نيويورك/PNN/ خاطب الرئيس محمود عباس، قادة وزعماء العالم المشاركين في الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا: "واهمٌ من يظن أن السلام يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية المشروعة".
ووجه الرئيس رسالة للإسرائيليين، بأن الاحتلال لن يدوم مهما كانت الأطماع والأوهام، لأن شعبنا باقٍ على أرضه التي سكنها منذ آلاف السنين جيلا بعد جيل، وإذا كان لا بد لأحد أن يرحل فهم المحتلون.
ودعا سيادته، المجتمع الدولي إلى تنفيذ قراراته المتعلقة بإحقاق الحق الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، الذي يتحدى قرارات المجتمع الدولي التي زادت عن الألف، وينتهك مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، ويسابق الزمن لتغيير الواقع التاريخي والجغرافي والديموغرافي على الأرض، من أجل ديمومته وتكريس الفصل العنصري (الأبرتهايد).
كما طالب الرئيس، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للقدس ومقدساتها، وبالذات المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، والمسجد الإبراهيمي في الخليل، محذرا من تحويل الصراع السياسي إلى ديني.
وطرح الرئيس في خطابه عدة تساؤلات وطالب بالإجابة عنها: لماذا السكوت على كل ما تقوم به إسرائيل، دولة الاحتلال، من انتهاكات فاضحة للقانون الدولي؟ ولماذا لا تَخضع للمساءلة والمحاسبة الجادة، ولا تفرض عليها العقوبات لتجاهلها وانتهاكاتها لقرارات الشرعية الدولية، كما يجري مع دول أخرى؟ ولماذا تمارس المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؟ ولماذا القبول بأن تكون دولة فوق القانون؟.
وقال الرئيس: رغم الواقع الأليم، وبعد مرور ثلاثين عاما على اتفاق أوسلو الذي تحللت منه إسرائيل، لا يزال لدينا أمل بأن تتمكن الأمم المتحدة من تنفيذ قراراتها التي تقضي بإنهاء الاحتلال، وتجسيد استقلال دولة فلسطين كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود عام 1967، وحل قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية، وبالذات القرار 194، وتطبيق قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، التي تؤكد عدم شرعية الاحتلال والاستيطان، خاصة القرار 2334، وكذلك مبادرة السلام العربية.
واكد أنه أمام الاستعصاء الذي تواجهه عملية السلام بسبب السياسات الإسرائيلية، لم يَبقَ سوى الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، وضع الترتيبات لعقد مُؤتمرٍ دوليٍ للسلام، تُشارك فيه جميع الدول المعنية، والذي قد يكون الفُرصةَ الأخيرةَ لإبقاء حل الدولتين مُمكنا، ولمنع تدهور الأوضاع بشكل أكثر خطورة.
ودعا الرئيس الأمم المتحدة إلى توفير الحماية للشعب الفلسطيني من العدوان المتواصل لجيش الاحتلال والمستوطنين، ودعم توجه فلسطين للمحاكم والجهات الدولية ذات الاختصاص، فالوضع القائم لم يعد مُحتملا.
وقال إن دولة فلسطين ستقوم برفع شكاوى للجهات الدولية ذات العلاقة على إسرائيل بسبب استمرار احتلالها لأرضنا، والجرائم التي ارتكبت وما زالت ترتكب بحقنا، وعلى كل من بريطانيا وأميركا لدورهما في وعد بلفور المشؤوم، وعلى كل من كان له دور في نكبة ومأساة شعبنا، للمطالبة بالاعتراف والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات وفق القانون الدولي.
ودعا الرئيس عباس إلى تجريم إنكار النكبة الفلسطينية، واعتماد الخامس عشر من أيار من كل عام، يوما عالميا لإحياء ذكراها، وذكرى مئات آلاف الفلسطينيين الذين قُتلوا في مذابح ارتكبتها العصابات الصهيونية، ومن هُدمت قُراهم أو شردوا من بيوتهم، والذين بلغ عددهم 950 ألفًا، شكلوا أكثر من نصف السكان الفلسطينيين في حينه.
وطالب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، باتخاذ خطوات عملية مستندة لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وللقانون الدولي، والدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، بإعلان هذا الاعتراف، وأن تحظى دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأكد الرئيس ضرورة اتخاذ الأمم المتحدة إجراءات رادعة بحق إسرائيل، التي لم تلتزم بشروط انضمامها إلى الأمم المتحدة، والمتمثلة بتنفيذ القرارين (181 و194)، إلى أن تفي بالتزاماتها التي قُدمت في إعلان مكتوب من قبل وزير خارجيتها في حينه موشي شاريت.
وشدد على أن شعبنا سيواصل الدفاع عن وطنه وعن حقوقه المشروعة، من خلال المقاومة الشعبية السلمية كخيار إستراتيجي للدفاع عن النفس، ولتحرير الأرض من احتلال استيطاني لا يؤمن بالسلام، ولا يقيم وزنًا لمبادئ الحق والعدالة والقيم الإنسانية.
وأعرب الرئيس عن ارتياحه بأن شعوب العالم والعديد من دوله بدأت تقتنع بروايتنا الفلسطينية وتتعاطف معها، بعد أن جرى تضليلها على مدى عقود، بفعل آلة الدعاية الصهيونية والإسرائيلية، شاكرا جميع من أسهم في تعميم هذه الرواية ودعمها وتعاطف معها.
وحول اجراء الانتخابات العامة، قال سيادته إن الحكومة الإسرائيلية تُعرقل إجراءها، كما جرت في أعوام 1996، 2005، 2006، من خلال قرارها منع إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، رغم التدخل المقدر من العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، لتمكين أهلنا في القدس من التصويت والترشح في هذه الانتخابات.
وجدد سيادته رفضه لأي موقف يحملنا مسؤولية عدم إجراء هذه الانتخابات، التي تمثل ضرورة فلسطينية، وقال: سنواصل التوجه للجهات الدولية لرفع قضايا على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على السماح لنا بإجراء هذه الانتخابات التي طال انتظارها.
وحول الدعم المالي من المجتمع الدولي، قال سيادته "طالما بقينا نرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي البغيض، سنبقى بحاجة إلى المساعدات المالية الدولية، وكذلك توفير الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وأضاف: إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة جراء القيود التي تفرضها علينا، والتي تمنعنا من الوصول إلى مواردنا الطبيعية، وتحتجز أموالنا دون وجه حق، وتواصل حصارها على أهلنا في قطاع غزة، وتسيطر على جميع نقاط العبور والخطوط الفاصلة بين الضفة ومحيطها.
وتقدم لأبناء شعبنا جميعا في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي كل مكان من هذا العالم، بالتقدير والعرفان، على صمودهم وإصرارهم على التمسك بالحقوق.
وحيا الرئيس أرواح شهدائنا الأبرار، وأسرانا البواسل، وجرحانا الأبطال، وقال: "ما ضاع حق وراءه مطالب، وإن النصر حليفنا، وسنحتفل باستقلال دولتنا في القدس عاصمتنا الأبدية".