بيت لحم/PNN- – نجيب فراج – عادت قوات الاحتلال الاسرائيلي من مداهمة منزل المواطن ثائرحلمي مزهر "48 سنة" الكائن في مخيم الدهيشة فجر يوم الاربعاء الماضي باعداد كبيرة من الجنود الذين انتشروا في محيط المنزل والحقول المجاورة واقتحموا عدد من منازل جيرانه بحثا عنه ولما لم يجدوه وجه ضابط المخابرات تهديدا مباشرا لعائلته في حال عدم تسليم نفسه حيث اضطر للمراجعة في ذلك اليوم وقد جرى اعتقاله وذلك بعد ان افرج عنه قبل ثمانية اشهر بعد ان امضى مدة 14 شهرا قيد الاعتقال الاداري في استهداف لا يتوقف له ولعائلته على مدى السنين الطويلة الماضية.
حكاية معاناة لا تنتهي ولثائر حكاية طويلة مع الاحتلال حيث اعتقل والده المناضل حلمي مزهر في بداية السبعينات من القرن الماضي لم يكن قد جاء الى الحياة بعد ومن ثم جرى ابعاده الى المنفى ومكث في الاردن لاكثر من ثلاثة عقود الى ان عاد مع افواج العائدين مع بداية مجيء السلطة الفلسطينية في منتصف تسعينات القرن الماضي وقد حملت والدته به وبشقيقه الاصغر ياسر عندما كانت تزور والده في منفاه بالاردن، وترعرع ثائر بعيدا عن والده الى ان عاد الى ارض الوطن وكان حينها قد تجاوز العشرينات من عمره.
وتعرض ثائر وبقية اشقائه الاربعة الى اعتقالات متلاحقه من قبل قوات الاحتلال وكانت والدتهم تقسم وقتها ما بين زيارة المعتقلات والذهاب الى الاردن الى زوجها حلمي الذي توفي قبل نحو الثلاثة اعوام في ارض الوطن.
استشهاد النجل والحفيد وشكلت حادثة استشهاد نجل ثائر الشهيد الطفل اركان البالغ من العمر "15 عاما" فجر الثالث والعشرين من تموز من عام 2018 مفصلا في حياته التي قلبتها راسا على عقب فقد تلفى ثائر نبا استهاد طفله وهو في مكان عمله بمدينة بئر السبع حيث كان يبيت هناك من اجل ان يوفر لقمة عيش كريمة لبناته الست ونجليه اركان وغسان الذي لم يكن ليتجاوز عمره العامين في تلك اللحظة فتلقى نبا ان يعود الى المنزل وقيل له عبر الهاتف ان اركان اصيب برصاصه ووضعه جيد ولا تخشى عليه ليصل الى البيت في ساعات الصباح الاولى ويجد حشودا من المواطنين قد تجمعوا حول منزله المتواضع ليدرك ان اركان قد ارتقى برصاص الاحتلال حيث اصيب برصاصة قاتلة في صدره وقد نقل الى المشتفى وهو فارق للحياة، ويقول ثائر ان استشهاد اركان قد قسم ظهره فهو صحيح طفل ولكنه بصفات رجولية كان لي السند في كل شيء ورغم انه في مرحلة الدراسة الاعدادية كان يعاونني في ما اطلبه، وكان يشعر بعبء المهمة في تربية اشقائه وشقيقاته فكان حريصا على كل شيء وعلى ان يكون معينا لي ولوالدته، وكان اركان بالمرصاد في معاونة الناس بالشارع فحينما يشاهد كهلا او امراة يسارع في مساعدتهما سواءا بقطعه للشارع او بحمل الاغراض ولهذا كان طفلا بعقلية رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الاستشهاد ما قبله ليس كما بعده فبعد استشهاد اركان ليس كما قبله كما يقول ثائر الذي لم يعد يذهب الى الورش الاسرائيلية للعمل فيها وفضل العمل محليا اولا لانه لن يحصل على تصريح كما كان مرفوضا امنيا وثانيا"لا اريد عملهم"فارتفع صوته اضعافا ضد الاحتلال سواءا من خلال مشاركته بكل المناسبات الوطنية وحرصه على المشاركة في جنازة الشهداء ويجلس في عزائهم طيلة الوقت ويقول هؤلاء ابنائي جميعهم، بل كان يتدخل حتى في ترتيب مسيرات الشهداء بمبادرته الشخصية ويتدخل في اي اشكالات ليصبح رجل اصلاح بامتياز كونه يتسم بصفات حارة وبحرص شديد الحرص على تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين لاصلاح ذات البين، كان ثائر يحمل مواقف واضحة لمقاومة الاحتلال ورفض الاتفاقيات معه وظل يقول "هذا الاحتلال لا يريد السلام ولا ينفع معه المفاوضات وتجاربنا في ذلك واضحة واوضح من عين شمس اب".
استشهاد ابن شقيقه وما زاد الطين بلة انه قد فقد ابن شقيقه الشهيد ساجد عبد الحكيم بعد استشهاد نجله بعدة اشهر برصاص الاحتلال الاسرائيلي وهو مسعف متطوع سقطبرصاص الاحتلال في المخيم اثناء تقديمه الاسعاف للجرحى.
بعد استشهاد نجله جائت قوة عسكرية الى البيت وعلى راسها احد ضباط المخابرات وتم اعتقاله ومكث قيد الاعتقال ثلاثة ايام هدده الضابط تهديدا مباشرا بضرورة "ان يخفض صوته" حسب تعبيره فرد ثائر عليكم ان تخفضوا صوت الحراب وازيز الرصاص ووقف قتل ابنائنا انكم تريدون قتلنا ومن ثم لا نسكت وحسب بل ننصاع لحرابكم القاتلة.
ملاحقة اهالي الشهداء وفجر الاربعاء جائت قوات الاحتلال الى المنزل مرة اخرى واعتقلت ثائر بهذه الطريقة كونه والد شهيد يتألم على فراق ابنه حيث يذكر العديد من النشطاء عبر التواصل الاجتماعي بان قوات لاتكتفي بقتل الفتية والاطفال بل تستهدف ابائهم ايضا مستذكرين والد الشهيد رعد حازم من جنين الذين تلاحقه قوات الاحتلال لاعتقاله، وما اعتقال ثائر والعديد من اباء الشهداء وفرض عقوبات عليهم كمنعهم من دخول مناطق الـ48 واحتجاز جثامين الشهداء الا دليل على ملاحقة اهالي الشهداء ايضا، وهذه الملاحقة طالت ايضا وفي الاونة الاخيرة كتاب وادباء وصحافيون ومحاضرو ن في الجامعات ومسؤولي مؤسسات مختلفة في اشارة الى ان حرب الاعتقالات ايضا احدى سياسات الاحتلال في محاربة الشعب الفلسطيني.