بقلم: د. رمزي عودة
يصف الكاتب الإسرائيلي جوداه غروس حكومة بلاده المرتقب تشكيلها بأنها "الحكومة الإسرائيلية الأكثر تدينا على الإطلاق"، حيث أن هذه الحكومة ولأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال ستتشكل من أحزاب دينية في الأساس تمتلك 33 مقعدا في الإئتلاف الذي يُتوقع أن يضم 64 عضو، وسيكون لأحزاب الصهيونية المتدينة وشاس ويهدوت هتوراة، ضعفي عدد المقاعد التي ستكون لحزب الليكود.
ويثور السؤال المركزي عند نجاح نتنياهو في تشكيل هذ الحكومة اليمينية الدينية حول اذا ما ستكون هذه الحكومة مقيدة بالإجراءات الليبرالية في حكومة الاحتلال، لاسيما في قضايا مشاركة المرأة في الحياة العامة والجيش ، والمثليين، والتشدد في فرض حرمة السبت، وإخضاع كثير من الخدمات التي تقدمها الوزارات والمؤسسات الرسمية لتعليمات الشريعة اليهودية. وذلك حسب تصريحات زعيم حزب الصهيونية المتدينة سموتريتش، الذي دعا إلى أن تصبح إسرائيل “دولة هالاخاه” – أي دولة تحكمها الهالاخاه أو الشريعة اليهودية. وفي الغالب، فإن الإجابة على هذه التساؤلات ستكون بالنفي، وستتحول ديمقراطية إسرائيل المزعومة الى طغيان حكم الأغلبية على حساب الأقليات، ولن يكون بمقدار الليكود أن يوقف إنتقال إسرائيل الى دولة ثيوقراطية. بحيث ستتحول الإجراءات والتشريعات في دولة الاحتلال تدريجيا الى تشريعات دينية خاضعة لمصالح وإمتيارات الحريديم والصهيونية الدينية التي دعمها نتنياهو نفسه ومنع إنقسامها في الانتخابات الماضية من أجل أن تعيده الى سدة الحكم.
وفي مقاربة السياسة الخارجية الإسرائيلية، فإننا نتوقع أن تحدث تحولات هامة وجذرية في عهد حكومة الثيوقراط. أهمها تقليص فرص التسوية السلمية، وتصعيد العدوان ضد الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة وداخل الخط الأخضر. كما لا يتم إستبعاد القيام بخطوات عملية لبناء الهيكل تحت المسجد الأقصى وفرض التقسيم الزمني والمكاني هناك.
ومن شأن هذه السياسات المتوقعة أن توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب إرتكاز حكومة الأخيرة على المتدينين والقوميين المتطرفين على حد تعبير توماس فريدمان.
ويتابع فريدمان أن هذه السياسات ستشهوه من صورة "إسرائيل الديمقراطية والليبرالية" لدى يهود العالم والمناصرين لها، ولن يكون بموسوعهم الدفاع عن هذه الصورة بعد.
بالمحصلة فان هذه الحكومة الدينية ستمثل تحديات حقيقية للشعب الفلسطيني ولكنها بالمقابل، وبسبب إرهابها وتطرفها الديني، ستجعلنا