نيويورك/PNN- قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن دعم الرئيس جو بايدن الثابت لإسرائيل في حربها على قطاع غزة يثير غضب الشباب والناخبين العرب في عام الانتخابات، لكنها شددت على أن أي تغيير في هذا النهج سيتسبب في خسارة بايدن لدعم الناخبين اليهود.
ورأت الصحيفة أن تراجع إدارة بايدن عن سياسة عهد سابقه دونالد ترامب بشأن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة لا يعكس فقط إحباطها المتزايد تجاه إسرائيل، بل يعكس المأزق السياسي الذي يجد الرئيس بايدن نفسه فيه وذلك قبل أيام فقط من الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي التي ستجري في ميشيغان، حيث يوجد عدد كبير من السكان العرب الأمريكيين.
وأشارت إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى الأرجنتين يوم الجمعة والتي وصف فيها أي مستوطنات جديدة بأنها “تتعارض مع القانون الدولي”.
واعتبرت "نيويورك تايمز" تلك التصريحات خروجًا عن السياسة التي تم وضعها في عهد إدارة ترامب وعودة إلى الموقف الأمريكي المستمر منذ عقود.
ونقلت عن نمرود نوفيك، الزميل في منتدى السياسة الإسرائيلية إن "إدارة بايدن سئمت بشكل متزايد من سلوك الحكومة الإسرائيلية في حرب غزة وما بعدها، حيث يتحدث المسؤولون علنًا بشكل أكبر الآن عن القضايا المثيرة للجدل."
وشدد نوفيك على أن تصريحات بلينكن "قليلة جدًّا ومتأخرة جدًّا”، مضيفًا أن تحركات الإدارة الأمريكية “مفككة من الناحية العملية" معتبرًا أنَّ التصريحات "بيان تكتيكي فيما الإستراتيجية الشاملة غير واضحة”.
ووفق التقرير فإن الولايات المتحدة لطالما كانت أهم حليف دولي لإسرائيل منذ هجمات السابع من أكتوبر الماضي كما دعمت واشنطن باستمرار الحملة الإسرائيلية العنيفة في غزة، وقامت إدارة بايدن بحماية إسرائيل من الانتقاد الدولي من خلال عرقلة قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن الدولي حتى مع اقتراب عدد ضحايا الحرب في غزة من 30 ألفًا.
وأوضحت أن تحركات بايدن الأخيرة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب في غزة والدخول في مفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية أثارت غضب بعض المؤيدين المتحمسين لإسرائيل في الولايات المتحدة.
وشددت على أن مطالبات الشباب الأمريكيين والناخبين العرب تتمثل بوقف فوري لإطلاق النار في غزة ووقف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل حيث ترتفع هذه الدعوات مع عدم إظهار بنيامين نتنياهو أي علامة على التراجع.
ونقلت عن يوسف منير، وهو أمريكي من أصل فلسطيني يرأس البرنامج الفلسطيني الإسرائيلي في المركز العربي في واشنطن قوله إن "العقوبات التي فرضها بايدن على عنف المستوطنين والإعلان عن أن المستوطنات غير قانونية لن تكون كافية في أي وقت في السنوات الأخيرة بالنظر إلى مدى عمق الفصل العنصري في إسرائيل".
وفي هذا الصدد، رأت الصحيفة أن الضرورات السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي متناقضة بالفعل .
وأردفت: "يحتاج بايدن إلى إنهاء الحرب، حتى يتمكن من إعادة تجميع الائتلاف الذي أدى إلى انتخابه في عام 2020 لكن نتنياهو يريد أن تستمر الحرب حتى الهزيمة الكاملة لحماس، لتجنب حساباته السياسية الداخلية، ومن المحتمل أن يساعد نتنياهو حليفه دونالد ترامب على العودة إلى السلطة."
وقد أدان مسؤولو إدارة بايدن مرارًا وتكرارًا التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية حيث يعيش ما يقرب من 500 ألف إسرائيلي الآن بين نحو 2.7 مليون فلسطيني باعتباره عقبة أمام الهدف الأمريكي طويل الأمد المتمثل في حل الدولتين.
وخلال الأسابيع الأخيرة، قال نتنياهو مرارًا وتكرارًا إنه عمل لسنوات لمنع إقامة دولة فلسطينية، وهو ما قال منذ فترة طويلة إنه "سيعرض أمن إسرائيل للخطر."
ويصف المسؤولون الفلسطينيون إعلان بلينكن حول المستوطنات بأنه طال انتظاره ولم يكن كافيًا.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن حسام زملط، السفير الفلسطيني لدى بريطانيا، في اتصال هاتفي يوم السبت قوله إن “التراجع عن العمل غير القانوني الذي قامت به الإدارة السابقة تأخر منذ ثلاث سنوات ونصف السنة”.
وأضاف زملط: "لا أفهم لماذا ظل بلينكن والرئيس بايدن مكتوفي الأيدي بشأن هذه القضية – وغيرها الكثير – طوال هذا الوقت”.
وأشار إلى أنه رغم أن إعلان بلينكن جاء “متأخرًا فإنه أفضل من ألا يأتي أبدًا”، مضيفًا أن الفلسطينيين يتوقعون “إجراءات حقيقية” ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بدلاً من “خطوات صغيرة”.
لكن محللين يقولون إن هذا التوقع قد يُحبط، على الأقل في المدى القصير.
وقال آرون ديفيد ميلر، الدبلوماسي الأمريكي السابق، إن من غير المرجح أن تتخذ إدارة بايدن إجراءات تعقب إعلان بلينكن ويكون لها "تكاليف وعواقب خطيرة".
وأضاف ميلر في رسالة بالبريد الإلكتروني، أن المسؤولين الأمريكيين، إلى جانب الوسطاء الإقليميين، يحاولون الآن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؛ ما يجعل "الحرب العامة المستمرة مع نتنياهو" غير مستساغة بالنسبة لبايدن.
ورأى ناتان ساكس، الذي يدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز، أن "المسؤولين الأمريكيين أنفقوا رأسمالهم السياسي في أماكن أخرى، مع التركيز على المنافسين مثل إيران".
وأضاف ساكس في إشارة إلى تصريحات بلينكن "إنها خطوة مهمة، بالنظر إلى نهج إدارة ترامب، رغم أنها أقل ابتكارًا من العقوبات التي فرضتها الإدارة على المستوطنين العنيفين”.
وتابع: "الإعلان الأخير كان غير مسبوق ودليلًا حقيقيًّا على وجود سياسة جديدة، كما إنه يعتبر أحد أعراض حاجة الإدارة إلى إعادة الانخراط (في المنطقة)".