الداخل المحتل/PNN- رجحت التحليلات في الصحف الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن اجتياحا بريا إسرائيليا للقطاع قادم، وربما لن يكون واسعا.
ودعا المحللون إلى عدم جعل توقعات الجمهور الإسرائيلي مبالغا فيها، في الوقت الذي يتوقع خسائر في كلا الجانبين وخاصة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، مثلما هو حاصل حتى الآن في الـ19 يوما للحرب الدموية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، إلى "أهمية تنسيق التوقعات" بين القيادة السياسية والعسكرية وبين الجمهور، وذلك لعدة أسباب. أولها أن "الإدراك هو أن الدخول إلى غزة، حتى لو رافقته مساعدة جوية ومدفعية غير مسبوقة، فإنها ستؤدي إلى أثمان كبيرة جسدية ونفسية" في الجانب الإسرائيلي.
وأضاف أن ثمة أمرا ليس أقل أهمية، وهو "تجنيد الاحتياط بحجم تاريخي يؤدي إلى موجات ارتدادية هائلة في الاقتصاد الإسرائيلي. ولذلك فإنه إلى جانب التعامل المتعارف عليه مع ’الساعة العسكرية’ و’الساعة السياسية’، ينبغي البدء بالحديث عن ’الساعة الاقتصادية’ أيضا. وكل يوم يمر من دون أن يبدأ الجيش بالتحرك (نحو اجتياح عسكري)، يتآكل الإجماع حول الحاجة الملحة لجعل حماس تندم على اليوم الذي قررت فيه تنفيذ جرائم تقشعر لها الأبدان ضد الإنسانية" في إشارة إلى هجوم السابع من الشهر الحالي.
ودار سجال في إسرائيل، في الأيام الأخيرة، بين مؤيدي الاجتياح البري وبين المطالبين بإدارة الحرب من خلال القصف الجوي والمدفعي فقط. وبحسب المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، فإن "هذا النقاش ليس موجودا في قاموس الخطط (العسكرية) التي قُدمت إلى المستوى السياسي. والقرار بتنفيذ عملية برية في غزة قد حُسم، بينما لا تزال مداولات جارية حول الخطة التي ستنفذ ميدانيا في نهاية الأمر".
واعتبر أنه ربما هذا ما يفسر نشر صحيفة "نيويورك تايمز"، أمس، بشأن تشكيك الإدارة الأميركية بشأن وجود هدف إسرائيلي واضح، أو هدف قابل للتحقيق، في غزة.
وأضاف ليف رام أنه "حتى الآن، يبدو أن اختيار الخطة التي سينفذها الجيش الإسرائيلي في نهاية الأمر ليس مقررا بشكل قاطع، وتوجد مواقف مختلفة في هذا الموضوع. وليس مؤكدا أن الوقت الذي يمر يعمل لصالح إسرائيل بالضرورة. وإسرائيل تتجه إلى عملية عسكرية (برية) تستمر عدة أشهر في القطاع، بينما يتحدث الأميركيون عن أسابيع. وهم قلقون من التبعات المتعلقة بمصالحهم في المنطقة، عدا إسرائيل".
وبحسبه، فإن السبب المركزي لتأخير الاجتياح البري هو قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة. "فقد اتخذت القيادة السياسية – الأمنية في إسرائيل قرارا يقضي باستنفاد الاتصالات التي يجريها الوسطاء المصريون والقطريون وجهات أخرى حول تحرير المخطوفين. ويدعون في إسرائيل أنهم لن يسمحوا لحماس بتأخير العملية البرية بواسطة إدارة مدروسة (للوساطة)، ويفرجون خلال ذلك في كل مرة عن مخطوفين معدودين ويستخدمون ذلك كحرب نفسية".
واعتبر ليف رام أنه "في إسرائيل يوجهون نحو صفقة (تبادل) كبيرة، ويضعون خلال ذلك حدودا زمنية محدودة. وربما يكون لذلك ثمنا أيضا، وفي جميع الأحوال، إذا لم يتم تحقيق الصفقة، فإنه يتوقع أن تكون جزئية فقط".
من جانبه، رجح الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، والباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي"، عوفر شيلح، أن إسرائيل ستشن اجتياحا بريا خلال "أيام معدودة". واعتبر أنه إذا امتنع الجيش الإسرائيلي عن اجتياح كهذا، "بعد المشاهد المروعة في السابع من أكتوبر، وإثر مشاعر التهديد الوجودي في أوساط أجزاء كثيرة من الجمهور، سيشكل ذلك إثباتا على ضعف لا يقبله العقل، ويعلن لأعدائنا بشكل نهائي أننا مبنيين من خيوط عنكبوت وسيلحق بنا حربا كبرى".
وحذر شيلح، في صحيفة "هآرتس"، من أن يستمر الاجتياح لفترة طويلة، وادعى أن الاجتياح يجب أن يكون لفترة محدودة، "يقتل فيها الجيش الإسرائيلي أكبر عدد ممكن" من المقاتلين الفلسطينيين، ثم الانسحاب. واعتبر أيضا أن الاجتياح هو "أداة واحدة وحسب في الترسانة المطلوبة لتحقيق الهدف، وبعد ذلك تستمر المعركة بالقصف، وربما تكون هناك عمليات برية أخرى، إلى حين القضاء على النسبة المناسبة للقوة العسكرية والسلطوية لحماس".
وتابع شيلح أنه "يحظر مراكمة توقعات على الاجتياح، ستسبب بالضرورة خيبة أمل عندما يحقق ضررا شديدا ’فقط’ بالأشخاص والبنية التحتية في القطاع، وهذه ستكون خيبة أمل ستقوض الثقة بقدرات الجيش بشكل أكبر".
وحسب المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن حجم الاجتياح وتوقيته وطبيعته "سيتحدد في المثلث بين الإدارة الأميركية وكابينيت الحرب الإسرائيلي وقيادة الجيش. وقد يؤجل لأيام أخرى وربما أكثر من ذلك".
ولفت إلى أن "اختيار التوقيت وساحة العملية البرية وأسلوبها، يجب أن يأخذ بالحسبان اعتبارات أخرى: توقعات الولايات المتحدة، خاصة حول الجهد المستمر لتحرير قسم من المخطوفين – نساء، أطفال وذوي الجنسيات الأجنبية قبل الغزو الإسرائيلي؛ خطر اشتعال جبهة ثانية، ضد حزب الله في لبنان؛ وتخوف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من تورط آخر بعملية برية".