غزة /PNN / تحذر منظمة أكشن إيد الدولية من أن أي تكثيف للهجمات على محافظة رفح سيكون له عواقب وخيمة تمامًا وسط مخاوف من غزو بري قادم في رفح التي تضم الآن أكثر من نصف سكان غزة.
على الرغم من وجود تقارير بأن الغارات الجوية تزايدت بالفعل في منطقة رفح التي تقع في أقصى جنوب القطاع المحاصر. إن أي هجمات ستوقع بلا شك عدد كبير من الضحايا، حيث تستضيف المنطقة الآن لأكثر من 1.4 مليون شخص،أي أكثر من خمسة أضعاف عدد سكانها المعتاد، وتجعل توزيع المساعدات أكثر صعوبة.
ولم يعد هناك مكان يمكن للناس في غزة يمكنهم اللجوء أو الهروب اليه. تم إجبار أكثر من 85% من سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على مغادرة منازلهم خلال الأشهر الأربعة الماضية، كما نزح العديد منهم عدة مرات. وقد أدى التدفق الهائل للأشخاص الذين يصلون إلى رفح إلى فرض ضغوط هائلة على البنية التحتية والموارد، إلا أن الناس ما زالوا يتوافدون بالآلاف. هنالك إكتظاظ شديد، حيث تملأ الخيام كل المساحات المتاحة، بعضها يتسع لما يصل إلى 12 شخصًا. تكتظ الملاجيء غير الصحية بالآلاف من الأشخاص بشكل متزايد، حيث يتشارك مئات الأشخاص في مرحاض واحد.
سوسن*( 10 سنوات) نزحت من منزلها مع عائلتها وهي تقيم حاليا في مركز إيواء تابع لمدرسة تابعة للأونروا في مكان ما في غزة. تتحدث سوسن : " هناك أكثر من 9000 شخص في المدرسة. أعاني كثيرا في الذهاب إلى الحمام. نقف في الطابور مع ما يقارب 50 شخصًا ينتظرون أربعة حمامات. هذا شيء غير مقبول، لا ينبغي لنا أن نفعل ذلك لنعيش بهذه الطريقة".
رنيم (21 عاما) التي تعيش أيضا في مركز إيواء في مدرسة : "إنها أزمة كبيرة: لا يوجد ماء ولا مواد تنظيف، والحمامات قليلة، وهناك الكثير من الناس من خارج مركز إيواء يأتون إلى هنا لإستخدام تلك الحمامات. يتوفر الماء مرة واحدة كل ثلاثة أيام، ولمدة نصف ساعة فقط، ثم يتوقف. ولا يتدفق بشكل مستمر في الليل، ولا يوجد ورق تواليت أو مواد تنظيف. كما أن هناك أمراضاً منتشرة في المدرسة بسبب الحمامات. أمراض مثل الأنفلونزا ونزلات البرد شائعة جدًا. لا نأكل أثناء الليل حتى لا نذهب إلى الحمام، ولا نشرب الماء حتى لا نذهب إلى الحمام".
وفي الوقت نفسه، أصبح الغذاء نادرًا جدًا لدرجة أن الناس يلجأون إلى أكل العشب، حسب التقارير التي تصل الى منظمة أكشن إيد. إن كل شخص في غزة يعاني الآن من الجوع، ولا يحصل الناس إلا على 1.5 إلى 2 لتر من المياه غير الصالحة للشرب يوميًا لتلبية جميع احتياجاتهم. يكون الناس أكثر عرضة للأمراض والالتهابات التي تنتشر بسرعة بين السكان في ظل عدم وجود ما يكفي من الطعام والملابس الدافئة الضرورية للوقاية من الطقس البارد والمطر.
إيمان هي أم لأربعة أطفال وتعيش حاليًا في مخيم للنازحين. تعاني هي وزوجها من ضعف شديد في البصر، مما يجعل التكيف مع ظروفهما الحالية أكثر صعوبة. وقالت: "من الصعب جداً على شخص ضعيف البصر أن يعيش في خيمة. لا أستطيع غسل ملابسي، ولا أستطيع طهي الطعام، ولا أستطيع إشعال نار للطهي. التلوث البيئي هنا يسبب الإسهال والقيء وآلام المعدة ، إضافة الى الحزن الذي نعيشه. الحياة صعبة للغاية. حتى أولئك الذين نجوا من نكبة عام 1948 قالوا إن هذه أوقات أكثر قتامة مما كانت عليه في ذلك الوقت. والحمد لله أن الخبز أصبح متوفرا مرة أخرى، ولكن للأسف لا نملك المال اللازم لذلك. أقسم بالله العظيم، أطفالي لا يملكون سوى الملابس التي يرتدونها...من الصعب جدًا أن ترى أطفالك يعانون من سلس البول بسبب خوفهم من الحرب. الأطفال يبللون ملابسهم... وليس لديهم ما يرتدونه حتى يتم غسل ملابسهم وتجفيفها. ما أحتاجه في هذه اللحظة هو الملابس والطعام لأطفالي، الطعام المغذي. شعر الأطفال يتساقط ونحن نعاني من آلام في المفاصل. نحن بالكاد نستطيع المشي ونعاني من آلام الظهر بسبب النوم على الأرض. هذه الفرشات الأساسية الرقيقة تسبب لنا آلام الظهر".
تتحدث مسؤولة التواصل والمناصرة في منظمة آكشن إيد فلسطين، رهام الجعفري: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بوجود غزو بري محتمل في رفح وزيادة الغارات الجوية على المنطقة. فلنكن واضحين تمامًا: أي تكثيف للأعمال العسكرية في رفح، حيث يعيش أكثر من 1.4 مليون شخص، سيكون لها آثار كارثيًا. لقد قُتل حتى الآن أكثر من 27 ألف شخص في هذا الكابوس الذي دام أشهراً في غزة: ومن المستحيل أن نرى كيف أن هذا العدد لن يرتفع إلى مستويات أعلى إذا تعرض آخر مكان يفترض أنه آمن في القطاع للهجوم. إلى أين من المفترض أن يذهب سكان غزة المنهكون والجائعون. أصبح الناس الآن يائسين للغاية لدرجة أنهم يأكلون العشب في محاولة أخيرة لدرء الجوع. وفي الوقت نفسه، تتفشى العدوى والأمراض وسط مثل هذه الظروف المكتظة. الشيء الوحيد الذي سيوقف هذا الوضع من الخروج عن نطاق السيطرة هو وقف فوري ودائم لإطلاق النار – فهو الطريقة الوحيدة لوقف فقدان المزيد من الأرواح والسماح بدخول ما يكفي من المساعدات المنقذة للحياة إلى المنطقة".
مؤسسة آكشن إيد الدولية هي إتحاد عالمي تعمل مع ما يزيد على 41 مليون شخص يعيشون في أكثر من 72 من دول العالم الأكثر فقرا. نسعى لرؤية عالم يتسم بالعدالة والاستدامة، حيث يتمتع كل فرد بالحق في الحياة الكريمة والحرية وعالم خال من الفقر والإضطهاد. نعمل لتحقيق العدالة الإجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي وإستئصال الفقر. باشرت مؤسسة أكشن إيد-فلسطين عملها في فلسطين في عام 2007 لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ايمانا في حقه بالتمتع بالحرية والعدالة وحق تقرير المصير. تنفذ مؤسسة أكشن إيد فلسطين عدة برامج من خلال انخراطها مع المجتمع الفلسطيني والمجموعات الشبابية والنساء حيث تسعى الى تمكين النساء والشباب وتعزيز مشاركتهم\هن المدنية والسياسية الفاعلة لفهم حقوقهم\هن والاضطلاع بالنشاط الجماعي للتعامل مع إنتهاكات الحقوق الناجمة عن الاحتلال طويل الأمد، إضافة الى تحسين قدرتهم القيادية وممارسة مواطنتهم في مساءلة السلطات والجهات المسؤولة الأخرى.