الشريط الاخباري

أطول صيام في تاريخ البشرية! سؤال عالماشي - موفق مطر

نشر بتاريخ: 13-03-2024 | أفكار
News Main Image

لا نكتب في هذا المقام عن الصيام، بمعنى الامتناع الارادي عن الطعام والشراب، لأوقات محدودة ولا عن الملذات والسلوك المقيد بالانفعالات الحادة، أو منح النفس تجربة القدرة على التحكم بشهواتها ورغباتها فوق المشروعة، وإنما عن صيام قسري فرضته آلة حرب حكومة منظومة الصهيونية الدينية على أكثر من مليوني مواطن من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فهنا قد سبقوا بصيامهم القسري ملياري مسلم بمئة وسبعة وخمسين يوما، وإن كل يوم من صيامهم بمئة يوم مما يعرفه أبناء آدم من المعاناة والمآسي، وآلام الفقد، هنا الجوع والعطش من الفجر الى الفجر، على أمل طلوع صبح يوم الطمأنينة والسلام، 

هنا غول الهمجية الصهيوني ينهش بأحد من أنياب الضبع  الأحياء من نسل آدم الفلسطيني من الفجر الى الفجر ولا يشبع، أما وجبته المفضلة فهي دماء الأطفال والنساء، هنا لا يصوم جنود جيش المنظومة الصهيونية عن القتل، فشهيتهم مفتوحة بلا حدود، على الأرض في دبابات الميركافا وفي السماء في طائرات f35، وفي بوارجهم البحرية.

كان الصيام من اجل حياة افضل لصحة ونفس الانسان، وسمو أرقى وأعلى لأخلاقه وسلوكه، وحتى اتقان أفضل لعمله، ومنح المقدسات ما تستحق من الواجبات، لكننا في فلسطين عموما، وفي قطاع غزة تحديدا، نواجه همجية صهيونية أحرقت بجبروتها ونيران اسلحتها، وعقلية الاجرام والانتقام لدى ساستها وجنرالاتها،  كل المعاني التي تعرفها أمة الانسان عن قداسة روح الإنسان، وأماكنه وأيامه المقدسة، فرؤوس هذه المنظومة لا يصومون أبداً عن الجريمة ضد الانسانية، فالمجازر فطورهم وغداؤهم وعشاؤهم، أما الضحية (الانسان الفلسطيني) فالمعجزة تمكنه من لملمة انفاسه، والبحث عن ملاذ آمن لأطفاله، ورغم الشقاء فلا يحظى بأكثر من لحظات شكر لله أنه ما زال وأطفاله على قيد الحياة، فالصيام القهري لخمسة شهور لا يقوى عليه اقوى وأكبر الكهنة في العالم وأعظمهم ايمانا ...فهنا قد تم تسجيل أطول صيام في تاريخ البشرية!

المؤلم بلا أي تفسير منطقي وموضوعي وحتى علمي، أن المتخمين في العواصم المترفة ينادون على الجائعين منذ نصف عام تقريبا، الصائمين  في هذا الشهر الفضيل بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع، فخطاباتهم وكلماتهم وبياناتهم التي يبثونها محشوة بمصطلحات تعبوية لا طعم لها ولا فائدة، ويحرصون على توصيلها ساخنة عن مسافة ألف ميل عن النازحين في الخيام، الصائمين قسرا قبل رمضان، وطوعا في ايامه المباركة، وهم يدركون أن المواطنين المدمرة نفوسهم قبل بيوتهم، يحتاجون الى عقول تتخذ القرارات الواقعية الصائبة، فالكلام الناري عن "صمود الشعب"، و"فشل العدو في تحقيق اهدافه" لا ينقذ أحدا، ولا يغير من الحقائق شيئا، فهنا الجحيم تستعر اكثر، وتأكل نيرانها حاضر هذا الشعب (رجاله ونساءه) ومستقبله (اطفاله)، ولا يحق لمن بيده قدرة على رفع هذا البلاء  المكابرة أو العناد، والتمترس في خندق مطالب غايته منها حفظ ماء وجهه، فيما وجوه اطفالنا الجوعى الأحياء، وأمهاتهم بلا ملامح،

فالصيام القسري، وحرب التجويع قد نالت حتى من عظامهم !! أما الشهداء الذين ترتقي أرواحهم وتصعد من تحت ركام فوقه ركام، عند الفجر والمغرب وما بين مواقيت الصلوات، فإنهم سيشكون الى الله رؤوس منظومة الصهيونية الدينية، وقادة وجنود جيشها، القتلة المجرمين الهمجيين، ورؤوس جماعة حماس وغيرهم المتاجرين بحقهم في الحياة، المستثمرين لدمائهم في بورصات المكاسب الشخصية والفئوية الحزبية السلطوية، لكن ليس قبل أن نعمل نحن الأحياء، شعب الأحرار على الصيام للأبد عما يفرق بيننا، وعما يفسد بصيرتنا الفردية والجمعية، وعن كل مفهوم أو فعل يقدم الثانوي على الاستراتيجي، نصوم عن تعاميم تسترخص قيمة الحياة، وتستسهل الموت، وتسميه ظلما (تضحية).

 

شارك هذا الخبر!