بقلم: بكر أبوبكر
تتزايد الانتقادات الغربية ضد دولة قطر العربية حول عديد المواضيع المتعلقة بحقوق الانسان، من وجهة نظر الغرب المهيمن، ومنها حقوق العمال وطريقة معيشتهم و"استعبادهم"-كما يقولون- ما أدى لمقتل 8000 عامل (واحيانًا يقال 6000)، إضافة لاستخدامهم ومنعهم من أخذ أجورهم!؟ ما لم يتم التثبت منها أو اثباتها عمليًا.
كما ينتقدون دولة قطر الشقيقة أيضًا لأنها دولة عربية وإسلامية، ودولة صغيرة، تستضيف الحدث العالمي! واستطاعت أن تظهر وجهها العربي المشرق، ووجها الإسلامي عبر عديد الرموز والاستخدامات وما كان في افتتاح كأس العرب الذي سبق المونديال العالمي.
من التهم التي تواجه قطر أيضًا وتكرر ذكره كثيرًا أنها "اشترت المونديال"؟ كما علق أحد الأشخاص في الإذاعة الصهيونية بوضوح في صبيحة يوم افتتاح المونديال 20/11/2022م، ويضاف للاتهامات أيضًا أنها ترفض الشذوذ وما يسمى مجتمع الشاذين المناقض للطبيعة البشرية والفطرة، وأنها أيضًا منعت السكر وما يرتبط به من عربدة أثناء المباريات.
دعونا نقول أن العالم انبهر -منذ ما قبل الافتتاح الرسمي- بقدرة قطر القوية على تنظيم المونديال وبسرعة خارقة. ولك أن تستمع لحالات العجب والانبهار والدهشة من العديد من المعلقين والمشاهدين والمشاركين والضيوف، وكأنهم يعيشون في حلم أسطوري مشيرين لأجواء المونديال وما رافقه من نظافة وترتيب ونظام وسلاسة، وكأنهم في دولة أوربية-كما قالوا، إضافة لكرم الضيافة الذي يشتهر به العرب عامة.
وإضافة لحالة الانبهار العالمي بمستوى التنظيم القطري، رغم الإسراف المالي المهول الذي يُعاب على الدولة، (أكثر من 200 مليار دولار، لتكون هذه التكلفة الأعلى في تاريخ كأس العالم، وقبلها في مونديال موسكو كانت التكلفة تمثل العُشُر أي 20 مليار دولار) فإن كثير من حالات الاتهام مثل معاملة العمال بقسوة واستهانة واستعباد لم تثبت، حيث أن صحيفة "الغارديان" وهي التي أشارت لرقم القتلى بحدود 6000 قتيل آسيوي من العمال هي ذاتها التي تنصلت لاحقًا من هذا الرقم العبثي والذي لا مصدر له.
وفي ذات السياق وكأن المونديالات السابقة التي عقدت في أوربا أو أمريكا أو غيرها، لم تكن فيها تلك الدول المستضيفة متهمة بخرق حقوق الانسان؟! ولمن يتعجب عليه العودة لتقارير منظمة العفو الدولية ليرى حجم الانتهاكات ضد حقوق الانسان فيها جميعًا.
في إدعاء "شراء المونديال" من قبل دولة قطر فإن الجميع يعرف أن عديد الدول التي استضافت المونديال قبل قطر قد اتهمت برشوة الدول المصوتة، ومثال على ذلك الفضيحة المدوية لشراء ألمانيا لأصوات الدول الإفريقية التي دفع الألمان لها الملايين في كأس العالم للعام 2006 لتستضيفه ألمانيا، وقِس على ذلك. فالتهم دومًا جاهزة ولم تسلم منها أيضًا دولة قطر، أصح ذلك ام لم يصِحّ فهو متكرر في كأس العالم..
مهما اختلفنا في المواقف مع السياسة القطرية خاصة تجاه فلسطين في بعض المفاصل على سبيل المثال، فإن هذا لايمنعنا بتاتًا من إعلان وقوفنا مع بلد عربي وبلد إسلامي نعتز به وبشعبه العريق، وبما قام به هذا الشعب والبلد من أشياء لم يستطع حتى أعظم دول العالم أن يقوم بها من تنظيم وترتيب وإعداد خرافي، يحتاج لتأصيل وفكر تقدمي عروبي شمولي لاحق على طريقة التعاضد على شاكلة الاتحاد الاوربي على الأقل.
إن مما يثير الاعتزاز أيضًا أن من الملاعب أو المحافل الرياضية (الاستادات) قد تم تصميها من قبل أسطورة التصميم العراقية زها حديد (رحمها الله) وهي التي صممت استاد الوكرة في قطر، بالإضافة لتصميمها عدد كبير من المعالم العمرانيّة والمدنيّة في العالم مثل: الاستاد الأولمبيّ، في لندن، الذي استضاف الألعاب الأولمبيّة في عام 2012، والمبنى الرئيسيّ لمصنع "بي أم دبليو" في "لايبزيج"، ودار الأوبرا في دبي، ودار الأوبرا في «غوانغجو» الصينية. بالإضافة لدور المهندس القطري إبراهيم الجيدة الذي صمم استاد الثمامة، وغيرهما.
وفي المقابل نحن مَن نقف مع الثقافة العربية الاسلامية-المسيحية المشرقية التي أصرّ عبرها القطريون الأشاوس على رفض الشذوذ المناهض للطبيعة البشرية، والذي يثير كامل الاشمئزاز والقرف من قبل كل ذوي الحس السليم والإيمان المتين لكل الأديان عامة. والمروفض كليًا في حضارتنا المتميزة، والتي لاتتفق هنا في أخلاقها وقيمها مع تلك الغربية المهيمنة التي تحاول أن تتسلط وتكسر تميز حضارات الآخرين الذين منهم الحضارة الصينية والهندية والسلافية.
عشاق كرة القدم على موعد في الدوحة من 20 نوفمبر الجاري حتى 18 ديسمبر المقبل للاستمتاع بالمونديال. فلقد تم تجهيز كافة الملاعب ومرافق التدريب والمناطق المخصصة للمشجعين بتقانة للتبريد بالطاقة الشمسية للحفاظ على درجة حرارة معتدلة. مع العلم أن جميع الملاعب صديقة للبيئة مع إمكانية التحكم في درجة الحرارة بها. كما تتمتع بعناصر قياسية سيعاد تشكيلها بعد البطولة، لتصبح تراثاً دائماً لكأس العالم 2022.
وبحسب"اللجنة العليا للمشاريع والإرث" الموكلة بتنظيم مشاريع مونديال قطر، سيترك المونديال إرثًا عالميًا يضع معايير جديدة على صعيد تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى في المستقبل.
لنضع شارة علم فلسطين على زنودنا في قطر، ولنرفع فيها علم فلسطين حيث انطلقت حملة إلكترونية تحت اسم “حلم فلسطيني” بهدف تعريف العالم بالقضية الفلسطينية خلال بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022.ودعت الحملة الجماهير العربية الحاضرة للمباريات والفعاليات المصاحبة إلى رفع علم فلسطين، والهتاف لفلسطين في المدرجات والساحات وعند تجمع جماهير المنتخبات.وبذلك تكون فلسطين حاضرة في المونديال وفي كل مكان حتى التحرير.
نحن مع أي تقدم او تطور او فرصة تتاح لأي دولة من دول هذه الامة للانطلاق نحو الأفضل، لأننا نرى بتقدمها خطوة او خطوات على طريق الوحدة، او التعاضد والتكامل المفضي آجلًا اوعاجلًا لاستلهام تجارب الامم مع إرث حضارتنا المتميزة لنتخذ مقعدنا بين الأمم ولتظل فلسطين قلب الحدث التي بدونها لن يكتمل حلم الأمة المتكامل.