الشريط الاخباري

عنان دعنا: عدالة التعليم لا تتحقق إلا بزوال الاحتلال!

نشر بتاريخ: 05-05-2024 | محليات
News Main Image

الخليل /PNN / اجرى الحوار جنى جلال طباخي طالبة إعلام في جامعة بيت لحم

التعليم المدمج، هكذا ترتسم ملامح التعليم في ظل العدوان على قطاع غزة وتزايد الاعتداءات في الضفة، ووفق وزارة التربية والتعليم فمع بدء العدوان  اضطر مئات الآلاف من الطــــلاب لخــــــــــوض غمار التعليم المدمـــــج  بكل تحديــــــــاته في سبـــــــــيل النجــــــــــاة من رصاصـــــة أو اعتقــــال في اقتــحامات وتصعيدات تشكل خطراً على طالب يحمل كراســــــــــه وقلمـــه! قابلنا، للحديـــــث عن تأثر التعليم في الضفة بالحرب على قطاع غزة، الأستاذ عنان دعنا، وهو المدير الإداري في مديرية التربية والتعليم/ الخليل.
 
●  يعتبر الحق في التعليم من الحقوق الأساسية الذي تقر به جميع المعاهدات والمواثيق الدولية، لكن هذه الحقوق تكون مغيبة في الظل الاحتلال الظالم، كيف أثرت الحرب على قطاع غزة بالتعليم في الضفة، وكيف تم التعامل مع ذلك؟


التعليم هو السلاح الأقوى ضد الاحتلال، والمسألة هي مسألة تراكمية فقد تأثر التعلــيم منذ بدء الاحــتلال، وتزايد في ظل الحرب الشرسة ضد أهلنا بغزة وبشكل موازي على أهلنا بالضفة أيضًا، ونحن نعتبر وزارة التربية والتعليم كما ذكرها الشهيد القائد ياسر عرفـــات أنها وزارة الدفـــاع الفلسطيــني، وهي أقوى ســلاح لمقاومة الاحتلال، ولكن التعليم وصل ذروة تأزمه منذ السابع من أكتوبر، بدءاً من غزة في قصف المدارس وقصف المؤسسات التعليمية، واستهداف الطلاب، وأيضا في الضفة، من خلال وضع الحواجز والاعتقالات وفرض منع التجول والحصار الذي أعاق بدوره العملية التعليمية في الضفة، ونحن هنا نتكلم عن محورين، المحور الأول أن التعليم في غزة منذ السابع من أكتوبر توقف، أما في الضفة فقد انتقل في البداية إلى تعليم إلكتروني، وهي تجربة رائدة في وزارة التربية والتعليم تم اكتسابها منذ جائحة كورونا، تم تكريسها منذ بدء الحـرب، ومـن ثم تدريجـيا عدنا إلى التعـليم المدمج بحسـب الوضـع الأمـني بالـدرجة الأولى وحسـب موقع المدرســة، وقد نجـحنا في البـداية أن يـكون التعليم الوجـاهي يومـين في الأسـبوع، ثم تحول إلـى ثـلاثة أيام أسبوعياً وباقي الأيام إلكترونياً. 


● هل تتحقق عدالة التعليم من خلال التعليم المدمج؟ وكيف أثر ذلك على الطلبة؟


عدالة التعليم لا تحقق إلا بزوال الاحتلال، فلا عدالة مطلقة بوجوده في عدة مواضيع وعلى رأسها التــــعليم، وذلك بسبب سياسة الاحتلال في مهاجمة المناهج، واستباحة المؤسسات التعليمية حتى قبل السابع من أكتوبر، ولا بديل عن التعليم الوجاهي  لكن الظروف الأمنية جعلتنا نلجأ إلى هذه الأساليب، وسبب ذلك الأول والأخير هو الاحتلال ومواصلته إغلاق الطرق، وإباحة دماء أبناء شعبنا سواء من المعلمــــين أو الطلبة، أما التعليـــم الإلكتروني فهو ينجح في مجالات تحددها المرحلة العمرية، حيث أن الطـالب في المرحلة الأساسيـة عليــا لا يستطيع أن يتعامل مع التعليم الإلكتروني، لأنه لم يتعرف جيدا علــى العمـلية التعليميـة، ويجب وجـود وصـي معه أثناء استخدام الحاسوب، أما المراحل العليا، فهناك مواد لا يمكن للتعليم الإلكتروني إيفائها حقها،  كالمواد العلمية…أيضاً تواصل الطالب وانتماؤه للمدرسة لا يتحـقق إلا بالتــعليم الوجــاهي، فالعملية التعليمية ليســـت عملية تلقينية، بل هي عملية تواصل بين المعلم والطالب، وبين الطالب وزملائه؛ مما يجعل له دافعية للتــعليم، أما تعلم الطالب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتعامل مع الحاسوب بدلاً من التعامل مع زملائه ومعلميه مباشرة يفقده الشغف والدافعية للتعليم.

● في ظل الأوضاع الصعبة في الضفة، ما مدى تأثير الظروف الاقتصادية على عرقلة التعليم سواء كان وجاهيا أو عن بعد ؟


المسألة الاقتصادية مسألة مهمة جداً، تأتي بالدرجة الثانية بعد المسألة الأمنية لكافة الشعوب، فالشعب لكي يحصل على حقوقه يجب توفر عاملين أساسيين، عامل الأمن وعامل الاقتصاد، وفي ظل هذه الحرب فقدنا العامل الأمني بشكل كامل تقريباً، وكذلك بالنسبة للعامل الاقتصادي، الذي بدوره كان له أثر كبير في مدارسنا، بدءاً من المعلم الذي سيصل إلى المدرسة ويعاني من ظروف اقتــصادية صعبة في حــين عدم قدرة الحكومة على صرف رواتب المعلمين كاملة منذ سنتين ونصف، فأثر عليه غلاء المعيشة في ظل الحرب، وزيادة أسعار المواصلات نتيجة الحواجز العسكرية ما أدى إلى عرقلة وصوله حــتى في أيام التعليم الوجاهي، وقد أثر ذلك أيضاً على أولياء أمور الطلبة لعدم قدرتهــم على تأمين المصــروف المدرسي والمواصلات، فالمسألة لم تقتصر فقط على المعلم، وأن المعلم الفلــسطيني هو فدائي، رسالته دائماً رسالة وطنية تربوية تعليمية تختلف عن رسالة أي معلم في أي دولة في العــــالم سواء عربية أو عالمية، لأن رسالته الوطنية دائما ما تكون في الدرجة الأولى، وعهدنا في المعلم أن يتــحمل الظروف مقابل إيصال رسالته، لكن هذه الظروف انعكست على ولي الأمر والطــالب، ويتجلى هــذا الموضوع أكثر في المدارس الثانوية، حيث أنها موجودة في مناطق محصـــورة يحــــتاج الطالب إلى مواصلات للوصول إليها، بينما المدارس الإبتدائية عادة ما تكــون موجــود بكــل حي، فهذا أدى إلى عرقلة التعليم حتى لو استقر الوضع الأمني نسبياً، بالإضافة إلى أن الدعم لـــمدارسنا في التــعليم يعتمد على المجتمع المحلي، خاصة في الخليــل، سواء بنــاء المــدارس، ترميـمها، وزيــادة مرافقها، لــكن نتـــيجة الوضع الاقتصادي السيء قلت نسبة الدعم، أما بالنسبة إلى التعليم الإلكتروني فهو أيضاً يحتاج إلى تكلفة، حيث يحتاج كل طالب إلى جهاز، وفي هذا الوضــع، لو كان لولي الأمــر الــقدرة على تـــأمين الأجهزة، لن يستطيع الآن تأمينها، فهذه كلها تراكمات أدت إلى ضرب العملية التعليمية من جميع النواحي.


● برأيك، كيف يتم التعامل مع هذه التحديات لضمان سير العملية التعليمية في حين عدم قدرة الحكومة على صرف رواتب المعلمين كاملة؟


نحن في التعليم الوجاهي نتحدى التحديات، والمعلم مثابر كما أشرت لك سابقاً، وولي الأمر يــدرك أن التعليم مهم جداً، أما بالنسبة للتعليم الإلكتروني، وفرنا للمــــعلم الذي لا يــتوفر عنده انتــرنت أو جهاز نتيجة للظروف الاقتصادية التوجه لأقرب مدرسة واســتخدام أجهزتها، أيضاً تقســيم البرامج التعليمية بأوقات مختلفة، فمثلاً عائلة لديها ثلـــاثة أطفال، تكون برامجهم بأوقــات مختلفة لضمان توفر أجهزة، كذلك قمنا بمخاطبة المؤسسات من خلال أقســـامنا، لتوفير على الأقل لكل أسرة محتاجة جهاز واحد، بالإضافة إلى مخاطبة الغرفة التجارية ورجال الأعمال لضمان استمرار تقديم الدعم لاستمرار التعليم.

● التعليم _من وجهة نظرك_ بين الواقع والطموح، إلى أين، وما هي رسالتك للتعليم؟


طموحنا عالي جداً، ومدركين أن التعليم في فلســـطين مهم جداً لأننا نسعى لإقامة دولة، والدولة لا تقام إلا من خلال المتعلمين، والذي يقودها هم المتـــعلمين، وهذه هي آمالنا، لكـن التحـديات والصعوبات كبيرة جداً، نحن لا نُحــــارَب فقــط من الاحـتلال، بل وأيضـاً من أعوان الاحتلال، فنحن محـاصرون اقتصـادياً وأمنـياً، بالإضافة إلى تزايد الضغط على المطالبة في تغيير منـاهجنا، كحذف كلمة شهيد أو أسير، وهذا سبب رئيسي للأزمة المالية التي نمر بها، لأن الدول الأوروبية أوقفت دعمــها، وباتت تشترط تغيير مناهجنا، في حين أن طـــــرف الاحــتلال مناهـــجهم تميل إلى العنــف، بدلـيل أن في الانتخـابات الأخـيرة، الجميع ينتخب اليمـين المتطرف، وهذا لا يأتي من عبث بل هو نتيجة مدارســهم التي تنــمي الحقد على الفلسطينيين خاصة  وعلى العروبة عامة، أملنا كبير بكوادرنا التعليمية والتحدي سيظل مستمــــر ، فالتحــديات التي نمر بها خاصة في الآونة الاخيرة لو كانت في دولة أخرى لتوقف التعلـــيم نهــائياً، كما في الحرب بين روسيــا وأوكرانيا حيث توقف التعليم بشكل نهائي، و نحن برغم الصعوبات والاحتلال والحرب ما زلنا مستمرين في التعليم، وهذا إنجاز، وأنا أرى في المستقبل القريب  العاجل سيكون التعليم باتجاه أفضل،  فالنجاح دائما يأتي من رحم المعاناة، وقد أدركنا جميعا خصوصا في الأونة الاخيرة أن التعليم هو الوسيلة الأكبر للتخلص من الاحتلال ونزع حقوقنا، ونحن نراهن على الجيل الجديد خاصة طلاب الجامعات، وهو ما شاهدناه مؤخراً، خروج طلاب الجامعات في الجامعات الغربية سلاح أكبر من السلاح النووي ضد الاحتلال، و نحن نعوّل حالياً على طلاب جامعاتنا لأنهم هم من سيقودون مدارسنا ومؤسساتنا في المستقبل بأن يتجهوا باتجاه التعليم وأهمية التعليم، فقياداتنا المستقبلية موجودة في الجامعات هذا ما يجعلنا نطمح أن التعليم سيكون أفضل، وأؤكد أن التعليم برغم كل الصعوبات لا يزال بخير، وكل ما زادت الصعوبات سنتمسك بالتعليم أكثر.

 

شارك هذا الخبر!