الداخل المحتل/PNN- كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الأحد، أن كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا يستبعدون اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة تبدأ من الضفة الغربية.
ووفقًا للمراسل والمحلل العسكري للصحيفة عاموس هرئيل في تقرير تحليلي له نشر بالصحيفة هذا الصباح، فإن الساحة الفلسطينية عادت للمناقشات الأمنية وعلى رأس قائمة التصعيد المحتمل في ظل التركيز على الاتفاق النووي الإيراني والتهديدات من جانب حزب الله بسبب قضية ترسيم الحدود البحرية.
ويشير هرئيل إلى التصعيد الذي وقع في غزة بداية الشهر الماضي والذي وقع بسبب حادثة اعتقال بسام السعدي القيادي في الجهاد الإسلامي من جنين، معتبرًا أن هذه الجولة كشفت من جديد عن "محدودية قدرة المنظمات في غزة على إلحاق الضرر بإسرائيل". وفق قوله.
وأضاف: "يصعب السياج المبني حول الشريط الحدودي، من عملية اختراق الأنفاق، ويتم اعتراض معظم قذائف الصواريخ بواسطة القبة الحديدية، لكن النجاح الذي سجل ل حماس العام الماضي خلال عملية (حارس الأسوار/ سيف القدس )، هو إشعال الأوضاع في القدس ومناطق الخط الأخضر".
ولفت إلى أن مخاطر التصعيد المحتمل حاليًا في الضفة الغربية أعلى من غيره في المناطق الثانية وهذا ما تجلى في الانتفاضة الثانية، ثم في فترات أقصر تميزت تلك المناطق بهجمات متفرقة في خريف 2014، ولمدة شهرين تقريبًا في الربيع الماضي، مشيرًا إلى أن الصعوبة الرئيسية والتي ظهرت هذا العام، هو عدم القدرة على وقف دخول "الإرهايين" بشكل كامل عبر خط التماس، والنتيجة قد تكون عمليات إطلاق نار وطعن في مناطق الخط الأخضر، وعندما بدأ ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات اعتقال واسعة في عمق الضفة الغربية زاد الاحتكاك مع المسلحين الفلسطينيين، ورغم توقف الموجة الأخيرة من الهجمات في أيار / مايو من العام الجاري، لكن حل مكانها اشتباكات عنيفة ومتكررة خاصة في شمال الضفة الغربية. كما يقول.
وأشار إلى أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد عمليات إطلاق النار وخاصة أثناء عمليات الاعتقال، وكذلك محاولات شن هجمات في الضفة ضد معسكرات ومستوطنات.
واعتبر هرئيل، أن ما يجري يعود لأسباب عدة ذكرت سابقًا، تتمثل في ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية، وظهور الخلايا المحلية بعد أن تركت السلطة فراغًا في بعض مناطق شمال الضفة الغربية، إلى جانب الركود السياسي من قبل إسرائيل والالتزام فقط ببعض الإيماءات الاقتصادية.
وأكد أن هناك مخاوف إسرائيلية حقيقية من فترة تصعيد طويلة تمتد لانتفاضة ثالثة أو نسخة قريبة منها، وهذا ما يظهر في محادثات كبار المسؤولين الأمنيين في الشاباك وأمان وقيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة، وخلالها يتم وصف ما يجري بأنه "انزلاق بطيئ، ولكن شبه مؤكد نحو أسفل المنحدر"، خاصة في ظل امتناع السلطة عن الدخول إلى تلك المناطق، وتأجيح حماس للوضع رغم أنها لا تسيطر عليها، وهذا يدفع الجيش الإسرائيلي لتعميق نشاطاته ضمن خطة "جز العشب" والتي أدت لاعتقال العشرات ما أنتج معلومات استخباراتية أدت للمزيد من الاعتقالات وقللت من نطاق الهجمات. كما يقول.
ويقول المحلل العسكري الإسرائيلي: "لكن الآن هناك خوف من نشوء حلقة مفرغة هنا: معظم الاعتقالات ليست موجهة ضد ناشطين بارزين، بل ضد المسلحين من الشباب المتورطين في إطلاق النار على القوات الإسرائيلية، وكل حالة وفاة إضافية لفلسطيني خلال عمليات الجيش، تزيد مشاعر الانتقام، ويدخل المزيد من الشباب إلى دائرة الاحتكاك".
ويقدر الجيش الإسرائيلي - بحسب هرئيل - بأن ما يقرب من 200 ناشط فلسطيني قد شاركوا مؤخرًا في الاشتباكات في نابلس وحدها، وهذه أرقام لم نشهدها في الضفة منذ سنوات، ربما منذ عملية "السور الواقي"، وهي نقطة التحول في الانتفاضة الثانية، عام 2002.
ويقول هرئيل: "هناك تغيير جوهري آخر مقارنة بالماضي، هناك الكثير من الأسلحة في الضفة الغربية اليوم، وفي ذروة الانتفاضة، شارك عناصر السلطة الفلسطينية أيضًا في القتال، لكن في الوقت الحالي، هذا لا يحدث، لكن الأسلحة الآلية الأكثر شيوعًا في الشارع الفلسطيني متاحة لكل خلية محلية، وهذا هو نتيجة سنوات من عمليات التهريب عبر الحدود مع الأردن، إلى جانب السرقات من داخل إسرائيل ومن قواعد الجيش الإسرائيلي، وتماثل هذه الظاهرة إلى حد ما ما يحدث في الجمهور العربي (فلسطينيي الداخل) في إسرائيل، حيث يتم استخدام الأسلحة بشكل أساسي لأغراض إجرامية".
وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع لصحيفة "هآرتس": "على مر السنين، تذكر الزيادة في عدد الأسلحة حاليًا، بالزيادة في عدد الهواتف المحمولة".
وبحسب هرئيل، فإنه لا تعرف أجهزة المخابرات في إسرائيل كيف تتنبأ متى ستحدث نقطة تحول ستجر الضفة الغربية إلى تصعيد كبير، خاصة مع التحذير الاستراتيجي الذي قدمته شعبة الاستخبارات قبل حوالي ست سنوات، بخصوص مثل هذا السيناريو، ولم يتحقق حتى يومنا هذا، ولكن طوال هذه الفترة، ازداد الإحباط بين الجمهور في الضفة الغربية بشكل كبير، والانتقاد الداخلي للسلطة الفلسطينية، وازداد بفعل الصراع على خلافة الرئيس محمود عباس بشكل علني.
وأشار إلى أحداث "حارس الأسوار/ سيف القدس" العام الماضي والمتعلقة بالوضع في المسجد الأقصى، وتصعيد حماس حينها بإطلاق صواريخ على القدس ردًا على ما يجري، مشيرًا إلى أنه مع كل شهر رمضان تتجه الأنظار نحو تصعيد محتمل في القدس بسبب التوترات في الأقصى وهذا ما كاد أن يجري هذا العام أيضًا، لكن لأسباب أخرى اندلعت مواجهة في أغسطس/ آب الماضي، وسيأتي رمضان العام المقبل وقد يكون هناك تصعيدًا جديدًا، لكن ما يحدث في هذه الأثناء هو تآكل مستمر في الوضع الراهن بالأقصى لصالح اليهود، ما يثير غضب المسلمين، وهو ما يتطلب تشديد التنسيق مع الأردن وإدارة الوقف وإعادة النظر في الترتيبات القديمة، والملك عبدالله الثاني يعبر باستمرار عن غضبه من السلوك الإسرائيلي، لكن الحكومات المتغيرة في تل أبيب لا تفعل الكثير حيال ذلك، وتسمح للحاخامات والمنظمات الأخرى بإملاء قواعد جديدة للعبة باستمرار والتي لا يقبلها لا الأردن ولا الفلسطينيون، وهذا يمكن أن يكون له نتائج مدمرة على الأرض.
ولفت هرئيل، إلى أن كل ما ذكر معروف جيدًا لدى المستوى السياسي في إسرائيل، لكن التحديق المستمر إلى اليمين - كما يقول - لما سيقوله زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو ، يجعل من الصعب على الحكومة الانتقالية الحالية اتخاذ خطوات ستحاول تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية، ناهيك عن تجديد العملية السياسية، ويبدو أيضًا أن المنافسة والتنافس بين رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الجيش بيني غانتس (السياسي الوحيد الذي لا يزال حريصًا على الحفاظ على الاتصال المباشر والمستمر مع قيادة السلطة الفلسطينية) يتدخل في القضية، وهناك خوف من أن يتم تصويرهم على أنهم يساريون للغاية وهو ما يشل أعضاء حكومة التغيير عن اتخاذ أي خطوات، ويجب الاعتراف بأنه حتى المستوى المهني (العسكري - الأمني)، الذي ينشر مخاوفه في مناقشات مغلقة، لا يخرج عن مساره لقرع أجراس الإنذار علنًا، باحتمال أن تتحول كل هذه الظروف في مرحلة ما إلى انفجار.
ويلفت هرئيل، إلى أنه حين اندلعت الانتفاضة الثانية في سبتمبر/ أيلول 2000، كان يعيش في الضفة الغربية حوالي 200 ألف مستوطن، والآن أصبح العدد 450 ألف، دون احتساب 300 ألف آخرين يعيشون في أحياء ومستوطنات بالقدس خارج الخط الأخضر، كما هو الحال مع الفلسطينيين، لم يشهد جزء كبير من الجمهور الشاب حاليًا والذي يقود المواجهات، الانتفاضة الثانية، والخطورة تكمن في أن اشتعال الأوضاع وتنفيذ مزيد من الهجمات واتساعها يتطلب صراع آخر يتمثل في حماية أكبر وفرض أمن شديد لحماية المستوطنين مع تزايد أعدادهم.
واعتبر أن غياب اتفاق سياسي، يعني استمرار الصراع وإدارته إلى الأبد دون تحمل أي عواقب، ويبدو أن الوصول لمثل هذا الحل يبدو وهم، والوضع على وشك الانهيار في أرض الواقع.