بيت لحم /PNN / تقرير ملاك خالد بدير - برنامج الإعلام التفاعلي والاتصال / جامعة بيت لحم -
رغم مرور 76 عاما على ذكرى النكبة الفلسطينية , لا تزال ملامح الأمل بالرجوع إلى أرض الوطن باقية في ذاكرة الفلسطيني الذي هُجر من أرضه عام 1948 .
"حارس الذاكرة " هكذا لُقب طارق البكري صاحب مبادرة "كنا وما زلنا" التي يوثق بها القرى الفلسطينية التي تم تطهيرها عرقيا من سكانها الاصليين وهي ايضا تعتبر محاكاة بين الماضي والحاضر لإفحام ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي وتوثيق المباني الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها في عام 1948 والتأكيد على السردية والرواية الفلسطينية التي كانت وما زالت حاضرة في الذاكرة .
طارق زياد البكري باحث وموثق بصري للتاريخ الفلسطيني من مواليد مدينة القدس المحتلة يناير 1986 م , حاصل على درجة البكالوريوس في هندسة الحاسوب من جامعة عمان الاهلية في الاردن .
عند عودته إلى فلسطين بعد احتكاكه مع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات تبلورت لديه فكرة توثيق القرى الفلسطينية عن طريق إطلاق مبادرة فردية بعنوان "كنا ومازلنا " بعد ما كان يوثق القرى الفلسطينية عن طريق الصور الفوتوغرافية التي كان يلتقطها بعدسته .
أطلق البكري مبادرة شخصية في التوثيق البصري بمنظوره الجديد والخاص به عام 2010 للقرى المهجرة من شمال فلسطين وحتى جنوبها , ركز فيها على توثيق القرى الفلسطينية المهجرة عام 1948 , بيوتها , حكاياتها ومعالمها الفلسطينية التي كانت ولا تزال فلسطينية رغم احتلالها , لكل قصة وحكاية توثيق ترافقها صور قديمه قبل النكبة واخرى حديثة التقطت بعد احتلالها تؤكد على حق تلك العائلات في بيوتهم التي سلبت منهم .
وثق البكري صورا وقصصاً للعديد من القرى المهجرة في كافة أنحاء فلسطين وسعى دائما الى العثور على اصحاب هذه الارض ومعرفة قصصهم المؤثره والتي تحاكي حنينهم وشوقهم للرجوع الى ارضهم .
كانت مبادرة شخصية دون دعم مادي خارجي في التوثيق البصري في فلسطين
وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني فإنه يوجد أكثر من 530 قرية تم تهجيرها في النكبة الفلسطينية عام 1948 وبعدها ايضا .
وتشير المصادر الفلسطينية الرسمية إلى أن 800 ألف فلسطيني رحلوا أو أجبروا على الرحيل والنزوح من منازلهم عام 1948 وأصبحوا لاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة والعديد من الدول العربية والاجنبية كذلك . ايضا تشير احصائيات الامم المتحدة الى ان عدد اللاجئين الفلسطينيين تجاوز 5.4 مليون لاجئ وايضا بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني يعيش حوالي 7.3 مليون فلسطيني في الشتات امتد من الشرق الاوسط الى امريكا الجنوبية واستراليا .
حيث أن هذه المبادرة تعتبر مبادرة لنشر الرواية الفلسطينية الحقيقية والتأكيد على سرديتها الباقية الأزلية.
بحسب قول طارق البكري في مقابلة له في برنامج كرفان على قناة رؤيا " عندما يكون الإنسان يؤمن برسالة معينة ويبدأ بفكرة من القلب … من الناس إلى الناس .. هذا ما يميز كنا ومازلنا " .
واضاف ايضا " كنا وما زلنا تطورت وواكبت العصر والتطور التكنولوجي في عدة مناحي , وواكبت وسائل التواصل الاجتماعي , فإنها عندما بدات من صور لقرى مهجرة الى مشروع إلى قصص العودة … الى الفلسطينيين الذين تمكنوا من الوصول إلى بلدهم , اصبحنا نصطحبهم الى قراهم المهجرة … ليروها من خلال مبادرة كنا ومازلنا .. وهذا اصبح جسر بيت الداخل الفلسطيني والشتات " .
يؤمن البكري أن الذاكرة حق إنساني غير قابل للإنكار وأن الذاكرة هي الهوية , وان ما يقوم به هو ليس عملا بل واجب وطني وانساني .
قامت المخرجة الفلسطينية سوسن قاعود بإخراج فيلم وثائقي يتتبع قصص العودة التي يقوم طارق بتوثيقها وحكايا علاقة الفلسطيني بتثبيت حقه بأرضه وعودة ثلاثة أجيال لزيارة منازلهم وقراهم التي اجبروا على الرحيل منها .
الفيلم من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية وعُرض في عدة دول ومهرجانات دولية
وقالت سوسن مخرجة عمل "حارس الذاكرة" بعد انتهاء العرض الأول للفيلم في مدينة رام الله :" إن الفيلم يؤكد اهمية المبادرة الفردية في تحقيق إنجاز كبير" .
مضيفة : " أحببت العمل الذي يقوم به طارق البكري , وبعد نقاش اقنعته بعمل فيلم وثائقي عن عمله ورغم تردده في البداية إلا أنه اقتنع بالفكرة " وفق رويترز .
صور البكري هي الشاهد على جرائم الاحتلال وتدميره وتزويره للتاريخ الفلسطيني , بعد أن أخذت عدسته الفلسطينية الصغيرة تتحرك بين أطلال البيوت والقرى المهجرة , يسعى طارق البكري في فلسطين إلى ربط خيوط الذاكرة الفلسطينية بين الماضي المفقود والحاضر المفعم بالأمل والحياة , يحمل رسالة قوية , مؤكداً للفلسطينيين اللاجئين أن بيوتهم وقُراهم لا تزال تنتظر عودتهم بصبر وصمود و شغف , وأن حقوقهم المسلوبة لن تضيع في دوامة النسيان .