لا تعكس المشاهد التي تعرضها الشاشات وتنشر عبر مواقع التواصل إلا جزءا من المعاناة الإنسانية الحاصلة في قطاع غزة، وبينما تتواصل الحرب الإسرائيلية وتشتد تداعياتها على الأرض، يجد من بقي على قيد الحياة نفسه في مواجهة "حرب من نوع آخر".
ويقود هذه "الحرب" تجار لطالما ارتبط اسمهم بالأزمات والمناطق المحاصرة، ورغم أن الحديث عنهم يتركز الآن في غزة كون أنظار العالم موجهة إليها والمأساة غير المسبوقة على أشدها هناك.
وتعصف بالغزيين أزمة حادة ومركبة، ناجمة عن شح السيولة والارتفاع المهول في أسعار ضربت بقوة كل تفاصيل الحياة اليومية، نتيجة الحرب الإسرائيلية التي أوقفت عجلة الاقتصاد وتسببت في شلل شبه تام في القطاع الساحلي الصغير، الذي يعاني غالبية سكانه من معدلات هائلة في الفقر والبطالة.
ما يحدث داخل غزة يشكل حرباً أخرى لا يراها العالم أمام آلة القتل الإسرائيلية، فبالإضافة إلى الخوف والتهجير والفقد، يظهر تجار الحروب الذين يحتكرون البضائع، وأحياناً المساعدات، ويرفعون أسعارها، لدرجة أن بعض السلع تضاعف سعرها خمسين مرة، يضاف هذا الاستغلال والسمسرة في موضوع المساعدات إلى الأحمال الثقيلة التي تواجه الغزيين في محاولاتهم اليومية للنجاة، سواءً في البحث عن قوت يومهم، أو في البحث عن سبيل للنجاة الجسدية بعائلاتهم وأطفالهم من نار الحرب.
استغلال وحشي ووجوه جهنمية لا تعرف الرئفة أو تراعي ظروف الحرب استغلت الوضع لكي تجمع ثروة باطلة على حساب رقاب شعب لا يزال ينزف ويعيش على رمق جوعه ومحاصر من كل الجهات.