رام الله/ مؤشرات كتبها منجد جادو رئيس تحرير PNN حول كلمة الرئيس محمود عباس في مأدبة الإفطار الرمضاني التي أقامها بالأمس في مقر الرئاسة.
هادئا ومتمكنا مؤمنا بالحقوق الوطنية الفلسطينية، غير آبه بكل المنغصات والضغوطات والمواقف التي تحيط بالواقع الفلسطيني، هكذا كان الرئيس محمود عباس في حفل الإفطار الذي استضاف فيه قيادات فلسطينية من مختلف القطاعات وفصائل العمل الوطني، وأبناء شعبنا بالداخل المحتل عام 48.
بدأ الرئيس حديثه بالتأكيد على الثوابت الوطنية التي لن يحيد عنها، وأهمها إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وعلى أهمية الوحدة الوطنية التي من دونها لن نستطيع كفلسطينيين مجابهة هذا العدو البشع ومن يقف خلفه وعمل على إقامة دولة الاحتلال ويصمت عن جرائمها المتواصلة والمتكررة بحق الشعب الفلسطيني، وهي جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي
بدأ الرئيس الفلسطيني كلمته بالإشارة الى التسلسل التاريخي للأطماع بهذه الأرض منذ القرون الوسطى، وصولا لمخططات إقامة دولة إسرائيل التي رفضها قادة اليهود في بريطانيا وأوروبا، والذين تعرضوا لضغوط وطرد ومن ثم مغريات من أجل أن يقبلوا بالذهاب لفلسطين، حيث كانت هجرة اليهود على مراحل، وبدأت بتشكيل العصابات الصهيونية مثل اورغون وشتيرن، ومن ثم السعي لجلب اليهود العرب من الدول العربية، حيث تحدث الرئيس بأرقام وتواريخ تعكس معرفة وفهما للصراع وطبيعته.
الرئيس محمود عباس تطرق في حديثه الى مرحلة الصراع والثورة الفلسطينية المعاصرة التي قادها المرحوم ياسر عرفات عسكريا وسياسيا، بدءا من الخمسينيات، ومن ثم السيتينيات والسبعينيات، ومن ثم الحديث عن الإنتفاضة الأولى وكيفية دخول الفلسطينيين لمؤتمر مدريد بالشراكة، وضمن وفد الأردن ومن ثم تعطيل القيادة لمفاوضات واشنطن، ومطالبة منظمة التحرير بتمثيل الفلسطينيين لأنفسهم، حيث أشار إلى دعم الأردن للموقف الفلسطيني خلال مفاوضات الكردور بواشنطن، عندما أصرّ الفلسطينييون على عدم الدخول لقاعات المفاوضات لأشهر، واستطاعوا أن يحصلوا على الإعتراف الأمريكي تلاه الإسرائيلي بمنظمة التحرير قبل إتفاق اوسلوا الذي هاجمه الكثيرون بمن فيهم قيادات من فتح في حينه، مشيرا الى أنه رغم هذه الإنتقادات لهذاالإتفاق، إلّا أنه أعادنا وأعاد عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني للوطن.
كما أكد الرئيس على التآخي الإسلامي المسيحي، مشيرا الى وحدة الحال بين المسلمين والمسيحيين في القدس المحتلة التي يصمد فيها الفلسطينيون، ويصرّون على إحياء شعائرهم الدينية يحمل معاني كثيرة أهمها أن إسرائيل فشلت وتفشل في عزل القدس، وإنها تمنع حرية العبادة، وأن مشاهد الإعتداء على رجال الدين تعكس حقيقة هذا المحتل والصمود الفلسطيني الموحد في وجه الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات.
وأشار في كلمته الى الإعتراف الدولي بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، حيث كان الإعتراف بإسرائيل مشروطا بالإعتراف بفلسطين، مشددا على أن الصمود والدبلوماسية الفلسطينية قادت لأن تعترف الأمم المتحدة بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، وهو من خلال تخصيص يوم في الأمم المتحدة لإحياء النكبة، مشيرا الى أنه سيلقي كلمة مهمة خلال مشاركته في إحياء ذكرى النكبة في الأمم المتحدة الشهر المقبل.
تركيز الرئيس وحضوره للجلسة الخاصة في الأمم المتحدة التي ستحيي ولأول مرة في مقرها الذكرى الـ75 للنكبة في الخامس عشر من أيار المقبل، أمر له مدلول سياسي حول حق تقرير المصير وتطبيق القرار الأممي 194 الخاص باللآجئين.
وحول آخر مستجدات اللقاءات مع إسرائيل التي سعت الولايات المتحدة لعقدها بالشراكة مع الأشقاء في مصر والأردن من خلال مؤتمرات شرم الشيخ والعقبة، أشار الرئيس الى تحقيق إنجازات عديدة من إهمها أن حكومة اليمين وقعت على ورقة تعترف فيها بالإتفاقيات السابقة كأساس للحوار وهو ما يلغي عنجهية وإجراءات هذه الحكومة التي تسعى لتقويض حل الدولتين، كما أنها إعترفت بالحقوق المالية، لكن وكما هو معتاد كلما أبرم الجانب الإسرائيلي إتفاقا معنا يتراجعون، مشددا على أن الجزء الأهم في هذا الإتفاق هو إعتراف الأمريكيين بأن إسرائيل هي المعطل للإتفاقيات، وتأكيدهم على أنهم يشهدون أن دولة الاحتلال هي المعطل، حيث وعدوا بتقديم مساعدات وإسناد، لكنهم هم أيضا لم ينفّذوا حتى الآن أي من وعودهم لكن الجميع يلمس تغيير الموقف الأمريكي باتجاهات إيجابية وننتظر كفلسطينيين تنفيذ الوعود الامريكية.
وقال الرئيس:" على الرغم من الضغوط الممارسة علينا كفلسطينيين، إلّــا إننا استطعنا الحفاظ على القرار الوطني المستقل وضرب إمثلة على هذا الموقف".
وفي ختام حديثه، شدد الرئيس على أن من يعيش الأزمة هي دولة الاحتلال التي ظهرت عنصريتها التي كانت تختبىء تحت شعار واحة الديمقراطية، حيث ظهرت هذه العنصرية من خلال تميزها تجاه مواطنيها بين عرب ويهود وبين يهود غربيين وشرقيين، وبين يهود أفارقة وغيرهم، وهي أمور تعكس حقيقة إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة التي تمنع الشرقيين من تولي رئاسة الحكومة وتسعى اليوم لتغيير النظام القضائي، مشددا على أهمية الحضور العربي لأهلنا في الداخل المحتل في فضح السياسات الإسرائيلية.
الرئيس بدى بصحة جيدة، وكان حيويا، ومازح الحضور في أكثر من محطة، كما بدى واثقا من خطواته، وأشار الى أن بعض مواقفه وسياساته تلاقي انتقادات كثيرة محليا ودوليا، مشيرا أنه تحمل وجاهز لتحمل المزيد في سبيل مسيرة النضال، مشددا على أن كثير من هذه الإنتقادات وفي بعض الأحيان هدفها سياسي وهي شكل من أاشكال الضغوطات من إسرائيل وأعوانها التي لا يعيرها اي اهتمام.