واشنطن/PNN/اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، في خطاب ألقته، اليوم الخميس، في العاصمة الأميركية واشنطن، أن على الدول والمؤسسات التحرك معا في مواجهة المخاطر المتنامية بحصول انكماش في كل أنحاء العالم.
ودعت جورجييفا إلى "مزيد من الإرادة للتحرك الآن ومعا" في مواجهة خطر رؤية "فترة الهشاشة هذه تصبح وضعا طبيعيا جديدا خطيرا".
وقالت: "هناك حاجة ملحة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد. (...) في صندوق النقد الدولي، ندعو إلى عمل مشترك" بين الدول بهدف استباق الأزمات المستقبلية.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، ستنشر المؤسسة الثلاثاء توقعاتها للنمو للسنة المقبلة، وستتم مراجعتها لخفضها كما حذرت جورجييفا. والسبب، تضاعف الأزمات التي عززتها تداعيات الحرب في أوكرانيا والكوارث البيئية التي ضربت عدة مناطق من العالم هذا الصيف وأدت إلى زعزعة استقرار اقتصاد عالمي كان متضررا أساسا بسبب وباء كوفيد-19.
وأضافت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أن الوباء شكّل "تحولا أساسيا بالنسبة للاقتصاد العالمي" حيث انتقل من "عالم يمكن توقعه نسبيا" إلى "عالم معرض للصدمات ولانعدام يقين أكثر".
نتيجة ذلك، تتوقع المؤسسة الآن أن يشهد عدد كبير من البلدان تراجعا مدى فصلين متتاليين لإجمالي الناتج الداخلي، ما يؤشر إلى الركود بين نهاية هذه السنة والعام 2023.
وهو خطر يرتقب أن يطاول "حوالي ثلث الاقتصاد العالمي" فيما "بالنسبة للعديد من الأسر في مختلف أنحاء العالم وحتى لو كان النمو إيجابيا فسيكون لديها شعور بأنها في ركود بسبب ارتفاع كلفة المعيشة" كما أضافت جورجييفا.
وهذا يمكن أن يكون أسوأ: "انعدام اليقين مرتفع جدا في إطار من الحرب والوباء. وقد يكون هناك صدمات اقتصادية أخرى". لذلك فإن الأولوية الأهم هي منع الأسعار من مواصلة الارتفاع "لأنه بعيدا من كونها عابرة، فإن التضخم يترسخ".
بالتالي فإن المصارف المركزية تكافح عبر رفع معدلات الفوائد من أجل إبطاء الاقتصاد، وعدم التحرك الآن سيتطلب "معدلات أعلى ودائمة، ما سيتسبب بمزيد من الأضرار على النمو والوظائف" كما حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي.
وتنضم جورجييفا بذلك الى رئيس الاحتياطي الأميركي جيروم باول معترفةً بأن خفض التضخم "لن يكون سهلاً ولن يكون غير مؤلم على المدى القصير".
لكن يجب التنبه من سياسة تشدد نقدي "قوية جدا وسريعة جدا" وخصوصا بدون تنسيق، كما حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي مع مخاطر "إغراق العديد من الاقتصادات في ركود طويل الأمد".
فارتفاع الدولار، نتيجة رفع سعر الفائدة الرئيسي للاحتياطي الفدرالي، يعقّد الوصول الى القروض أمام العديد من الدول التي تقترض بهذه العملة وشهدت ديونها ارتفاعا نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.
وقالت جورجييفا "أكثر من ربع الدول الناشئة تخلفت عن سداد ديونها أو هي في مستويات صعبة بالإضافة إلى أكثر من 60% من الدول ذات الدخل المنخفض".
والخطر: أزمة ديون تتسع لتصل الى كل هذه الدول.
وقالت إن "المقرضين الرئيسيين مثل الصين أو القطاع الخاص يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم".
من المتوقع أن يجتمع وزراء اقتصاد مجموعة العشرين في واشنطن الى جانب محافظي البنوك المركزية على هامش الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي الأربعاء والخميس المقبلين. ويرغبون بشكل خاص بإحراز تقدم في مواضيع الضرائب العالمية وتنظيم القطاع المالي وحتى تمويل البنى التحتية.
وتابعت جورجييفا أنه إذا كان التحرك على المدى القصير ضروريا "فهو لن يكون كافيا لإنعاش الاقتصاد العالمي" داعية إلى "إصلاحات تحول" يعتزم صندوق النقد الدولي دعمها.
وبين النقاط التي يجب التنبه لها بحسب مديرة صندوق النقد الدولي "الاستثمار في الصحة والتعليم وشبكات أمان أقوى، هي أمور ضرورية" وكذلك الرقمنة وتطوير البنى التحتية الرقمية.
وخلصت إلى القول "علينا الاستجابة لهذه الفترة من عدم الاستقرار، عبر إرساء الاستقرار في اقتصاداتنا في مواجهة أزمة فورية وبناء استقرارنا في مواجهة أزمات مقبلة".