بيت لحم / PNN/ نجيب فراج – يصف العديد من المراقبين والمحللين والمتابعين ان الحرب الاسرائيلية الحالية على قطاع غزة والمستمرة منذ 48 يوما وقامت اسرائيل بقصف بربري كبير ادت الى استشهاد اكثر من 14 الف فلسطيني اغلبيتهم من الاطفال والنساء والرجال المدنيون، وهناك نحو اربعة الاف مفقود على الاقل اضافة الى عشرات الاف الجرحى واكثر من 60 % من البنايات في قطاع غزة قد هدمت او الحقت بها اضرارا جسيمة، يصفها هؤلاء انها جائت للانتقام من عملية طوفان الاقصى التي نفذتها كتائب القسام في السابع من اكتوبر الماضي والتي نفذت بعد سلسلة من الاعتداءات الاسرائيلية والتعنت بملفات حساسة بل وتشكل بعدا استراتيجيا ومن بين هذه الملفات ملف الاسرى وتواصل الاعتقالات وادارة الظهر من قبل الجانب الاسرائيلي عن تنفيذ صفقة تبادل يتم فيها اطلاق سراح اربعة اسرى اسرائيليين لدى حركة حماس، ومن بين الملفات الضاغطة هو استمرار العدوان على المسجد الاقصى ومحاولات تقسيمه زمانيا ومكانيا، والاستمرار في الحصار الخانق على قطاع غزة منذ 17 عاما من دون ان يكون هناك اي افق لانهائه، اضافة الى العدوان على الضفة الغربية وارتكاب المجازر فيها وخاصة في المحافظات الشمالية.
ومنذ اندلاع الحرب البربرية الحالية تحولت قضية الاسرى وكانها الملف الرئيس لان الكيان الاسرائيلي لا يتحمل وجود نحو 240 اسيرا واسيرة من الاسرائيليين اغلبهم من العسكريين الاسرائيليين حيث قال المسؤولين الاسرائيليين من السياسيين والعسكريين ان اهداف الحرب هو القضاء على البنية العسكرية لحركة حماس والعودة بالمخطوفين، وقد اصبح ملف الاسرى لدى حماس الملف الضاغط الوحيد على المستويين السياسي والعسكري في اسرائيل بينما كانت حركة حماس عبر العديد من مسؤوليها تؤكد دوما ان تحرير الاسرى من السجون الاسرائيلية هو هدف دائم لها، وقد اطلق رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار والذي اصبح المطلوب رقم واحد في الحرب الحالية العديد من التصريحات بشأن ذلك بعد ان تحرر من السجون الاسرائيلية عبر صفقة وفاء الاحرار في العام 2011 حيث قال حينها ان الاسرى في رقبته، كما صرح مرارا ان الحركة تعمل من اجل زيادة الغلة في اشارة الى اسر مزيد من الجنود وهذا ما حصل فعلا.
ومنذ احتلال ما تبقى من ارض فلسطين عام 1967 كان من الواضح ان اسرائيل تتعامل مع الاسرى الفلسطينيين واعتقال المزيد منهم حرب استنزاف الامر الذي شكل على كافة الفصائل ملفا ضاغطا وجعلها ان تقوم باسر العديد من الاسرائيليين لاجراء تبادل الاسرى لانه الاسلوب الوحيد لتحرير الاسرى الفلسطينيين في ظل الاختلال القوي لموازين القوى لصالح الكيان الاسرائيلي.
صفقات التبادل
وكانت اول عملية تبادل للاسرى في 23 يوليو عام 1968 حينما نجحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبش من اختطاف طائرة ركاب لشركة العال الاسرائيلية وقاد العملية ليلى خالد ويوسف الرضيع، حيث كانت الطائرة متوجهه من العاصمة الايطالية الى تل ابيب وكان على متنها مائة مقاتل وقد نجحت الجيهة الشعبية بتحرير 37 اسيرا من اصحاب الاحكام العالية بينهم اسرى اعتقلوا ما قبل عام 67 ونفذت عملية التبادل بواسطة الصليب الاحمر.
اما صفقة التبادل الثانية فقد اجريت في العام 1969 حينما اختطفت مجموعة من الجيهة الشعبية بقيادة ليلى خالد طائرة اسرائيلية في بريطانيا وقد فشلت العملية ولقى احد الخاطفين حتفه وجرى اعتقال ليلى خالد من قبل السلطات البريطانية وبعد ذلك اختطفت الجبهة طائرة اخرى بريطانية وتمكنت من تحرير ليلى خالد.
وفي العام 1971 نفذت حركة فتح عملية لتبادل الاسرى جرى بموجبها الافراج عن الاسير محمود بكر حجازي مقابل ان تفرج الحركة عن الجندي الاسرائيلي الاسير لديها شومئيل فائز بعد عامين من اسره.
وفي 14/ 3/ 1979 نفذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين / القيادة العامة بقيادة احمد جبريل صفقة تبادل تم بموجبها الافراج عن الجندي الاسرائيلي ابراهام عمرام الذي اسرته في عام 1978 مقابل الافراج عن 79 اسيرا فلسطينيا بينهم 12 اسيرة وقد اطلق على العملية" النورس".
وفي شهر فبراير عام 1980 تقرر الحكومة الاسرائيلية الافراج عن الاسير الفلسطيني مهدي بسيسو مقابل الافراج عن جاسوسة من الاردن لصالح جهاز الموساد حيث كانت محتجزة لدى حركة فتح ونفذت الصفقة في قبرص باشراف من الصليب الاحمر.ية تبادل ل
وفي 23 نوفبر عام 1983 جرت عملية تبادل اسرى بين اسرائيل وحركة فتح اطلقت اسرائيل بموجبها سراح نحو 4700 اسير فلسطيني ولبناني محتجزين في معسكر انصار بجنوب لبنان اضافة الى 65 اسير فلسطينيا من سجون الاحتلال مقابل ان تطلق حركة فتح سراح ستة من جنود الاحتلال اسرتهم في العام 1982 اثناء اجتياح لبنان.
وفي 20 /5/ 1985 نفذت صفقة للتبادل وهي من بين اهم الصفقات واطلق عليها اسم "عملية الجليل" ونفذتها الجبهة الشعبية/ القيادة العامة واطلق بموجبها سراح 1155 اسيرا واسيرة من سجون الاحتلال مقابل ثلاثة جنود كانوا اسرى لدى القيادة العامة، وقد اطلق سراح كل الاسرى المحكومين مؤيد باستثاء عدد قليل منهم وخرجوا الى الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وقد ذابت كل شروط اسرائل في هذه الصفقة وعمت الافراح الشعبية الشوارع الفلسطينية.
وفي العام 1997 نفذت صفقة تبادل مميزة بين الحكومة الاردنية وجكومة الاحتلال الاسرائيلي جرى بموجبها تحرير الشيخ الشهيد احمد ياسين واثنين من مرافقيه وبشرط الملك الاردني الحسين مقابل اطلاق سراحي رجلي موساد تورطا في محاولة الاغتيال الشهيرة لخالد مشعل رئيس حركة حماس في ذلك الوقت.
في مطلع اكتوبر عام 2009 اسرائيل افرجت عن 20 اسيرة من الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل الحصول على مقطع مصور حديثا مجته دقيقتان يظهر فيه الجندي الاسير لدى حماس جلعاد شاليط حيا. وفي 11 اكتوبر 2011 اطلقت اسرائيل سراح 1027 اسيرا واسيرة وفق صفقة تبادل مع حركة حماس اطلقت عليها "وفاء الاحرار" مقابل شراح شاليط.
كما جرت العديد من صفقات التبادل مع حزب الله اللبناني ففي عام 1991 جرت عمليتان لتبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، كانت الأولى في 21 يناير/كانون الثاني، فأفرج عن 25 معتقلا، وكانت الثانية بعدها بثمانية أشهر (21 سبتمبر/أيلول) حيث أفرج عن 51 معتقلا مقابل جثة جندي إسرائيلي.
وفي مطلع يوليو/تموز 1996 تسلمت إسرائيل رفات جنديين (يوسف فينك ورحاميم اليشيخ) المختطفين في فبراير/شباط 1986، وأعلنت الدولة العبرية عام 1991 أنهما ليسا على قيد الحياة، وتم استبدالهما برفات 123 لبنانيا وفي نفس اليوم سرَّح حزب الله 25 جنديا من جيش لبنان الجنوبي الموالي لإسرائيل، فأفرجت إسرائيل عن 25 اسيرا من معتقلي الخيام بجنوب لبنان.
وفي 25 يونيو/حزيران 1998 أعاد لبنان إلى إسرائيل جثة الجندي إيتمار إيليا الذي قتل في كمين لحزب الله في أنصارية مع 12 عسكريا من الكوماندوس البحري الإسرائيلي أثناء مهمة خاصة لهم بلبنان في سبتمبر/أيلول 1997، وتسلم حزب الله رفات حوالي 40 من أعضائه من بينهم هادي نجل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي استشهد أواخر 1997.
وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 1999 عقد الطرفان بوساطة ألمانية صفقة تم بموجبها الإفراج عن خمسة من جنود حزب الله كانوا في سجون إسرائيل منذ أكثر من 10 سنوات، هم هاشم أحمد فحص وأحمد حكمت عبيد وحسين محمد طليس المعتقلون منذ 1989، وأحمد حسين سرور المعتقل منذ 1987، وكمال محمد رزق المعتقل منذ 1986. وقد غادروا إسرائيل بعد الإفراج عنهم إلى فرانكفورت ومنها إلى بيروت.
وفي 19 أبريل/نيسان 2000 سرّحت إسرائيل 13 معتقلا من سجن أيالوت، كما أفرجت في نفس السنة عن محمد البرزاوي الذي ظل معتقلا في سجن عسقلان منذ 1987، دون مقابل من طرف حزب الله.
وفي 25 أغسطس/آب 2003 تمت صفقة وصفت بـ"التمهيدية" تسلم بموجبها حزب الله من إسرائيل جثتين لمقاتلين من الحزب هما عمار حسين حمود وغسان زعتر.
وكان زعتر قد قتله الجيش الإسرائيلي في إقليم التفاح عام 1998، في حين قتل عمار في ديسمبر/كانون الأول 1999 خلال عملية فدائية استهدفت موكبا عسكريا إسرائيليا جنوب لبنان. جاء استلام حزب الله للجثتين مقابل السماح للوسيط الألماني أرنسيت أورلاو بزيارة الضابط تننباوم المعتقل لدى حزب الله.
أتاحت الصفقة المذكورة لأورلاو السير قدما نحو تقريب الطرفين حول تفاهم أوسع، وتمهيد الطريق لصفقة أكبر عام 2004، وصفت بأنها أكبر صفقات تبادل الأسرى بين الطرفين وأهمها. تمت في نهاية يناير/كانون الثاني 2004 حيث لم يقتصر التبادل على أسرى من لبنان بل شمل جنسيات عربية متعددة.
شملت الصفقة 23 لبنانيا، وخمسة سوريين، وأسيرا ليبيا، وثلاثة مغاربة، وثلاثة سودانيين، و400 فلسطيني، وأسيرا ألمانيا مسلما، ورفات 59 مقاوما لبنانيا. وتسلمت إسرائيل من حزب الله ضابط المخابرات الحنان تننباوم، وجثث ثلاثة جنود (عدي أفيطان وعمر سواعد وبيني أفراهام) كانوا قد قتلوا أثناء أسرهم عام 2000.
وكان من أبرز المفرج عنهم مصطفى الديراني الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي في مايو/أيار 1994 واتهمه بأسر الطيار رون أراد عام 1986.
ومن بين المفرج عنهم في الصفقة، الشيخ عبد الكريم عبيد الذي كان الإسرائيليون قد اختطفوه من بيته في بلدة جبشيت يوم الجمعة 28 يوليو/تموز 1989، وكثيرا ما كانت تربط إسرائيل بين الإفراج عن الديراني وعبيد وبين الكشف عن مصير الطيار الإسرائيلي أراد.
وفي يوم الأربعاء 12 يوليو/تموز 2006 أسر مقاتلو حزب الله قرب قرية عيتا الشعب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية جنديين إسرائيليين ( أيهود غولدفاسير، إلداد ريجيف).
وذكر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن الهدف من العملية هو إجراء عملية تبادل تفتح المجال أمام فك بقية الأسرى اللبنانيين، وعلى وجه الخصوص سمير القنطار الملقب بعميد الأسرى اللبنانيين، وسميت بالوعد الصادق نسبة للوعد الذي قطعه نصرالله لسمير القنطار بقرب الإفراج عنه.
وفي 8 يونيو/حزيران 2008، أطلقت إسرائيل سراح الأسير اللبناني نسيم نسر بعد سجنه ست سنوات بتهمة التجسس لصالح حزب الله، وبالمقابل أعاد الحزب لإسرائيل أشلاء جثث أربعة جنود إسرائيليين قتلوا خلال حرب يوليو/تموز عام 2006.
اعتبرت هذه الخطوة مقدمة لصفقة تبادل أكبر تم بموجبها يوم 16 يوليو/تموز 2008 إطلاق الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله وجثث جنديين إسرائيليين آخرين، مقابل الإفراج عن أربعة أسرى لبنانيين على رأسهم سمير قنطار، وتسليم رفات 200 فلسطيني ولبناني.