحدهم بل ستترك تداعياتها على اسرائيل ايضا.
لابيد ذاهب للغرق في الوحل السياسي وستبقى حكومات اسرائيل المتتالية والمتعاقبة ايضا تسير في نفس التيار حتى التسليم بالحقوق الوطنية الفلسطينية في اقامة دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية.