بقلم: د. رمزي عودة
الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والابرتهايد
الحياه الجديده 4آذار 2023. في مشهد يعيد الى الذاكرة مذبحة دير ياسين، أحرق المستوطنون بلدة حوارة في نابلس، حيث قام مئات المتطرفون الصهاينة وتحت حماية جنود الاحتلال، بقتل فلسطيني وجرح 390 آخر، وحرق 35 منزلاً بشكل كامل و40 منزلاً بشكل جزئي، وحرق 100 سيارة عربية. وإستنكرت غالبية دول العالم هذه المحرقة بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي طالبت بالتحقيق والتعويض في الحادثة، ولكنها مع ذلك عرقلت جهود مشروع القانون الذي قدمته الامارات العربية الى مجلس الأمن لإدانة إسرائيل وفرض عقوبات عليها جراء هذه المجزرة.
وعلى عكس دير ياسين التي أبيدت سراً في حرب النكبة عام 1948 على يد عصابات شتيرن والبالماخ ، فإن محرقة حوارة حدثت أمام أعين الاعلام والجمهور، ونقلت صور القتل والتنكيل هنالك الى كل الدول تقريباً. المحرقة كانت علنية، ومع ذلك لم يتم إعتقال أياً من المتطرفين الإسرائيليين لعدم كفاية الأدلة! بالمقابل، فإن جيش الاحتلال المسؤول عن حماية المدنيين الفلسطينيين لم يطلق أي رصاصة أو قنبلة غاز لمنع هجوم المستوطنين، تماماً كما تعاملت "الهاجاناة مع مجزرة دير ياسين". ليس هذا فحسب، بل إنه في الوقت الذي محيت دير ياسين في إطار خطة "دالت" السرية بهدف تهجير الفلسطينيين، فإن ما حدث في حوارة جاء في إطار تحريض علني ورسمي من قبل حكومة دولة الاحتلال. فقد دعا وزير المالية الاسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الى "محي" بلدة حوارة الفلسطينية، وهي تصريحات "غير مسؤولة ومقرفة ومحرضة على القتل" على حد تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس . ولم يكن سموتريئتش هو الوحيد الذي أيد وحرض على إبادة حوارة، فقد سبقه النائب فوغل من حزب "القوة اليهودية" ورئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست والذي أعرب عن سعادته البالغة وهو يشاهد حوارة تحترق!.
يبدو أن العالم جميعاً عليه أن يقف ضد هذه الحكومة الفاشية الإرهابية الإسرائيلية. انهم لا يكتفون بالتحريض على العنف والقتل والابادة الجماعية للشعب الفلسطيني، بل إنهم سمحوا بتسليح المستوطنين ودربوهم على كيفية مهاجمة المدنيين كما فعل بن غفير ونتنياهو. واذا لم يتحرك العالم ضد هذه الحكومة فان "كبسة الزر" التي تمناها متان كاهانا نائب وزير الأديان الأسبق من حزب "يمينا"، سرعان ما تهجر الشعب الفلسطيني الى الدول المجاورة وليس الى سويسرا!
إن تصريحات بن غفير و سموتريتش وفوغل تأتي في سياق التحريض على الإبادة الجماعية، وهي جريمة دولية أقرت عقوبتها المادة 18 من مشروع مدونة الجرائم ضد أمن وسلامة البشرية لعام 1996، وكذلك النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية F17 ، والنصوص التي عرفت جريمة الإبادة الدولية في ميثاق الأمم المتحدة. وبالضرورة، فإن المحاكم الوطنية والدولية مطالبة بإعتقال قادة هذه الحكومة ومحاكمتهم وفقاً للنصوص القانونية السابقة. كما يجب مقاطعة هذه الحكومة الإرهابية من قبل دول العالم وفرض عقوبات سياسية وإقتصادية عليها. وأخيراً، علينا أن لا ننسى تذكير الولايات المتحدة بالقيام بواجبها الأخلاقي والقانوني بإعتقال سموتريتش ومحاكمته بتهمه "الممحاة"، حينما يزورها الشهر الجاري للمشاركة في مؤتمر "إسرائيل بوندز".