القدس/PNN / قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الجيش الإسرائيلي شارك في هجمات المستوطنين العنيفة في الضفة الغربية أو لم يحمِ الفلسطينيين منها. هجّرت هذه الهجمات أفرادا من 20 تجمعا سكانيا، وأزالت سبعة تجمعات سكانية على الأقل بالكامل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب تقرير للمنظمة الحقوقية الدولية فقد اعتدى المستوطنون الإسرائيليون على الفلسطينيين وعذبوهم وارتكبوا العنف الجنسي ضدهم، وسرقوا ممتلكاتهم ومواشيهم، وهددوا بقتلهم إذا لم يغادروا بشكل دائم، ودمروا منازلهم ومدارسهم تحت غطاء القتال المستمر في غزة. فرّ العديد من الفلسطينيين، بما يشمل تجمعات سكانية بأكملها، من منازلهم وأراضيهم. لم يؤكد الجيش للسكان النازحين أنه سيحمي أمنهم أو يسمح لهم بالعودة، ما يجبرهم على العيش في ظروف خطيرة في أماكن أخرى.
و قال بيل فان إسفلد، المدير المشارك لحقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "هجّر المستوطنون والجنود تجمّعاتٍ فلسطينية بأكملها ودمروا كل منزل فيها بدعم مفترض من السلطات الإسرائيلية. بينما يتركز اهتمام العالم على غزة، تتصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية، التي تغذيها عقود الإفلات من العقاب ولامبالاة حلفاء إسرائيل".
و اشار بيان للمنظمة انها حققت في الهجمات التي أدت إلى التهجير القسري لجميع سكان خربة زنوتا وخربة الرظيم جنوب الخليل، والقانوب شرق الخليل، وعين الرشاش ووادي السيق شرق رام الله، في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني. تُظهر الأدلة أن المستوطنين المسلحين، بمشاركة نشطة من وحدات الجيش، قطعوا الطرق بشكل متكرر وداهموا التجمعات الفلسطينية، واحتجزوا السكان واعتدوا عليهم وعذبوهم، وطردوهم من منازلهم وأراضيهم تحت تهديد السلاح أو أجبروهم على المغادرة تحت تهديدهم بالقتل، ومنعوهم من أخذ ممتلكاتهم.
اشار تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 27 شاهدا على الهجمات، واطلعت على فيديوهات صورها السكان، تُظهر مضايقات من قبل رجال يرتدون الزي العسكري الإسرائيلي ويحملون بنادق حربية "إم 16" (M16). حتى 16 أبريل/نيسان، لم يكن الجيش الإسرائيلي قد أجاب بعد على أسئلة أرسلتها هيومن رايتس ووتش عبر البريد الإلكتروني في 7 أبريل/نيسان.
و تصاعدت هجمات المستوطنين على الفلسطينيين عام 2023 إلى أعلى مستوى منذ أن بدأت "الأمم المتحدة" بتسجيلها عام 2006. كان هذا هو الحال حتى قبل الهجمات التي قادتها "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول وقتلت حوالي 1,100 شخص داخل إسرائيل.
بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، استدعى الجيش الإسرائيلي 5,500 مستوطن من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، بينهم ذوو سجلات جنائية في العنف ضد الفلسطينيين، وعيّنهم في "ألوية الدفاع الإقليمي" في الضفة الغربية. وزعت السلطات 7 آلاف قطعة سلاح على عناصر هذه الفرقة وقوات أخرى، بما فيها "فرق الأمن المدنية" التي أُنشئت في المستوطنات، وفقا لصحيفة "هآرتس" ومنظمات حقوقية إسرائيلية. أفادت وسائل إعلام أن المستوطنين تركوا منشورات وأرسلوا تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي للفلسطينيين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، مثل تحذيرات تقول "اهربوا إلى الأردن" وإلا "[تعرضتم] للإبادة"، وأن "يوم الانتقام قادم".
وأشار التقرير الى ان الأمم المتحدة سجلت أكثر من 700 هجوم من قبل مستوطنين بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و3 أبريل/نيسان، وكان جنود يرتدون الزي العسكري موجودين في نصف الهجمات تقريبا. هجّرت الهجمات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول أكثر من 1,200 شخص، بينهم 600 طفل، من التجمعات الرعوية الريفية. أفادت الأمم المتحدة أن 17 فلسطينيا على الأقل قتلوا وأصيب 400 آخرون، في حين قتل الفلسطينيون 7 مستوطنين في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
في 12 أبريل/نيسان، عُثر على جثة مستوطن إسرائيلي عمره 14 عاما بعد اختفائه من موقع ملاخي هاشالوم الاستيطاني المستحدث. ومنذئذ، هاجم المستوطنون ما لا يقل عن 17 قرية وتجمعا فلسطينيا في الضفة الغربية، وفقًا لـ "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا).
وأفادت منظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية أن أربعة فلسطينيين، بينهم صبي عمره 16 عاما، قُتلوا في هذه الحوادث، وأُحرِقت المنازل والمركبات، وقُتلت رؤوس ماشية.
وجدت هيومن رايتس ووتش أنه لم يتمكن من العودة أي شخص من أولئك الذين طُردوا من التجمعات الخمسة التي شملها التحقيق. أما الجيش الإسرائيلي، فإما رفض طلبات السماح للسكان بالعودة أو لم يجِب عليها، ما جعل الفلسطينيين بدون حماية من المستوطنين المسلحين والجنود ذاتهم الذين هددوا بقتلهم إذا عادوا. أُجبِرت عائلة لديها سبعة أطفال على الفرار سيرا من القانوب، وتعيش الآن في مستودع صغير مبني بحجارة إسمنتية بدون مال لدفع الإيجار.
قدّمت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "حقل: تضامن لحماية حقوق الإنسان" التماسا إلى "المحكمة العليا الإسرائيلية لإصدار تعليمات للجيش بحماية ست تجمعات مهجّرة والسماح لها بالعودة، بما فيها خربة زنوتة، لكن زعم المدعي العام الإسرائيلي في 20 فبراير/شباط ردا على ذلك أنه لم يحدث أي تهجير قسري، وأن الفلسطينيين غادروا طوعا بسبب مشاكل الرعي والزراعة، بحسب منظمة حقل. الجلسة القادمة في القضية مقررة في 1 مايو/أيار.
كان السكان المهجّرون يربون الأغنام. قال بعضهم إن المهاجمين الإسرائيليين سرقوا مركبات وأموالا وأجهزة منزلية، بالإضافة إلى الأغنام والأعلاف التي اشترتها العائلات بالدين ولا يمكنها الآن سداد ثمنها. فرّت عائلات أخرى مع قطعانها لكنها اضطرت إلى بناء ملاجئ جديدة وليس لديها مكان لرعي الأغنام.
لاحقا، رعى المستوطنون أغنامهم في أراضي التجمعات المهجَّرة، وفقا لمجموعات حقوقية. أفادت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية أنه حتى منتصف مارس/آذار، استولى المستوطنون على أكثر من 4 آلاف دونم من أراضي الرعي الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
تسببت هجمات المستوطنين المتكررة، والتي تحدث غالبا ليلا، بإثارة الخوف والأذى النفسي. قال الأطفال وأولياء أمورهم إن الأطفال يعانون من كوابيس وصعوبة في التركيز. دمرت الهجمات مدارس في اثنين من التجمعات الخمسة، ولم يتمكن معظم الأطفال من ارتياد المدرسة لشهر أو أكثر بعد تهجيرهم.
لدى الشرطة الإسرائيلية سلطة إنفاذ القانون على المستوطنين، في حين أن لدى الجيش سلطة على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير تعليمات للشرطة بعدم تطبيق القانون ضد المستوطنين الذين يرتكبون أعمال عنف، بحسب صحفي استقصائي إسرائيلي. نفت الشرطة صحة التقرير، لكن بن غفير لم يفعل ذلك. الغالبية الساحقة من الشكاوى الفلسطينية ضد المستوطنين والجيش الإسرائيلي لا تؤدي إلى توجيه اتهامات، بحسب البيانات الرسمية التي جمعتها ييش دين.
بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وزعت وزارة الأمن القومي آلاف الأسلحة على أشخاص منهم المستوطنون. في ديسمبر/كانون الأول، صرّح مكتب النائب العام أمام في "الكنيست" أنه توصل إلى أن الوزارة وافقت بشكل غير قانوني على 14 ألف تصريح للأسلحة النارية.
سمحت دول منها الولايات المتحدة وألمانيا وإيطالياوبريطانيا بتصدير الأسلحة، بما فيها البنادق الهجومية والذخيرة، إلى إسرائيل. وافقت الولايات المتحدة على أكثر من 100 عملية نقل سلاح إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وصدّرت 8 آلاف بندقية حربية و43 ألف مسدس عام 2023 قبل أن تجمّد شحنة 24 ألف بندقية هجومية في ديسمبر/كانون الأول بسبب مخاوف من هجمات المستوطنين. قال مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية إنه "من شبه المؤكد" أن المستوطنين يستخدمون أسلحة أمريكية الصنع.
منذ ديسمبر/كانون الأول، أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا إجراءات تأشيرات تمنع بعض المستوطنين الذين يرتكبون أعمال العنف من الدخول. فرضت بريطانياوالولايات المتحدة عقوبات مالية على ما مجموعه ثمانية مستوطنين وتجمّعين استيطانيَّيْن مستحدثين. ما تزال عقوبات "الاتحاد الأوروبي" قيد المناقشة، بسبب المقاومة الشديدة من قبل جمهورية التشيك وهنغاريا.
النقل القسري أو الترحيل والتدمير والاستيلاء الواسع على الممتلكات في الأراضي المحتلة هي جرائم حرب. القمع المنهجي والأفعال اللاإنسانية التي تمارسها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما فيها جرائم الحرب، المرتكبة بهدف الحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين تشكل الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد.
وخلص تقرير هيومن رايت وتش انه على الحكومات تعليق دعمها العسكري لإسرائيل نظرا لخطر التواطؤ في الانتهاكات. ينبغي لها أيضا مراجعة وربما تعليق الاتفاقيات الثنائية، مثل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وحظر التجارة مع المستوطنات في الأراضي المحتلة. ينبغي لبريطانيا فورا أن تسحب "مشروع قانون النشاط الاقتصادي للهيئات العامة (المسائل الخارجية)"، الذي يقيد قدرة الهيئات العامة البريطانية على اتخاذ قرار بعدم التعامل مع الشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية.
ينبغي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وغيرها من الدول اتخاذ إجراءات لضمان محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما يشمل التحقيقات والمحاكمات الجنائية بموجب الولاية القضائية العالمية وفي "المحكمة الجنائية الدولية". ينبغي أن يشمل ذلك المسؤولين بموجب مسؤولية القيادة عن عدم منع الجرائم المرتكبة من قبل أولئك الذين هم تحت إمرتهم أو المعاقبة عليها.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه بالإضافة إلى ذلك، على الدول النظر في فرض عقوبات على المسؤولين عن الهجمات الإسرائيلية المستمرة على التجمعات الفلسطينية أو منع المهجّرين الفلسطينيين من العودة إلى أراضيهم، إلى أن ينهي الخاضعون للعقوبات الهجمات ويضمنوا عودة المهجّرين الفلسطينيين.
و قال المسؤول في هيومن رايت رتتش فان إسفلد ان الأطفال الفلسطينيون شاهدوا عائلاتهم وهي تتعرض للمعاملة الوحشية، ومنازلهم ومدارسهم تُدَمر، والسلطات الإسرائيلية هي المسؤولة في نهاية المطاف. كبار المسؤولين في الدولة يؤججون هذه الهجمات أو لا يمنعونها، وحلفاء إسرائيل لا يفعلون ما يكفي لوقف ذلك".