بيت لحم/PNN- دخلت شبكة التدوين المصغر «تويتر» في أسوأ أحوالها بعد أن أطلقت شركة «ميتا» المالكة لشبكة «فيسبوك» تطبيقاً منافساً، وهو التطبيق الذي استطاع استقطاب ملايين المستخدمين في ساعات قليلة، خاصة وأن الطرح جاء متزامناً مع موجة غضب ضد «تويتر» بسبب فرض هذا الأخير قيوداً جديدة وإضافية على المستخدمين.
وأطلقت شركة «ميتا» العملاقة رسمياً يوم الأربعاء الماضي شبكة «ثريدز» التي تشبه إلى حد كبير في مواصفاتها «تويتر» وتشكل منافساً قوياً له، حيث يُركز على المنشورات النصية القصيرة.
ويعد «ثريدز» أكبر تحد لـ«تويتر» وصاحبه إيلون ماسك الذي نجح حتى الآن في صد أي منافس محتمل من التطبيقات والمواقع المشابهة التي ظهرت مثل «بلو سكاي» و«ماستودون».
وبات «ثريدز» متوافراً في متجري آبل وبلاي ستور منذ فجر الأربعاء الماضي، مع حسابات ناشطة عليه لمشاهير مثل شاكيرا وجاك بلاك، إضافة إلى وسائل إعلام، ومنصات مثل «هوليوود ريبورتر» و«فايس» وأيضاً نتفليكس.
وقالت قناة «بي بي سي» البريطانية إن شبكة التواصل الاجتماعي الجديدة «ثريدز» استقطبت 10 ملايين شخص في غضون سبع ساعات فقط من إطلاقها.
وكتب الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، في أول منشور له على التطبيق الجديد: «لنبدأ الآن. أهلا بكم في ثريدز».
ويعتمد التطبيق في انطلاقته على قاعدة المستخدمين الخاصة بـ«إنستغرام» التي تتخطى ملياري حساب، ما يوفر عليه تحدي البدء من الصفر.
لكن وفق مصدر مقرب، فإن مخاوف تنظيمية سترجئ إطلاق التطبيق في دول الاتحاد الأوروبي، حيث تخضع «ميتا» لقانون الأسواق الرقمية الجديد الذي يفرض قواعد مشددة على شركات الإنترنت الكبرى. وإحدى هذه القواعد تقيّد نقل البيانات الشخصية بين المنتجات المختلفة، كما سيكون الحال عليه بين «إنستغرام» و«ثريدز». وسبق أن ضُبط زوكربيرغ من قبل الهيئات الناظمة الأوروبية وهو يقوم بذلك عندما اشترى «واتساب».
ويقول الخبراء إن زوكربيرغ يستغل تخبط «تويتر» في ظل إدارة مالكه الجديد لإطلاق هذا المنتج المنافس الذي تأمل «ميتا» أن يصبح قناة التواصل المفضلة للمشاهير والشركات والسياسيين.
وقال رئيس التحليل المالي في شركة الاستثمار «إيه جيه بيل» داني هيوسون: «لا يسع المستثمرين إلا أن يكونوا متحمسين بعض الشيء إزاء احتمال وجود (قاتل لتويتر) حقاً لدى ميتا».
وجاء إطلاق شبكة التواصل الجديدة من شركة «ميتا» بالتزامن مع موجة الغضب التي تعم «تويتر» بسبب القيود الجديدة التي فرضها إيلون ماسك قبل أيام.
وأثارت القيود انزعاج عدد كبير من مستخدمي «تويتر» والمعلنين فيه، حيث بدأت المنصة بالحد من عدد التغريدات التي يمكن لأصحاب الحسابات مشاهدتها.
ويقول الكثير من المستخدمين إن شعبية «تويتر» بدأت تتراجع منذ استحواذ إيلون ماسك على الشبكة في خريف العام الماضي مقابل 44 مليار دولار أمريكي.
وأثارت «تويتر» مجدداً ردود فعل قوية الأسبوع الماضي، من خلال إعلانها فرض قيود على عدد التغريدات المسموح بقراءتها، عبر حصرها بـ10 آلاف يومياً لأصحاب الحسابات الموثقة، وألف تغريدة لسائر الحسابات، وحتى 500 تغريدة فقط يومياً لأصحاب الحسابات الجديدة، وهي سقوف رُفعت مرتين في بضعة أيام. والهدف المعلن من هذه الخطوة يكمن في الحد من الاستخدام المكثف لبيانات الشبكة الاجتماعية من جانب أطراف خارجية، ولا سيما من الشركات الساعية لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. هذا الاستخدام المكثف من شأنه أن «يعطّل الاستخدام العادي» من جانب مستخدمي الإنترنت، وفقاً لإيلون ماسك الذي أنهى أيضاً في اليوم السابق إمكانية الاطلاع على التغريدات من دون تسجيل الدخول وتحديد هوية المستخدم. واشتكى مستخدمون كثر من أن بعض الميزات باتت غير متاحة لهم.
كما أعلنت «تويتر» يوم الثلاثاء الماضي أنها ستحصر برنامجها «تويت ديك» المستخدم على نطاق واسع من جانب المتخصصين في المجال الإعلامي، بأصحاب الحسابات الموثقة، وبالتالي المدفوعة، في غضون شهر.
وأوضح الأستاذ في جامعة نورث إيسترن الأمريكية، جون وهبي أن «مسار المنصات بُني بالكامل على قدرتها على تقديم خدمة مستقرة وموثوقة من دون حدود للاستخدام» مشيراً إلى أن التعديلات الجديدة «يبدو أنها تغيير جذري». وفي ظل صرف أعداد كبيرة من الموظفين وعصر النفقات «يُتوقع منذ فترة طويلة أن تتدهور البنية التحتية للمنصة، لدرجة أنها ستصبح غير قابلة للاستخدام، أو أن الأعطال ستدفع المستخدمين للخروج» من المنصة، وفقاً لوهبي.
وقال مايك برو، من شركة فورستر إن «هذا سبب إضافي يدفع المعلنين إلى إنفاق ميزانياتهم المخصصة للشبكات الاجتماعية في أماكن أخرى». وذكّر بأن العلامات التجارية «تعتمد على جمهورها والتفاعلات مع المستخدمين» لكن «تويتر تدمرهما كليهما».
وسأل جاستن تايلور، وهو موظف سابق في «تويتر» بات اليوم نائب رئيس اتحاد دبليو دبليو إي للمصارعة المحترفة: «كيف ستشرح للمعلنين على تويتر أنه من المحتمل ألا يشاهد المستخدمون إعلاناتكم بسبب القيود على الاستخدام؟».
ويحمل هذا الإعلان الجديد ضرراً أكبر، لأنه أعطى الانطباع بأن إيلون ماسك لا يزال يمسك منفرداً بقيادة الشبكة، بينما تولت المديرة العامة الجديدة ليندا ياكارينو منصبها قبل شهر تقريباً، في محاولة لطمأنة المعلنين.