بيت لحم/PNN- قال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب إن الرسالة التي تقارن أوكرانيا بفلسطين كانت "مهينة للغاية" و"مسيئة"” وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بينه وبين الفلسطيني خالد السبعاوي.
عندما تمت دعوة رجل الأعمال الفلسطيني الشاب خالد السبعاوي عام 2015 للانضمام إلى منتدى القادة العالميين الشباب (YGL)، وهي شبكة أنشأها رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب، كان مترددًا في القبول.
قال السبعاوي في تصريحات صحفية للجزيرة :"لقد كنت متشككاً في نخبوية المنتدى الاقتصادي العالمي، لكنني قبلت الدعوة عندما قيل لي أن هدف منتدى القادة العالميين الشباب هو إحداث تغيير إيجابي في العالم"
السبعاوي هو نجل لوالدين فلسطينيين من لاجئي غزة، يقيم حالياً في كندا، جاءت دعوة السبعاوي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تقتصر عضويته على “أشخاص استثنائيين” على خلفية تأسيسه لمشروع “طابو” الريادي الذي يكرس جهوده على توسيع نطاق ملكية الفلسطينيين للأراضي في فلسطين. هذا بالإضافة إلى شركته “Open Screenplay” التي تتخذ من تورونتو مقراً لها، ولها مكاتب في غزة، والتي تهدف إلى مساعدة كتاب السيناريو من مختلف أنحاء العالم على بدء حياتهم المهنية.
كان هذا الاعتراف بتميز السبعاوي أمراً عظيماً؛ إذ تُعنى العلاقات التي تربط منتدى القادة العالميين الشباب بالمنتدى الاقتصادي العالمي بالوصول إلى أهم الشخصيات في العالم، ناهيك عن دعوتهم لحضور القمة السنوية للمنتدى الاقتصادي العالمي، والتي عقدت الأسبوع الماضي في دافوس/ سويسرا.
إلا أنه تم تعليق عضوية السبعاوي من مجتمع القادة العالميين الشباب إلى أجل غير مسمى في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي.
يعتقد السبعاوي أن تعليق عضويته كان انتقاماً لرسالة أرسلها هو وأعضاء آخرون من منتدى القادة العالميين الشباب إلى شواب، متهمين المنتدى الاقتصادي العالمي بالتزام الصمت حيال ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الوقت الذي كان يعرب فيه شواب عن تضامنه مع أوكرانيا بعد الغزو الروسي لها.
وجاء في هذه الرسالة التي تم إرسالها في مارس/ آذار إلى شواب: “بينما نؤيد بشدة بيانك العلني بالتضامن مع شعب أوكرانيا، إلا أنه لا يسعنا إلا أن نشعر بألم شديد نتيجة انتقائية المنتدى الاقتصادي العالمي عندما يتعلق الأمر بالمثل الاخلاقية والتضامن على أساس الجنسية.”
وبحسب رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالسبعاوي ، ردّ شواب بغضب قائلاً إن أوكرانيا “حالة خاصة” وأن محتوى الرسالة “مهين للغاية” و”مسيء”، كما وهدّد بحلّ منتدى القادة العالميين الشباب.
مع ذلك، بينما لم يعترض وديع آيت حمزة، رئيس منتدى القادة العالميين الشباب، على محتويات رسائل البريد الالكتروني، إلا أنه نفى أن يكون سبب تعليق عضوية السبعاوي نتيجة الرسالة المرسلة إلى شواب.
قال آيت حمزة: “عندما ينضم قائد شابّ إلى مجتمع القادة العالميين الشباب، فإن العضوية تعني أن يلتزم تلقائياً بميثاق المجتمع وقواعد السلوك، وإن أي إخلال بهذا الالتزام قد يؤدي إلى تعليق العضوية. لقد تم تعليق عضوية خالد السبعاوي، لمدة غير محددة، من منتدى القادة العالميين الشباب في أيلول/ سبتمبر 2022.”
ورفض آيت حمزة تحديد سبب تعليق عضوية السبعاوي، لكنه قال إن أي تلميح إلى أن ذلك يتعلق بموقفه السياسي “لا أساس له على الإطلاق.”
حياد بشأن فلسطين، وتعاطف مع أوكرانيا
بدأ الخلاف بين شواب وأعضاء منتدى القادة العالميين الشباب في وقت سابق، في صيف عام 2021، أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة التي نتج عنها استشهاد ما لا يقل عن 260 فلسطينياً، من بينهم أكثر من 60 طفلاً في ذلك الهجوم.
في ذلك الوقت، كتب السبعاوي وعدد من أعضاء منتدى القادة العالميين الشباب رسالة أولية موجهة للمنتدى الاقتصادي العالمي وشواب، دعوا فيها المنتدى للتنديد بما ترتكبه إسرائيل في غزة.
وجاء في هذه الرسالة: “بصفتنا أعضاء في منظمة القادة العالميين الشباب ومجتمع جلوبال شيبرز Global Shapers، فإننا فخورون بتمثيل وتعزيز القيم التي يتبناها المنتدى الاقتصادي العالمي والاستجابة لدعوتكم حول القيادة المسؤولة.”
“نشعر اليوم أن هذه القيم يتم اختبارها من خلال صمتنا الجماعي كمجتمع تجاه الفظائع والعنف الذي ترتكبه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.”
بالنسبة للسبعاوي، اعتبر الحرب على غزة مسألة تمسّه شخصياً، ونسب ذلك لكونه فلسطينياً من غزة، بالإضافة إلى تعرّض مكتب شركته Open Screenplay في المنطقة المحاصرة في غزة للقصف الإسرائيلي، مما أسفرعن استشهاد أربعة أشخاص وإصابة موظفيه بالصدمة.
وقال السبعاوي : “أثرت الضربات الجوية الإسرائيلية على أعضاء منتدى القادة العالميين الشباب الذي يترأسه شواب. لقد أصبنا بصدمة لا تصدق وغضبنا من الهجمات الإسرائيلية العشوائية على غزة. أعتقد أنا شخصياً، وأكثر من ألف من الجهات المعنية في منتدى القادة العالميين الشباب والمنتدى الاقتصادي العالمي، بأن على شواب أن يتخذ موقفاً.”
وعلى الرغم من مناشدتهم لشواب، ردّ شواب من خلال مقال نشره على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي يسلط الضوء على ضرورة أن تبقى المنظمة محايدة.
“الحياد مكرّس في ميثاقنا كمنظمة دولية، كما وقمنا أيضًا بتضمينه في جميع قواعد الحوكمة لدينا، مما يسمح للأشخاص بالانخراط في المنتدى بغض النظر عن عرقهم أو جنسيتهم أو جنسهم أو قناعتهم السياسية، علماً بأن الغرض من المنتدى هو تحسين حالة العالم من خلال الحوار والتعاون ذي التوجه العملي” هذا بعض ما جاء في المقال.
تراجع شواب و المنتدى الاقتصادي العالمي عن هذا الموقف عندما أصدربياناً في شباط/ فبراير 2022، يدين الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال رمزي جابر، عضو منتدى القادة العالميين الشباب وزميل السبعاوي الموقّع على الرسالة: “شعرنا بالغضب عندما اتخذ المنتدى الاقتصادي العالمي موقفاً واضحاً ضد غزو أوكرانيا”.
“قيل لنا أن المنتدى الاقتصادي العالمي لا يمكنه التحدث علانية ضد الظلم لأنه هيئة محايدة ولا يمكنه ببساطة اتخاذ موقف علني، لنرى بعد بضعة أشهر فقط أن المنتدى الاقتصادي العالمي قد اتخذ موقفاً قوياً بشأن الحرب الروسية على أوكرانيا وأعرب عن تضامنه مع أوكرانيا”.
قالت ماري نزال، إحدى أعضاء منتدى القادة العالميين الشباب: “هذا بلا شك موضع ترحيب ومشجع بالطبع، لكن ما هو غير مرحب به هو ازدواجية المعايير.”
وقالت ريم خوري، إحدى أعضاء منتدى القادة العالميين الشباب: “لقد طلبنا من المنتدى أن يكون مثالاً يحتذى به في اتباع نهج استباقي في اللدفاع عن حقوق الإنسان بدءاً بمعالجة حقوق الإنسان في فلسطين. لقد طلبنا من المنتدى استضافة حواررسمي مع منظمة مراقبة حقوق الإنسان Human Rights Watch ومدافعين فلسطينيين وإسرائيليين عن حقوق الإنسان. أملنا الوحيد في السلام والازدهار هو من خلال الحوار المتعلق بالمساواة في حقوق الإنسان ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس ضد الفلسطينيين.”
قال أيت حمزة: “إن المنتدى الاقتصادي العالمي ومنتدى القادة العالميين الشباب قد سعيا بنشاط لإشراك الفلسطينيين”.
أضاف آيت حمزة قائلاً :”يتطور مجتمع القادة العالميين الشباب باستمرار، ويتم تمثيل القادة الفلسطينيين الشباب بشكل مستمر في المجتمع منذ عام 2020. لقد أطلق المنتدى عدة محاور نابعة من مبادرة المنتدى الاقتصادي العالمي ومجتمع جلوبال شيبرز في فلسطين انطلاقاً من ايماننا بأننا بحاجة إلى صوت يمثل الناس، وخاصة الشباب.”
انعدام الشفافية
بينما اتضح من رد شواب على رسالة منتدى القادة العالميين الشباب، التي تم إرسالها في آذار/ مارس، أنه يشعر بالإهانة، فقد احتفظ بازدراء خاص لرد منفصل قام بارساله إلى السبعاوي فقط، كما عُرض لقناة الجزيرة.
إذ قال شواب في رسالته عبر البريد الالكتروني: “إن نبرة ومحتوى الرسالة مسيئين للغاية وغير مناسبين لعضو منتدى القادة العالميين الشباب. علاوة على أن إرسال هذه الرسالة في وقت يخشى فيه العالم من التدمير المتبادل لهو افتقار للإحساس.”
قال السبعاوي، “إن لغة شواب الغاضبة، وانتقاده لنبرتي، وتلاعبه النفسيّ، ومحاولة التخويف الموجهة إليّ مباشرة، كشخص ملون، هي تصرفات نموذجية للرجال البيض في السلطة الذين يعتقدون أنهم يستطيعون الإفلات من العقاب. تكشف رسالة شواب بأن منتدى القادة العالميين الشباب ومنتدى الاقتصاد العالمي ليس لديهما اهتمام بجعل العالم مكاناُ منصفاً، بل يسيئون استخدام سلطاتهم على حساب المجتمعات المهمشة في جميع أنحاء العالم”.
بحلول شهر آب/ أغسطس، أدرك السبعاوي بأنه لم تتم دعوته لحضور القمة السنوية لمنتدى القادة العالميين الشباب، المزمع عقده في جينيف، بعكس أقرانه في المنتدى.
قام السبعاوي بإرسال بريد الكتروني يطلب فيه تفسيراً، وبحسب السبعاوي، فإن الرد الوحيد الذي حصل عليه هو بريد الكتروني بشهر أيلول/ سبتمبر يفيد بأنه قد تم تعليق عضويته “إلى أجل غير محدد” من المنتدى، ولم يوضح أي تفسير لهذا القرار.
قال أعضاء منتدى القادة العالميين الشباب الذين تحدثت معهم قناة الجزيرة بأن رسائل البريد الإلكتروني وتعليق عضوية السبعاوي هي أمثلة على ما يسمونه بنقص الشفافية داخل المنتدى.
قال جابر: “أعتقد بأن هناك تخوف من الانتقام من قبل منتدى القادة العالميين الشباب والمنتدى الاقتصادي العالمي، ولهذا السبب أعتقد أنه لم يكن هناك المزيد من أعضاء منتدى القادة الشباب العالمي الذين وقعوا على البريد الإلكتروني الذي يشير إلى المعايير المزدوجة”.
يقول جابر إنه سيستقيل من منتدى القادة العالميين الشباب تضامناً مع السبعاوي، كما تفكر نزال في تعليق عضويتها.
تقول نزال: "لطالما كانت قيمي أعلى بكثير من أي انتماء مؤسسي قد يكون لدي، وسوف أتصرف وفقاً لها".