أسرى الحرية والدور المطلوب ..
بقلم النائب فتحي القرعاوي
مع بزوغ شمس نهار كل يوم على الخلائق ثم تعود لتغيب وتطوي معها يوماً ربما ينتبه البعض إليه أو لا .. باستثناء فئة من أبناء الشعب الفلسطيني، فإنها تعد لحظات النهار والليل.. دقائقه وساعاته، إنهم الأسرى، هذه الفئة الكريمة من أبناء الشعب الفلسطيني والذين تتفاوت أعمارهم ما بين ال 18 عاماً الى ما بعد وما فوق ال 60 عاماً وكذلك تتفاوت محكومياتهم حتى تصل محكوميات البعض إلى رقم جنوني لا يمكن لبشر أن يستوعبه إلا في ظل الاحتلال خاصة عندما تعلم أن بعض الأسرى هم محكومون بعشرات المؤبدات.. وهذا يعكس العقلية الحاقدة التي تتابع ملف الأسرى والأسيرات أو حتى الملف الفلسطيني كاملاً.
إن الشعب الفلسطيني محكوم بهذه العقليات، فأنت لا تتفاجأ عندما ترى هذه الأحكام الخيالية والتي لا يوجد مثيل لها إلا في ظل دولة الاحتلال.
ولكن بالمقابل ماذا قدم الناس لقضية الأسرى، سواءً على مستوى السلطة الفلسطينية أو الحكومات العربية أو الشعوب، إنه شيء لا يكاد يقدر بالمقارنة مع حجم التضحيات العظيمة من قبل الأسرى والأسيرات والتي تضعهم في أجواء لا يستطيعون فيها التكهن بمستقبلهم ولو لساعات.
إن واجب هؤلاء الكرام يقع بالدرجة الأولى على عاتق الأمة العربية التي تعهدت بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وذلك بابتداع وسائل وأساليب من شأنها أن تدفع الاحتلال للإفراج عن الأسرى رغماً عنه ثم على عاتق السلطة الفلسطينية والتي تعالج الموضوع بطريقة هشّة وليس فيها أوراق ضغط أو شيء من الجدية مما يضع هؤلاء الأسرى في أجواء المجهول أيضاً.
إن معالجة موضوع الأسرى لا يحتاج إلى مجرد تشكيل وزارات ولجان تخص الأسرى فحسب وإنما يحتاج الى وقفة جادة لمعالجة كل ما يحتاجه الأسير داخل قلاع الأسر ابتداءً من قضية المأكل والملبس والاستقرار الداخلي ومروراً بعائلة الأسير وأولاده وأسرته وانتهاءً بمصروفه اليومي وتاريخ إطلاق سراحه، للأسف الشديد لا توجد خطة واضحة لدى وزارات الأسرى تفصح عن مستقبل الأسرى وعن معاناتهم ومعاناة أهليهم وذويهم وإنما هناك خطط بخطوط عريضة لا تتجاوز بأن تكون مجرد حبر على ورق.
إن الأسرى والأسيرات في سجونهم وزنازينهم يعدون الأوقات التي تمر بالدقيقة والثانية ويتابعون أخبارهم في الخارج وإلى أين وصلت لحظة بلحظة وهذا من شأنه أن يضع الكل الفلسطيني سلطة وفصائل وأفراداً عند حدود مسؤولياتهم، فليس من المروءة أن تسمع عن أسير محكوم بعشرة مؤبدات وعن آخر لا زال في السجن منذ 20 عاماً والأمثلة كثيرة كثيرة، وهذه إشارة إلى حالة اللامبالاة تجاه هذا الملف الكبير.
إن الاحتلال يترنّم على عذابات الأسرى وعلى أوجاعهم وآلامهم، ولذلك كان لا بد أن تكون هناك لجنة واسعة بل أوسع من الوزارة من شأنها متابعة كل ما يلزم الأسير ابتداءً من عملية التنقل وقضية الطعام وإدخال الملابس في الصيف والشتاء والحاجيات التي تلزم كل أسير وأسيرة.
وهناك من الأسرى من يتأخر ملفه مما يجعله يتأخر في السجن وهذا ناتج عن الوضع المالي للأسير الذي لا يملك المال الكافي لتوكيل محامي بارع يتابع قضيته، فيترك الملف لبعض الجهات الحقوقية والتي لا تعطيه الأهمية البالغة مما يؤدي إلى الحكم على الأسير حكماً عالياً.
وختاماً .. يجب على الكل الفلسطيني أفراداً ومؤسسات وجهات ذات اختصاص أن تولي قضية الأسرى والأسيرات أهمية بالغة، وأن تتابع موضوع أسرهم لأنه لا يقل أهمية عن موضوع الأسير والذي يساهم دائماً في استقرار الأسير أو جعله في حالة ارتباك.