رام الله /PNN/ ناقشت الحلقة الجديدة من برنامج “عين على العدالة”، الذي ينتجه المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء “مساواة” بالشراكة مع وكالة مدى الأخبار القرار بقانون المعدل لقانون التقاعد والمرسوم الرئاسي بإنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية وتعديل مدونة السلوك القضائي.
وشارك في الحلقة المحامي د. عبد الفتاح الربعي الخبير في القانون الجنائي والإداري، والمحامي محمد الهريني عضو مجلس نقابة المحامين.
أكد د. الربعي أن التعديل الأخير على قانون التقاعد لم يكن أول تعديل على هذا القانون، فقد سبق ذلك تعديل آخر جرى عام 2007 وكان أول تعديل يجري على هذا القانون، كما جرت عدة تعديلات على القانون ذاته في أعوام 2014 و2018 و 2020.
وأكد المحامي الربعي أن التعديل الأخير على القانون لم يتطرق للأمور الضرورية المطلوبة منه، موضحاً “كنا في كل مرة يحدث تعديل ننتظر تعديلات تتعلق برفع نسبة التقاعد وليس بخفضها، كما كان هناك عدة مطالب تتعلق بقضية حصة الورثة من الراتب التقاعدي بعد وفاة الموظف”.
كما أشار الربعي الى أن بعض مواد القانون المعدل ألغت جملة “اعتبارات المصلحة العامة” الأمر الذي يتضارب مع مصلحة الموظف/ة، ويخالف حقوقه/ا التي كفلها القوانين ويتعارض مع عديد من نصوص القانون الأساسي وفي مقدمتها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (٣٠) من حظر النص في القوانين على تحصين أي قرار أو عمل إداري من رقابة القضاء، وإلغاء جملة “اعتبارات المصلحة العامة” يوصد الباب أمام الرقابة القضائية.
وفي جوابه على تسائل “لماذا تم إبعاد المجلس التشريعي أو مجلس الوزراء عن التدخل في قضايا لها علاقة في التقاعد وفقا للتعديل الأخير على القانون” أكد المحامي د. الربعي أن ذلك يمثل زيادة لمركزية هيئة التقاعد في أن تكون صاحبة الرأي الأول والأخير فيما يتعلق بالتقاعد، في حين أن المنطق يقول أن قانون التقاعد يجب أن يخضع لرقابة الدولة سواءً كان ذلك من خلال المجلس التشريعي أو مجلس الوزراء أو القضاء، فحين يتم استبعاد مجلس الوزراء من التدخل بقضايا التقاعد يصبح الأمر بيد هيئة التقاعد وهنا تكمن بعض أوجه المشكلة.
وتحدث الربعي عن المواد في القانون المعدل لقانون التقاعد المتعلقة باحتساب الراتب التقاعدي وفقاً لمعدل الراتب لآخر ثلاث سنوات، مؤكدا أن هذه اشكالية كبيرة ومساس خطير بحقوق المتقاعدين/ات.
وتطرق المحامي الربعي لنقطة أخرى مهمة تتعلق بحرمان الورثة من الراتب التقاعدي، فوفقاً لقانون التقاعد قبل التعديل الأخير، كان الورثة يتقاسمون الراتب التقاعدي في حال وفاة “الوالد أو الوالدة – الموظف” ويبقى راتب التقاعد يصرف لآخر وريث غير متزوج، أما الآن ففي حال وفاة الموظف يأخذ زوج أو زوجة الموظف الراتب التقاعدي وبعد وفاتهما يتم تحويل الراتب لصندوق التقاعد وليس لباقي الورثة.
وعلى صعيد آخر وفي قراءته للمرسوم الرئاسي بإنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية وتعديل مدونة السلوك القضائي أكد المحامي محمد الهريني أن القراءة الأولى لهذا المرسوم تقول أنه بعدما فشل المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة، ذهبت السلطة التنفيذية باتجاه إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية، وفي حقيقة الأمر لو راجع أي شخص الجهات التي تمثل هذا المجلس سيجد أنها السلطة التنفيذية جامعة نفسها مع السلطة القضائية، وهذا أمر خطير يؤسس للتدخل في شؤون القضاء وفي القضاء نفسه، ما يتعارض مع نص المادة “98” من القانون الأساسي والتي تقول: “القضاة لا سلطان عليهم لغير ضمائرهم”.
وتسائل الهريني “كيف يمكن ان تجمع رئيس المحكمة الدستورية على طاولة حوار ونقاش في لجنة واحدة؟ وهو الرقيب على دستورية القوانين التي تصدرها السلطة التنفيذية؟”.
“وكيف يمكن أن تجمع رئيس المحكمة الإدارية على طاولة تكون فيها تلك القرارات عرضة للطعن أمام المحكمة الإدارية؟ بالتالي هناك تناقض فاضح، عدا عن أن الرئيس ذاته يعين ذاته رئيسا لهذه الهيئة.”
كما أشار الهريني إلى خطورة غياب تمثيل المجتمع المدني ونقابة المحامين عن هذا المجلس، مؤكداً أن المجلس يحتضن كل من رئيس المحكمة الدستورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الإدارية ورئيس الهيئة القضائية لقوى الأمن والنائب العام ووزير العدل، وبالتالي لا يوجد أي جسم خارج إطار السلطة التنفيذية والسلطة القضائية في هذا التشكيل.
أما فيما يتعلق بتوقيت المرسوم، أكد الهريني أنه مرتبط بفشل المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة في الآونة الأخيرة، عندما خاضت نقابة المحامين إضرابا شجاعاً مهنياً.
وأكد الهريني أن نقابة المحامين تفاجأت بمرسوم تشكيل مجلس أعلى للهيئات القضائية، الأمر الذي يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الأساسي، مؤكداً أن النقابة أفصحت عن موقفها بهذا الخصوص، وأضاف ” هذا يؤسس للتدخل في شؤون القضاة، وسيكون عبارة عن مدخل للسيطرة على ما تبقى من السلطة القضائية، من أجل أن تتماهى السلطة القضائية مع السلطة التنفيذية إلى حد غير متناهي في ظل غياب السلطة التشريعية”.
وفي حديثه حول مدونة السلوك القضائي، ودلالات التعديل على مدونة السلوك القضائي والنتائج المترتبة على هذا التعديل وأثرها على استقلال القضاة، أكد الهريني أنه عندما تقرأ هذا التعديل تجده مدعاة للسخرية ومدعاة للضحك في كيفية صياغة التعديل واستخدام بعض العبارات التي كان من المتوجب الحذر وتوخي الدقة في استخدامها عندما تخاطب القاضيات بالإناث.
كما أكد الهريني أن القاضيات هما سيدات مجتمع، ويجب أن تكون اللغة في التخاطب معهن لغة موفقة تحترم مكانتهن، لكن للأسف لم يكن من أطلق المدونة موفقاً في تلك الصياغة، عدا عن استخدامه بعض المعايير التي تثير السخرية والتي تتعلق بلبس القاضي والقاضية على حدٍ سواء.
وأضاف “القاضي في وقاره وفي مكانته يستطيع أن يظهر بمظهر يليق بالمكانة التي يشغلها، واذا كان هذا القاضي غير لائق فيوجد طرق أخرى لمعالجة ذلك”.
واستغرب الهريني من بعض البنود في مدونة السلوك تتعلق بحرية الرأي الخاصة بالقاضي ومنعه من الادلاء برأيه في قضايا مجتمعية، المسألة التي تندرج ضمن الحرية الشخصية للقاضي، ولا يجوز المساس بها، ولكن للأسف من خلال التعديل الذي طرأ على مدونة السلوك هناك نوع من الترهيب داخل المؤسسة القضائية وهناك نوع من مصادرة الحقوق داخل المؤسسة القضائية.
كما أشار الهريني إلى أن نقابة المحامين شكلت مؤخرا مرصداً لحقوق الانسان من ضمن أهدافه ان ترصد وتتابع مدى سير العدالة في المحاكم، وسيكون للنقابة كلمة بخصوص التنقلات التعسفية أو التنقلات التي يراد منها ترهيب بعض القضاة جراء أدائهم أو جراء إصدارهم لأحكام لم ترُق لبعض الجهات سواء جهات تنفيذية أو غير تنفيذية.