تل ابيب /PNN/ نشرت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الأربعاء، تفاصيل من شهادات التحقيق الذي أجري مع حراس سجن جلبوع الذي نجح 6 أسرى منذ عام بانتزاع حريتهم من داخله عبر نفق أرضي، فيما عرف باسم " نفق الحرية ".
ووصفت الصحيفة العبرية، ما جرى حينها بأنه من أكبر الإخفاقات الأمنية التي عرفها الاحتلال الإسرائيلي.
تقول الصحيفة في تقريرها: بعد سبع ساعات فقط من هروب الأسرى الستة من سجن جلبوع، جلست المأمور "نعوم" (حارسة في السجن)، أمام محققي وحدة التحقيق، في وقت كان يتم البحث فيه عن أولئك الأسرى، كانت نعوم المشتبه به المباشر في التقصير بما جرى، ومرت فتحة النفق التي حفرها الأسرى على بعد عشرات الأمتار من برج الحراسة الذي تقف عليه، لكنها لم تلاحظ شيئًا، واعترفت في شهادتها أمام المحققين أنها نامت أثناء الحراسة.
وتضيف الصحيفة: لم تكن نعوم وحدها التي نامت، لمدة تسعة أشهر من كانون الأول (ديسمبر) 2020 وحتى الهروب في أيلول (سبتمبر) 2021، حفر أسرى الجهاد الإسلامي نفقًا من الحمامات في الزنزانة رقم 5 في الجناح 2 بسجن جلبوع، إلى ما وراء جدران السجن، في طريقهم إلى الحرية، ولم يكن لدى مخابرات مصلحة السجون أي فكرة، فالعشرات من عمليات البحث خلال هذه الفترة الزمنية لم تظهر إشارة واحدة على نية الهروب، حتى الرمال التي تم اكتشافها في سباكة السجن، والتي أدت إلى أوامر متكررة من المجاري بفتح السدود، لم تشعل أي ضوء أحمر حول هذه النوايا، وليس هذا فقط - كما أثبتت لجنة التحقيق الحكومية - فالمساحات الموجودة تحت السجن لم تكن ممتلئة بالخرسانة، ولم يكن لقيادة السجن سيارة دورية، وتوالى السجناء على مراقبة الحراس مرارًا وتكرارًا.
الحارسة "نعوم" وصلت إلى السجن للخدمة قبل 5 أيام فقط من الهروب، وقبل ذلك كانت في سجن كتسيعوت، وفي تلك الليلة عشية رأس السنة الميلادية اليهودية، لأول مرة تمركزت في برج حراسة الزاوية المعروف من قبل الحراس بأنه "البرج التاسع"، وبدأت مناوبتها في منتصف الليل، وفي حوالي الساعة 1:30 ليلًا بدأ السجناء بالخروج من النفق خارج السجن.
قالت نعوم في شهادتها: "أخبرني الضابط أن حراسة البرج أشبه بلعب السمك المملح .. يجب أن أنظر إلى من فوقي، ومن خلفي، ومن يقف إلى جانبي، أي إذا كان هناك من يحاول دخول السجن أو الخروج منه"، كما شهد الضابط نفسه أنه شرح لها الأمر "إنها مثل لعبة الغميضة، سألتها: هل تعرفين اللعبة؟" وقالت "من يقف ورائي وبجانبي وفوقي وتحتي".
قالت نعوم إنها بسبب آلام الظهر لم تجلس على كرسي مرتفع في البرج بحيث ترى كل شيء بـ 360 درجة، ولكن على كرسي منخفض لا يسمح بمجال رؤية واسع، وبينت أنه "في الساعة 1:20 سمعت ضوضاء أسفل برجي مباشرة، خرجت، ولم أر شيئًا، وكنت أخشى أن يكون أحدهم قد دخل إلى موقعي، ثم سمعت صوت الحصى، واستدرت ولم يكن هناك شيئًا، وعادت للجلوس على الكرسي بعد أن لاحظت أن كل شيء على ما يرام، ولم تقم بالإبلاغ لأنها لم ترى شيئًا، وكانت تعتقد أن ما تسمعه مجرد تخيلات".
واعترفت نعوم أنها غفوت قليلًا لأنها كانت تعاني من آلام في المعدة، وأن ذلك كان ما بين 12:40 إلى 1:20 ليلًا، وفاقت عندما سمعت ضجيجًا، وكانت مستيقظة، ولم تكن في حالة نوم كامل.
وتشير الصحيفة العبرية، إلى هناك برجان آخران للحراسة لم يلاحظ منهما خروج السجناء السنة، وبسبب نقص القوى العاملة، فإن برج 8 الذي حفر النفق أسفله بشكل مباشر وكان قريبًا جدًا من حفرة الخروح لم يكن فيه أي حارس، أم برج 7 الذي يطل أيضًا على حفر الخروج كان الحارس "إيلان" في ذلك الوقت ويخدم في سجن منذ عام تقريبًا حينها، مثل "نعوم" كان مسلحًا ببندقية M16، وكان معه مصباح يدوي وجهاز لا سلكي، لكنه لم يتمكن من كشف أو ملاحظة أي شيء.
وشهد "إيلان"، أنه قضى الوقت في البرج وهو يدخن ويقرأ كتابًا، وفي حوالي الساعة الواحدة سمع صوت الكلاب تنبح، وخرج للتحقق، ونظر داخل السجن وحوله وإلى منطقة الحقول، ولم يجد أي شيء على مدار 3 دقائق كاملة.
ويظهر من التحقيق المدة التي استغرقها حراس السجناء ليدركوا فرارهم، ولم يكن هذا معروفًا لولا سائق مركبة أجرة لاحظ أشخاص مشبوهين يعبرون الطريق من السجن باتجاه حقول كيبوتس بيت هاشيتا، وأبلغ الشرطة الإسرائيلية عن طريق الهاتف حول ذلك في الساعة 1:49 ليلًا.
وفي مصادفة غريبة - كما تقول هآرتس - قبل وقت قصير، تلقت الشرطة الإسرائيلية مكالمة بخصوص شخصية مشبوهة بالقرب من السجن، وتبين أن هذه المكالمة كاذبة، ولكن ضابط دورية في الشرطة كان موجودًا في المنطقة حين جاء تقرير سائق التاكسي، وأكد خلال شهادته أنه اتصل بمركز التحكم في السجن وقالوا له: "اهدأ، إنه تغيير وردية .. قلت له: إنها الثانية صباحًا لا يمكن أن يكون"، قبل أن يعلن عند الساعة 3:20 صباحًا فقط أن ما كان فعلًا عملية هروب.
وتقول الصحيفة، إنه لم يتضح إلا في ساعات الصباح الباكر، أن الهاربين هم خمسة أسرى من حركة الجهاد الإسلامي والقيادي في فتح زكريا زبيدي، وتبين أن أيهم كممجي تسلل إلى الزنزانة في الليلة السابقة تحت مرأى الحراس.
وردًا على أسئلة المحققين قال ضابط المخابرات في سجن جلبوع، إن لم يكن يرى غريبًا طلب زكريا الزبيدي أن ينتقل إلى زنزانة أسرى الجهاد، لأنهم رفاقه من مخيم جنين، وإنه شخصية مألوفة وكلهم أصدقاء له، ولكن كانت هذه المرة الأولى التي يطلب فيها تغيير الزنزانة.
وبين الضابط، أنه لم تصله معلومات، أو لم يكن هناك تلميحات لإمكانية هروب الأسرى.
وتظهر التحقيقات أنه منذ لحظة الهروب وحتى تفعيل إجراءات الطوارئ داخل السجن، مر أكثر من ساعة، وحتى اكتشف فرار السجناء كانت هناك نصف ساعة أخرى، وكان الأسرى حينها اجتازوا المنطقة بأكملها.
وقال نائب قائد النوبة في تلك الليلة، إنه منذ أن تلقى اتصالًا عند نحو الثالثة، بأن سائقًا رأى 3 أشخاص قرب أبراج الحراسة، طلبت الاتصال به لتقديم توضيحات أكثر، وبعد ما سمعت منه تمامًا ما رأى، قررت تفعيل وضع الطوارئ بإطلاق صفارات الإنذار، واصطحبت بعض الحراس معي في الجولة وبدأنا المسح حول السجن وبداخله، وكل حارس كان يقوم بالعد في جناحه وحده، وعندما وصلوا إلى الجناح 2، وزنزانة رقم 5 لم يرد السجناء على السجان، وحينها أبلغوني بذلك وركضت للمكان مع حراس آخرين وفتحت الزنزانة ودخلت إلى الداخل ورأيت أكياسًا على الأسرة، ولم يكن هناك أي سجن، وفتحت باب الحمام ووجدت فتحة النفق، وأبلغت فورًا عن فرارهم.
وروى حارس آخر اللحظات الأولى عندما اتضح أن السجناء قد هربوا: "شير.. صرخت الزنزانة فارغة! لا يوجد سجناء! .. هربوا جميعًا".
وتبين من التحقيقات، أن الكاميرات التي تم تركيبها حول السجن وعددها 4 فقط، سجلت عملية الهروب، لكن لم يراقبها أحد، وذلك لأن المراقب عليها كان يشاهد شاشات أخرى يتأكد من خلالها أن الحراس يؤدون عملهم كما هو مطلوب داخل السجن.
وبحسب التحقيقات، فإنه خلال الوقت الذي تم فيه حفر النفق، تم إجراء ما مجموعه 27 عملية تفتيش في الزنزانة رقم 5 في الجناح 2، والتي فر منها السجناء، ووفقًا لضابط كبير في الشاباك لم يعثر على أي شيء، وكان بعض الأسرى الذين فروا ومنهم محمود العارضة، وكذلك الذين شاركوا في الحفر مثل إياد جرادات، قد وقعوا على حراس السجن على تقارير بأن الزنازين سليمة، ولا يوجد فيها شيء.
وكان من المفترض أن يتم إجراء بحث شامل في الزنازين قبل فترة وجيزة من الهروب، إلا أنه تم تأجيل ذلك بقرار من المنطقة الشمالية بسبب مشاكل لوجستية.
وبحسب هآرتس، فإن اللجنة الحكومية المشكلة ستواصل مداولاتها خلال الأيام المقبلة وتقدم تقريرًا نهائيًا بنتائجها في الأشهر المقبلة.
"شير" هي المأمورة عن جناح رقم 2 في السجن بأكمله ويتواجد فيه 90 أسيرًا، وهي من لم تقم بإحصاء الأسرى بشكل صحيح في تلك الليلة، ولم تلاحظ انتقال كممجي إلى الزنزانة 5.
وشهدت شير، بأنها عملت حسب الإجراء، وكل نصف ساعة كانت تدخل الزنازين في الجناح، وأن كل السجناء كانوا في زنازينهم.
ووفقًا للتحقيقات، فإن كان من المفترض أن تكون الزنزانة رقم 5 تحت مراقبة صارمة نظرًا لوجود أسيرين تم تعريفهما من قبل ضابط مخابرات السجن، بأنهما معرضان للهرب بشكل كبير.
في تلك الليلة وتحديدًا عند الساعة 1:30 ليلًا، وبينما كان السجناء في عمق النفق وفي طريقهم للخروج من السجن، كانت شير توقع في يوميات العمليات باسمها أنها أجرت تدقيقًا في الجناج مع التركيز على سجناء الزنزانة 5، وأن كل شيء كان على ما يرام، وعند الساعة الثانية كررت ذلك وأكدت أنه لا يوجد أي شيء استثنائي، وكررت ذلك عند الساعة 2:30، وعند الساعة 3 صباحًا، وفي حين كان السجناء الستة في طريقهم إلى كفر ناعورة حوالي الساعة 4:10، عادت شير لتكتب قبل ساعة من إعلان حوالي الطوارئ، وصلت إلى الزنزانة رقم 5 ولم يتم العثور على ستة سجناء.