الداخل المحتل / PNN - يؤكد مستشار الأمن القومي السابق في إسرائيل الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند على أهمية إتمام صفقة تبادل المخطوفين الآن، ويقول إنها الأفضل لتل أبيب، وستؤدي إلى انتهاء الحرب في غزة، داعياً لتقصير مدة تطبيقها.
في حديث للإذاعة العبرية العامة، اليوم، يقول آيلاند إنه فوجئ بتلميحات إيران حول جاهزيتها لتعليق الضربة الانتقامية مقابل إنهاء الحرب على غزة. ويعلّل مناصرته لصفقة فورية بالقول إنه بحال تمت صفقة فإنها تنقذ من تبقى من المخطوفين، وتعيد النازحين لمستوطناتهم، وربما تؤدي لمنع اتساع النار في الشمال، وفي المنطقة.
ويضيف: “لكن للأسف لست متفائلاً. لا أثق أن مداولات الصفقة في الدوحة اليوم ستثمر عن صفقة”.
إضافة لإشارته لوجود حسابات سياسية فئوية لدى نتنياهو، يقول آيلاند إن كل إدارة الحرب، بما يتعدى العمل العسكري، فضيحة، ومضرّ لمصالح إسرائيل العليا، منوهاً لخطأ تزويد القطاع وحماس بكميات من الغذاء والماء طيلة شهور، ولخطأ استنكافها عن تحديد بديل لـ حماس، ما دفع الأخيرة للمماطلة والتمسك بشروطها.
آيلاند، الذي دعا، في السابق، بعدة مقالات وتصريحات، لاستخدام “سلاح التجويع”، وطرح بديل لـ “حماس”، يرى أن “حماس” وافقت على صفقة، في نوفمبر الماضي، ليس نتيجة ضغوط عسكرية كما يزعم الجيش بل بسبب محاصرة القطاع وحرمانه من الغذاء والدواء في تلك المرحلة.
ويضيف: “في الشهور السابقة مارسنا ضغطاً عسكرياً أقل حدة، ومع ذلك شهدنا صفقة بسبب الحصار، أما في الشهور الأخيرة فلم يثمر الضغط العسكري والاجتياح البري لجنوب القطاع بسبب رفع الحصار”.
وبشأن المستقبل، يقول آيلاند إنه، حتى الآن، ليس واضحاً ما إذا كانت إيران وحزب الله سيهاجمان، ومتى، وأي أهداف، وما هي النتائج التي ستترتب على ذلك، وكيف سيرد الجيش الإسرائيلي، وهل سيُنفذ هجوماً استباقياً، مرجحاً أن التأويلات للسيناريوهات المحتملة استُنفدت. وكعادته يستخدم آيلاند المجاز للتعبير عن الواقع وفق ما يراه: الأمر مشابه للمساء الذي يسبق مباراة كرة قدم مهمة، حين تكون التخمينات والتقديرات بشأن نتائج المباراة فُحصت بدقة. ومن دون علاقة بما قد يحدث، من الصواب أن نحاول تحديد السياسة الإسرائيلية في ما يتعلق بالساحات الثلاث الأساسية: لبنان، غزة، إيران.
تردد حزب الله”يكشف نقطة ضعفه الأساسية، ألا وهي الخوف من سيناريو دمار الدولة اللبنانية. نصر الله مستعد “للتضحية” بالمقاتلين والسلاح، ومن السهل عليه تجنيد مقاتلين، بدلاً من الذين قُتلوا، وهو واثق بأن إيران ستزوده بسلاح آخر، بدلاً من السلاح المتضرر. لكنه من ناحية أُخرى، عمل على تعزيز مكانته كشخصية وطنية لبنانية حريصة على الدولة اللبنانية، وعلى مواطنيها.
ويزعم آيلاند أيضاً أن حزب الله يدرك جيداً أن دمار وخراب لبنان سيجعلان من الصعب عليه الاستمرار في إقامة دولة في داخل الدولة، أما بالنسبة إلى إسرائيل، فإن المغزى مضاعف: أولاً، إذا انزلقنا وبادرنا إلى حرب واسعة في هذه الجبهة، يجب ألا تكون حرباً بين إسرائيل و”حزب الله”، لأننا سنخسر في مثل هذا السيناريو. يجب أن تكون الحرب ضد الدولة اللبنانية، مع كل ما يعنيه ذلك.
آيلاند، الذي طالما دعا لمحاربة لبنان وغزة بدلاً من حزب الله وحماس، يضيف “قد يبدو هذا الأمر مفروغاً منه، لكن ليس واضحاً ما إذا كانت الولايات المتحدة ستوافق على مشاهدة التدمير المنهجي لبلد الأرز. ثانياً، إذا دخلنا في حرب ضد لبنان، فيجب أن نرفض أي عملية دولية تهدف إلى تقديم “مساعدة إنسانية للبنانيين”.
ومن أهم نقاط ضعف لبنان النقص الكبير في الوقود، وفي إنتاج الكهرباء. ومن دون وقود وكهرباء، ستتوقف المستشفيات عن العمل، وستصبح البرادات خالية من الطعام، وستتوقف المواصلات.
نستطيع تحقيق الانتصار في الحرب عندما ينهار الطرف الثاني اقتصادياً، وليس عسكرياً. إذا نشأت ضائقة حادة في لبنان، فستؤدي إلى وقف حزب الله الحرب بشروط لمصلحة إسرائيل.
ويرى أنه إذا أصرت الولايات المتحدة على التفريق بين حزب الله وبين “سكان لبنان المغلوب على أمرهم”، فسيكون هذا بمثابة كارثة لإسرائيل. أما بشأن الجدل القائم بين رئيس الحكومة ووزير الجيش، فأنا أؤيد الأخير في موقفه القائل إن صفقة مخطوفين الآن هي أفضل بالنسبة إلينا، وستؤدي إلى إنهاء الحرب في غزة.
وعن هذا الخلاف المعلن بين نتنياهو وبين غالانت، يتابع: من الصعب جداً تحقيق “النصر المطلق” في غزة، بينما حماس ومقاوموها، وكذلك سكان غزة، متأكدون من حصولهم على مساعدات اقتصادية سخية. وما دام هذا الواقع مضموناً، وما دامت حماس تستفيد من كل شاحنة مساعدات، فسيكون في إمكانها تجنيد مزيد من المقاومين، وليس لديها سبب كي تستسلم”.
ويعود آيلاند لفكرته القديمة المتمثلة بالضغط على المدنيين، فيقول إنه إذا كانت إسرائيل ترغب في خلق ضغط كبير، ولم يحدث اختراق في مسألة المخطوفين، فيجب عليها استغلال حقيقة بسيطة واحدة، وهي أن الجيش الإسرائيلي يحاصر شمال قطاع غزة بأكمله.
ويضيف: “لقد بقيَ هناك نحو 300 ألف مواطن وبضعة آلاف من المقاومين. تستطيع إسرائيل تبليغ المواطنين المحاصرين أن لديهم مهلة أسبوع للتوجه نحو الجنوب. وتقوم إسرائيل بتحديد وتأمين ممرات للخروج، بعدها، تُعلَن المنطقة منطقة عسكرية، ويُمنع دخول الغذاء والوقود إليها. وفي الواقع، هذه الخطوة تتلاءم تماماً مع القانون الدولي، ويوصى بها، بحسب التأويلات الرسمية الأميركية”.
ويرى أن المواجهة مع إيران أكثر تعقيداً، لكن يجب الانتباه إلى الضعف الذي أظهرته إيران في الأشهر الأخيرة على ثلاثة مستويات:
أولاً؛ إيران مُخترقة استخباراتياً، وليس لديها القوة الكافية للدفاع عن أراضيها الضخمة في مواجهة هجوم جوي.
ثانياً؛ على الرغم من الكراهية لإسرائيل، يمكن تشكيل ائتلاف دولي- عربي ضدها.
ثالثاً، صحيح أن إيران تدعم وكلاءها، لكن سيكون من الصعب عليها مساعدتهم عندما يتعرضون للهجوم، سواء في لبنان، أو في اليمن مثلاً. ويخلص آيلاند للقول إنه “يمكن استغلال التقاء نقاط ضعف إيران من أجل تحريك خطوات أكثر أهميةً في المستقبل، وتشمل مشروعها النووي، لكن الشرط الضروري هو إنهاء الحرب في غزة”.