بقلم: سمير عباهرة
منذ ان تسلم يائير لابيد رئاسة الوزراء خلفا لنفتالي بينيت الذي قدم استقالته وانهى حياته السياسية ارتفعت وتيرة التصعيد الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بشكل غير مسبوق الامر الذي طرح تساؤلات عديدة حول دوافع وأسباب هذا التصعيد في هذه المرحلة وهل هو ناتج عن دوافع سياسية ام امنية ام ان هناك اجندة اخرى تلقي بظلالها في المشهد السياسي الاسرائيلي. هذه الاحداث التي تشهدها الساحة السياسية الاسرائيلية يتقاطع عندها فضاءات يتشابك فيها الايديولوجي والسياسي والامني حيث استغل لابيد حالة التدهور الحاصل في العلاقات الدولية والإقليمية نتيجة الكثير من المتغيرات التي طرأت على المعادلة والتوازنات الدولية نتيجة الاحداث العسكرية الدائرة في اوروبا وطبيعة التحالفات والتكتلات التي افرزتها هذه الحرب وابتعاد الصراع الفلسطيني الاسرائيلي عن دائرة الاهتمام الدولي فوجد الفرصة مواتية لإحداث اختراق في اهم عناصر الصراع والمتعلق بملف التسوية التي بات اسرائيل تعتبرها من الماضي وإدخال عناصر اخرى تتمثل بازدياد الحملات العسكرية داخل الاراضي الفلسطينية وعمليات الاغتيال وحملات الاعتقال وهدم البيوت وإطلاق العنان للمستوطنين. رئيس وزراء اسرائيل الحالي وان كان شخصية مستجدة على مقاليد السياسة الدولية بحكم انه لا ارث سياسي او عسكري له الا انه لم يخالف تقاليد قادة اسرائيل في استمرار تنكره للحقوق الوطنية الفلسطينية رغم ان شعبنا الفلسطيني اعتاد على رجالات المؤسسة العسكرية الاسرائيلية لتبؤ الحكم والتعامل مع القضية الفلسطينية من منطلقات امنية وليست سياسية ورغم افتقار لابيد لهذا الارث الا انه يمتلك DNA الصهيونية التي لا تعترف بالشعب الفلسطيني وحقوقه فلابيد لا يمتلك تلك الخبرة والتجربة السياسية التي دفعته لتسخين العلاقة مع الفلسطينيين والتنصل من كل ما يرتبط بعملية السلام من افكار لكن ربما الوصول الى الحكم كان احد ركائز هذه المرحلة عندما تقف الايدولوجيا وتطغو على كافة الاستراتيجيات المرتبطة ببناء الدولة.
هذه المرحلة تعكس انطباعات وتساؤلات سلبية حيث تحاول اسرائيل ان تفرض نفسها كجزء من المعادلة الدولية في ظل انشغال العالم بالتحولات التي حدثت وتحدث نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية وبداية انهيار نظام القطب الواحد الذي كانت تتزعمه الولايات المتحدة والتي تشكل الدرع الحامي لإسرائيل وبداية ظهور نواة تكتلات وتحالفات جديدة مناوئة لسياسة القطب الواحد ويؤسس لنظام دولي متعدد الاقطاب وهو ما يمكن ن يلقي بظلاله سلبيا على اسرائيل التي رأت ان تستغل هذه الاحداث وان تذهب بعيدا في محاولتها اخضاع الفلسطينيين ونسف ما تبقى من مفاهيم اوسلو واتفاقية السلام الموقعة وفرض سياسة الامر الواقع حول مستقبل الاراضي الفلسطينية في ظل صمت دولي على الجرائم الاسرائيلية وتراجع الموقف الاسرائيلي بخصوص عملية السلام ربما والمدعوم دوليا المشهد الفلسطيني حاضرا ودوما في الانتخابات الاسرائيلية وان كانت بنسب متفاوتة وحسب متطلبات المرحلة لكن هذه المرحلة هي الاكثر سخونة في صراع الكتل المنافسة وتكمن سخونتها في محاولات نتنياهو للعودة الى الحكم وهذه ايضا فرصة لابيد الذي يريد ان يكون وصوله الى سدة الحكم من خلال خنق الفلسطينيين حيث تشير استطلاعات الرأي الى ارتفاع اسهم لابيد نتيجة هذه السياسة المتبعة مع الفلسطينيين وربما ترتفع اخرى فيما لو رفع وتيرة التصعيد مع الفلسطينيين.
لكن المتتبع للسياسة الدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي يجد ان الكثير من المشاريع السياسية اتي لا تعطي الفلسطينيون حقوقهم قد فشلت واخرها كان صفقة القرن التي افشلها الفلسطينيون بصمودهم ومن المفترض ان يستخلص قادة اسرائيل دروسا كثيرة حول اسباب فشل كافة المشاريع المطروحة والجواب بكل بساطة لأنها كانت تستثني الفلسطينيين من نيل حقوقهم وعليه فان حل الدولتين هو الطريقة الوحيدة التي يمكن ان تخرج اسرائيل من وحلها السياسي ويؤدي الى استقرار الساحة السياسية مع الفلسطينيين.