بيت لحم /PNN / بدأت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، جلسات استماع لمدة يومين للنظر في طلب جنوب أفريقيا ضمان وقف إسرائيل عمليتها العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي لجأ إليها أكثر من نصف سكان غزة بحثا عن ملجأ آمن.
وفي بداية الجلسة، قال ممثل دولة جنوب أفريقيا، إن إسرائيل تواصل انتهاكها القانون الدولي وقراراته لعدم وجود إجراءات بحقها من المجتمع الدولي.
وأضاف، ان إسرائيل تواصل انتهاكها القانون الدولي، وتنتهك القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والهيئات الأممية، وتواصل جرائمها بحق الفلسطينيين، حيث هدمت المدارس والمشافي والجامعات، وكذلك المؤسسات الإنسانية والإغاثية.
وأشار إلى أن الاحتلال يسعى إلى تهجير الفلسطينيين عن أرضهم، للسيطرة عليها من خلال المشاريع الاستيطانية وتوطين اليهود على أراضيها.
وأكد أن هناك ملفا كاملا وقانونيا يظهر ما يجري من عمليات الإبادة وغيرها من الجرائم بحق الفلسطينيين.
كما طالب المجتمع الدولي بضرورة إنفاذ القانون الدولي، ووقف سياسة الاحتلال وخطته الرامية لاجتياح رفح بشكل كامل، مبديا مخاوفه من ارتفاع عدد الضحايا خلال هذه الحرب في ظل عدم التزام اسرائيل بالمعايير الدولية والاتفاقات الإنسانية.
كما تحدث مجموعة من المحامين والقانونيين الممثلين لدولة جنوب افريقيا في الدعوة، أشاروا إلى أن الأوامر والتدابير السابقة التي أقرتها المحكمة بتاريخ 26 يناير لم تمنع من حدوث جرائم لاحقا، ما دفع لإصدار أوامر جديدة في شهر مارس.
وأكدوا أن عدم الوضوح في هذه الأوامر أو اختيار إسرائيل تجاهلها أدى إلى أن تكون هذه الأوامر غير فاعلة.
وأوضحوا أن جنوب افريقيا تطلب من المحكمة الدولية اتخاذ سلطتها، لأن المحكمة لها صلاحية التصرف بحيث تضمن ألا تكون أوامرها السابقة دون جدوى.
كما بينوا أن عمل إسرائيل موجه ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، ولكن طلب جنوب افريقيا مركز الآن على رفح لأن القتل والدمار يلوحان في الأفق فيها، وعمل إسرائيل في رفح يشير إلى أن غزة سيتم تدميرها بالكامل، وهذه هي آخر خطوة لتدمير غزة.
وأضافوا أن الشعب الفلسطيني بأكمله يحتاج لحماية من الإبادة بأمر من المحكمة.
وأكدوا أن هناك أدلة على استمرار إسرائيل بالقصف والهجوم في المناطق التي وصفت بأنها آمنة، بالإضافة إلى اعتراض قوافل المساعدات، ووجود المقابر الجماعية، وكل الصور التي تأتي من غزة تشير إلى استمرار الفظاعة، ويجب أن تتصرف المحكمة بشكل عاجل لمنع انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
وأوضحوا أنه ليس من السهل التعرف على كافة التفاصيل داخل غزة بسبب إجراءات إسرائيل التي تمنع التحقيقات الإعلامية ومنها قتل أكثر من 100 صحفي منذ بداية الحرب.
وأكدوا أن حق الدفاع عن النفس لا يعطي لدولة رخصة في استخدام قوة لا حدود لها، وإلحاق دمار وعنف وتجويع على شعب بأكمله، ولا شيء يبرر الإبادة الجماعية. كما أن منع الإبادة هو أحد المعايير الثابتة في القانون الدولي الإنساني، ولا حق في الدفاع عن النفس لدولة قائمة بالاحتلال ضد شعب تحتله.
كما أكد القانونيون ضرورة إلزام اسرائيل بوقف كل من اجتياحها لرفح، ومواصلة إغلاقها معبري رفح وكرم أبو سالم، ومطالبتها المدنيين بالخروج من رفح إلى أماكن أخرى، لمواصلة الحرب البرية والجوية الرامية لتدمير رفح.
ونوهوا إلى أن قطاع غزه لا سيما رفح يتعرض لجريمة إنسانية، وهناك مخاوف من تزايد حدة المجاعة في ظل نقص الإمدادات والمساعدات الإنسانية بعد إغلاق المعابر البرية، مؤكدين أن الوقائع والحقائق على أرض الواقع تبين مدى انتهاك القانون الدولي الإنساني.
كما دعوا إلى وقف هذه الحرب التي طالت كافة القطاعات والبنية التحتية وغيرها، لتهجير الفلسطينيين، بالإضافة إلى المطالبة بانسحاب إسرائيل من قطاع غزه، وفتح المعابر، وعودة المؤسسات الإغاثية الإنسانية، وتوفير المتطلبات الأساسية للمواطنين من المياه والأدوية والعلاج وغيرها من متطلبات الحياة التي باتت مفقودة في ظل وجود مليون ونصف المليون لاجئ في رفح.
وكشف المتحدثون وجود عشرة آلاف مفقود تحت الانقاض، فيما دمر الاحتلال 70 بالمائة من المنازل بشكل كلي أو جزئي، كما فقد 14 ألف طفل حياتهم، وجرح الآلاف من الأطفال، فيما فصل 17 ألف طفل عن عائلاتهم بسب مواصلة هذه الحرب، ويتعرضون للصدمة وما بعد الصدمة، وبحاجة إلى تقديم العلاج اللازم لهم، وحمايتهم من عمليات القتل والاعدام ضمن مواثيق حقوق الطفل والحماية الدولية لهم.
كما استعرضوا عملية قتل الصحفيين والأطباء، وكذلك المقابر الجماعية التي وجدت في محيط المستشفيات، والتي تؤكد عملية التعذيب والإعدام للمواطنين العزل.
يذكر أن جنوب افريقيا كانت قد طلبت من المحكمة أن تحض إسرائيل على سحب قواتها فورا، ووقف هجومها العسكري في منطقة رفح، وأن تتخذ فورا كل التدابير الفاعلة لضمان وصول المساعدة الإنسانية من دون عوائق إلى غزة.
وطلبت من المحكمة، أيضا، إصدار أمر لإسرائيل بالسماح لمسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية فضلا عن الصحفيين والمحققين بالدخول إلى القطاع دون عوائق.
وأضافت أن إسرائيل تتجاهل وتنتهك حتى الآن الأوامر التي سبق أن أصدرتها المحكمة.
وفي كانون الثاني/ يناير، دعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى تجنب أي عمل يؤدي إلى إبادة، وإلى تسهيل وصول المساعدة الإنسانية إلى غزة.
وبعد بضعة أسابيع، طلبت جنوب افريقيا اتخاذ إجراءات جديدة، لافتة إلى إعلان إسرائيل عزمها على شن هجوم على رفح، لكن المحكمة رفضت هذا الطلب.
وبداية آذار/ مارس، طلبت جنوب افريقيا مجددا من المحكمة أن تفرض على إسرائيل تدابير طارئة جديدة. وفي الشهر نفسه، أمرت المحكمة إسرائيل بأن تكفل وصول "مساعدة إنسانية عاجلة" إلى غزة في ظل "مجاعة بدأت تنتشر" في القطاع المحاصر.
ومؤخرا، أعلنت دول بينها ليبيا ومصر وتركيا اعتزامها التدخل رسميا لدعم دعوى جنوب إفريقيا في قضية "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بسبب حربها المستمرة على قطاع غزة.
وتأتي جلسات محكمة العدل الدولية في إطار قضية مستمرة تتهم فيها أيضا إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد شعبنا.
وتجدر الإشارة إلى أن أحكام محكمة العدل الدولية وأوامرها ملزِمة ولا يمكن الطعن عليها. ورغم أن المحكمة ليست لديها طريقة لتنفيذ أحكامها، فإن إصدار أمر ضد دولة ما قد يلحق ضررا بسمعتها على الساحة الدولية ويشكل سابقة قانونية.
وبدأت قوات الاحتلال في السادس من الشهر الجاري عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب القطاع، وطالبت المواطنين والنازحين إلى المناطق الشرقية من المدينة (الشوكة وأحياء السلام والجنينة وتبة زراع)، بالتوجه إلى مدينة خان يونس جنوب القطاع.
وفي 5 من شهر أيار/ مايو الجاري أغلقت قوات الاحتلال بشكل كامل معبر كرم أبو سالم جنوب شرق مدينة رفح، ومنعت إدخال المساعدات الإنسانية، والطبية، وفي السابع من الشهر ذاته، احتلت قوات الاحتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي، وأوقفت تدفق المساعدات إلى القطاع، وما زالت تغلق المعبرين حتى اليوم.
وكانت مدينة رفح، قد شهدت منذ بدء العدوان على قطاع غزة حركة نزوح كبيرة للمواطنين من مختلف مدن القطاع، حيث وصل عدد المواطنين فيها إلى نحو 1.5 مليون، ومع بدء العملية العسكرية في رفح اضطر 600 ألف منهم إلى النزوح مرة أخرى إلى مناطق أخرى.
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد 35,233 مواطنا وإصابة 79,141 آخرين.