بعد سّنين حكم حركة حماس لقطاع غزة، هذه المدة "السبع عشرة سنة" قضت على أي مبررٍ أو ادعاءٍ يتعلق بشرعية الانتخابات التشريعية الفارطة أو عدم التمكين في الحكم، لم يعدّ ممكناً القبول بسيطرتها على الحكم أو الإبقاء على هيمنتها على مؤسساته فرضاً بقوة السلاح دون إعمال حق المواطنين باختيار ممثليهم في مؤسسات الحكم أيّ إجراء انتخابات عامة، ودون تقديم الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وتوفير الكهرباء والمياه النظيفة والحق بالعمل بجودة عالية؛ لوقاية الناس من المرض، وتحميهم من الفقر والجوع والعوز، وتوفر لهم حياة كريمة يتمسكون في العيش بالقطاع يطورون فيه حياتهم، ويبنون فيه أحلامهم دون خوف على مستقبل أبنائهم وأسرهم كبقية الناس.
لم يعدّ مقبولاً منع الناس من حقهم في الاحتجاج على سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بما فيها سوء خدمة الكهرباء "العنوان الأبرز اليوم"، ومن ممارسة حرياتهم في مناهضة السياسات والإجراءات الحكومية التي تمارسها لجنة متابعة العمل الحكومي وأجهزتها الأمنية والمدنية.
ولم يعدّ مسموحاً تلاعب السياسيين بمصير المواطنين تاراً بإعمال مؤسسات الحكم كالمجلس التشريعي لإقرار موازنة لجنة متابعة العمل الحكومي، وتاراً أخرى بالقول إنّ الحكم في قطاع غزة لا يمتلك موازنة ولا يقدر على ذلك، وفي اليوم التالي القول إنّ موازنة مؤسسات الحكم تعاني من عجز يقدر بـ 116 مليوناً.
ولم تعدّ السلطة القائمة في قطاع غزة قادرة على إقناع المواطنين بدورها؛ أهي سلطة حكم راعية لشؤون المواطنين وحامية لحرياتهم، أم أنّها سلطة مقاومة تزيل الاحتلال وتذود عن حياة المواطنين. وفي كلا الحالتين فشلت في إدارة الحكم وإقامة مؤسسات فعالة ومساءلة وحماية حريات المواطنين وحقوقهم الدستورية، وفشلت بالذود عن حياة المواطنين ودحر الاستعمار.
فعلى حدّ قول الرئيس الفارط للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل إنّ المسألة تتعلق بالصراع بين الإخوة على الكعكة، فما المانع على الأقل احترام طبقات الكعكة والغنائم التي فيها إلى أن يأذن الله بتوفيق المتخاصمين عليها أو ما تبقى منها "لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا" باستعادة الحياة في قطاع غزة؛ فالحكم الذي يروم البقاء والاستمرار في تنفيذ سياسته يقصد الناس بحسن تقدم الخدمات، وبترشيد إنفاقه بما يحقق رفاهتهم ورفاهة أبنائهم في المستقبل. كما يتكئ عليهم في شرعيته من خلال الانتخابات العامة الأداة الأنسب اليوم في العالم المتحضر، ونيل رضاهم عبر حكمٍ رشيدٍ/صالحٍ في إدارة شؤون المواطنين يضمن وضوح آلية اتخاذ القرارات في مؤسسات الحكم لإدارة الشأن والمال العام، وإتاحة المجال لمشاركة المجتمع وفئاته المختلفة بشكل فعّال في رسم السياسات وتحديد الأولويات، والقبول بالمساءلة المجتمعية بأدواتها المختلفة بما فيها أشكال الاحتجاج الشعبي على السياسات والإجراءات والأعمال والأشخاص النافذين في الحكم والمتنفذين فيه