باريس/PNN- قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن مشروع إصلاح القضاء المثير للجدل في إسرائيل، لا يُقلق فقط حلفاء تل أبيب مثل فرنسا والولايات المتحدة، بل إنه قد يبطئ أيضاً التقارب الذي بدأ بين الدولة اليهودية والدول العربية.
فإذا كانت الأزمة السياسية التي تشهدها إسرائيل لم تقوض اتفاقات التطبيع، المعروفة باسم “اتفاقيات أبراهام”، المبرمة في عام 2020 مع المغرب والإمارات والبحرين والسودان، فإنّها قد تعطّل العلاقة الناشئة بين إسرائيل والسعودية، أقوى دول الخليج العربي، وذلك في وقت تضغط فيه الولايات المتحدة من أجل التطبيع بين تل أبيب والرياض.
وأشارت “لوفيغارو” إلى إرسال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس المُنصرم لمستشاريه للأمن القومي، جاك سوليفان، ولشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. كما أشارت إلى ما أثاره كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان، في اليوم نفسه، من احتمال أن يؤدي اتفاق أمني أمريكي سعودي جديد إلى التطبيع بين الرياض وتل أبيب، معتبراً أن ذلك سيشكّل “ انتصاراً لجو بايدن” على بعد عام واحد فقط من الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
غير أن مراقبين سعوديين بدوا متشككين، على غرار عزيز الغشيان، الباحث السعودي المتخصص في العلاقة بين المملكة وإسرائيل، والذي قال إن “مقال توماس فريدمان هو whishfull thinking، وهذا النوع من المعلومات ليس جديدا.. إنها تكهنات مقصودة لبنيامين نتنياهو لإعادة النظر في موقفه من خطته لإصلاح العدالة”.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أنه على الرغم من إقرار الباحث السعودي بأن مضمون المفاوضات الأمريكية السعودية صحيح، حسب قوله، فإن “السعودية ليست جاهزة بعد” للتطبيع مع الدولة اليهودية. لكن “الرياض، كما يقول، تدرك جيدا الثقل الذي اكتسبته ليس فقط على المستوى الإقليمي من خلال المصالحة مع إيران وتركيا وسوريا، ولكن أيضا على الصعيد الدولي مع الأزمة في أوكرانيا، وهذه طريقة لطلب المزيد” في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة على طريق التقارب مع إسرائيل. ففي مقابلة حديثة مع CNN، اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه: “ما زلنا بعيدين (عن التطبيع) لدينا الكثير لنناقشه”.
مزاج سيئ
مضت “لوفيغارو” إلى القول إنه بدون تنازلات إسرائيلية حقيقية لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيكون من الصعب على السلطات السعودية إضفاء الشرعية على أي تطبيع مع الدولة اليهودية. ويقول عزيز الغشيان: “لكنني لا أرى الحكومة الإسرائيلية الحالية تقدم مثل هذه التنازلات”.
يبدو السعوديون أقل حماسا للتقارب مع الدولة اليهودية، توضّح “لوفيغارو”، مشيرة إلى أن استطلاعاً للرأي شمل ألف سعودي أجراه مركز الأبحاث الأمريكي في مارس وأبريل، أظهر أن 20 في المئة منهم فقط يرون أن اتفاقيات أبراهام الموقعة بشكل خاص من قبل جيرانهم الإماراتيين والبحرينيين “تحقق نتائج إيجابية”. في المقابل، تقول أغلبية كبيرة تصل إلى 81 بالمئةـ إنه في حالة وقوع “زلزال أو كارثة طبيعية، فعلى الدول العربية المتضررة رفض أي مساعدات إنسانية إسرائيلية”.
لكن “لوفيغارو” أوضحت أنه في السنوات الأخيرة، كثفت السعودية وإسرائيل علاقتهما الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية في المقام الأول، لمواجهة التهديد الإيراني. في العام الماضي، وللمرة الأولى، شاركت المملكة رسمياً في مناورات بحرية أمريكية إلى جانب إسرائيل. لكن العاهل السعودي الملك سلمان لا يريد أن يسمع عن التطبيع مع إسرائيل.
وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أن المغرب والإمارات أظهرا انزعاجاً في مواجهة استفزازات الحكومة الإسرائيلية، لكنهما لم يذهبا إلى حد التشكيك في خيارهما الاستراتيجي لتطبيع علاقاتهما مع الدولة اليهودية. ففي منتصف يونيو، أجّلت الرباط النسخة الثانية لمنتدى النقب الذي كان من المقرر أن يستضيفه المغرب والذي يجمع، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر والأردن، الدول الموقعة على اتفاقات أبراهام. لكن في الوقت نفسه، حصلت المملكة المغربية من إسرائيل على اعتراف بالسيادة المغربية على أراضي الصحراء الغربية . أما الإمارات، فتواصل تأجيل زيارة بنيامين نتنياهو لها.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أنه حتى لو قامت السعودية بإشارات للتخلي عن معارضتها لوجود دبلوماسيين إسرائيليين في مؤتمر تنظمه منظمة اليونسكو في سبتمبر بالمملكة لأول مرة، لكن “من منظور السعودية، فنحن بعيدون عن التطبيع مع إسرائيل، وفق رجل أعمال فرنسي.