نيويورك / PNN / أطلقت المملكة العربية السعودية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، جهداً لتنشيط عملية السلام.
وعقدوا اليوم في هذا الصدد اجتماعا وزارياً في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، على هامش الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور نحو خمسين وزير خارجية من مختلف أنحاء العالم. ويسعى هذا الجهد إلى إنتاج "حزمة دعم السلام" التي من شأنها تعظيم مكاسب السلام للفلسطينيين والإسرائيليين بمجرد التوصل إلى اتفاق سلام. وهي تسعى إلى إنتاج برامج ومساهمات تفصيلية مشروطة بتحقيق اتفاق الوضع النهائي، بما يدعم السلام، كما يشمل ذلك أن تجني كافة شعوب المنطقة ثماره. ويسعى هذا الجهد إلى التأكد من أن يوم السلام هو يوم الفرص والوعد، وبالتالي تحفيز الجهود الجادة للوصول إليه..
و ترتكز الجهود المتجددة على الحاجة الملحة للحفاظ على حل الدولتين، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة ومتصلة الأراضي وقابلة للحياة على أساس حدود الرابع من حزيران 1967؛ واحترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان؛ وكذلك الاحترام والتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يدين جميع التدابير الرامية إلى تغيير التركيبة الديمغرافية وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، كما ينص على تثبيت عدم الاعتراف بأية تغييرات على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، باستثناء تلك التي اتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات؛ والحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس دون تغيير، مع التركيز على الوصاية الهاشمية.
وتعتمد جهود يوم السلام، من بين أمور أخرى، على مبادرة السلام العربية التي تبنتها الدول العربية لوضع رؤيتها للسلام الإقليمي الشامل وشروطه ومتطلباته، فقد قامت مبادرة السلام العربية على أساس الانسحاب الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967 مقابل التطبيع الكامل، وقد أقرت منظمة التعاون الإسلامي في وقت لاحق مبادرة السلام العربية ورحب بها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. كما تعتمد جهود يوم السلام أيضًا على عرض الاتحاد الأوروبي لعام 2013 بتوفير "حزمة غير مسبوقة من الدعم السياسي والأمني والاقتصادي" لكلا الطرفين في سياق اتفاق الوضع النهائي.
كذلك تهدف جهود يوم السلام إلى توضيح فوائد مبادرة السلام العربية وحزمة دعم السلام الأوروبية، وحشد كافة الجهود الدولية القائمة والمحتملة. إن جهود يوم السلام مفتوحة لجميع الأطراف المستعدة لتقديم مساهمات جوهرية فيها.
وعلى هذا الأساس، يهدف المبادرون إلى إنتاج "حزمة دعم السلام" الشاملة. ومن المقرر أن يتم طرح هذه الحزمة مباشرة بعد "يوم السلام"، عندما يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام على أساس حل الدولتين، حيث أن من شأن هذه الحزمة الواسعة النطاق أن تساعد في الحفاظ على السلام، وستعود بفوائد السلام على الجميع.
إن جهد يوم السلام هذا لا يهدف إلى تقديم تفاصيل إضافية للاتفاق الثنائي الإسرائيلي الفلسطيني المطلوب بما يتجاوز المعايير المتفق عليها دوليا، حيث سيتم التفاوض على هذه التفاصيل بين الطرفين. كما تستلزم جهود يوم السلام تصور ما سيعنيه السلام الإسرائيلي الفلسطيني بالنسبة للعلاقات في منطقة الشرق الأوسط وخارجها؛ فهو ليس بديلاً لعملية السلام المطلوبة والتي طال انتظارها. وفي حين أنها ستتناول الفوائد والمكاسب المحتملة للسلام في مختلف المجالات، فإنها سترتكز بالكامل على احترام المبدأ القائل بأن كل هذه الفوائد لا يمكن أن تتحقق إلا في يوم السلام، وليس قبله أو كمقدمة له.
خلال هذا الاجتماع، أطلق المنظمون مجموعات عمل مكلفة بوضع مكونات "حزمة دعم السلام" الشاملة، ودُعي جميع المشاركين إلى المساهمة في مجموعات العمل.
وسوف ستركز مجموعات العمل على تحديد العناصر الجوهرية لـ "حزمة دعم السلام"، حيث سيجتمعون من حيث المبدأ على مستوى المبعوث الخاص أو السفراء، وسيستفيدون من مدخلات الخبراء المتخصصين. كما سيتم تنسيق عملهم من قبل الرئيسين المشاركين.كذلك ستقوم مجموعات العمل بتنظيم مؤتمرات وندوات ودراسات لإنتاج مكونات واقعية وممكنة مفصلة لـ "حزمة دعم السلام".
مجموعات العمل التي تم إنشاؤها اليوم هي مجموعة عمل سياسية وأمنية تركز على وضع الخطوط العريضة لآليات التعاون الإقليمي والسياسي والأمني المحتملة في مرحلة ما بعد السلام؛ ومجموعة عمل اقتصادية وبيئية تركز على تطوير مقترحات للتعاون الاقتصادي، بما في ذلك في مجالات التجارة والاستثمار والابتكار والبنية التحتية للنقل والموارد الطبيعية، فضلاً عن تغير المناخ والبيئة؛ وكذلك فريق عمل البعد الإنساني، الذي يركز على تطوير مقترحات للتعاون في القضايا الإنسانية والثقافات المتعددة وقضايا الأمن الإنساني على النحو المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 66/290.
كما سيحدد المشاركون في مجهود يوم السلام متى يتقدم عمل مجموعات العمل بشكل كافٍ لدمج المساهمات المختلفة في "حزمة دعم السلام". أيضاً، سيتم تقييم التقدم كل ثلاثة أشهر، حيث سيتم إجراء التقييم الأول في كانون اول 2023. والهدف هو أن تختتم مجموعات العمل عملها وأن تكون "حزمة دعم السلام" جاهزة للعرض بحلول أيلول 2024. ومع ذلك، فإن المساهمين في جهد يوم السلام سيقومون بعد ذلك بتقييم ما إذا كانت مجموعات العمل قد اختتمت عملها، أو إذا كانت ستحتاج إلى الاستمرار. وقد اتفق القائمون على المؤتمر على آليات للتعامل بشكل منفصل، وإلى أقصى حد، بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ومن الضروري عكس الاتجاهات السلبية والحفاظ على آفاق السلام، ولذلك، فإن المبادرين يحثون الجميع على العمل من أجل وقف الإجراءات الأحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي وإخلاء المنازل؛ وقف العنف والتحريض على العنف؛ وضمان احترام الوضع التاريخي الراهن للأماكن المقدسة في القدس، ودور الوصاية الهاشمية، فضلا عن ولاية دائرة الأوقاف الإسلامية.
وبالتوازي مع ما سبق، يشير المبادرون إلى ضرورة إجراء مفاوضات ذات مصداقية لإنهاء الصراع وتحقيق السلام ضمن جدول زمني واضح. بالإضافة إلى ذلك، يدعو القائمون على المؤتمر الجميع إلى دعم التنمية الاقتصادية الفلسطينية، والتغلب على جميع العقبات في هذا الصدد، بما في ذلك من خلال لجنة الارتباط الخاصة.
وما لم يتم الحفاظ على جدوى حل الدولتين، والبدء في المفاوضات لتحقيقه، فإن احتمالات السلام سوف تتضاءل أكثر، وسوف يميز الصراع مستقبل المنطقة بقدر ما طبع ماضيها. إن جهود يوم السلام لا يمكن أن تحقق السلام في حد ذاتها، ولكنها يمكن أن تساهم في عصر جديد من الرخاء والإنجاز والتعاون بين جميع دول وشعوب المنطقة، حيث نأمل أن تنضموا إلينا جميعا في هذا المسعى الضروري.
ولا يزال السلام الإسرائيلي الفلسطيني بعيد المنال، فبعد عقود من إطلاق عملية السلام في مدريد عام 1991، لا يوجد أفق حقيقي لتحقيق حل الدولتين، ولم يتم احترام الاتفاقيات الموقعة، بما في ذلك اتفاقيات أوسلو، بشكل كامل. فالاحتلال مستمر، ومعه عدد من التعقيدات والصعوبات التي تدفع الطرفين إلى الابتعاد عن التوصل إلى اتفاق محتمل. لقد ثبت أن الوضع على الأرض لا يمكن الدفاع عنه، وأصبح من المستحيل قبول الوضع الراهن، خاصة في ظل وضع دولي مبتلى بالصراعات، حيث أن تجاهل الحاجة إلى تنشيط عملية السلام لا يساعد الأطراف ولا يساعد حاضر ومستقبل الشرق الأوسط