رام الله /PNN/ تقرير وصال أبو عليا - "نحن نعيش في سجن" هكذا بدأ حديثه في وصفه للمكان الذي يعيش فيه، حيث ثلاثة منازل متلاصقة له ولأخويه يحيط بها جدار عازل يفصلهم عن المواطنين في مخيم الجلزون الذي لا يبعد عنهم سوى أمتار قليلة بالمسافة على الأرض، لكنه بفعل السجان بات بعيدا، ومستوطنة بيت إيل المقامة عنوة على أراضي المواطنين شمال مدينة رام الله، تبتلع الأراضي يوما بعد آخر.
أسلاك شائكة تحيط بالسور حول المنازل الثلاثة يجاورها شارع استيطاني شقه المستوطنون منذ شهرين فقط، ناهيك عن بوابة بمفتاحين، أحدها مع الأخوة الثلاثة من عائلة حامد وآخر مع المستوطنين الذين يفتحونها متى يشاؤون ويمرون منها، فيما فرض على أفراد العائلة بفتحها عند الدخول والخروج ومن ثم اغلاقها مباشرة، حيث يمنع أن تبقى البوابة مفتوحة، هذا ما قاله المواطن حكم حامد.
حكاية الأخوة الثلاثة حسام وحكم وحازم حامد بدأت منذ 46 عاما، حين قرر الأب عام 1978 البناء على قطعة أرض قرب مخيم الجلزون لأبنائه، ثلاثة منازل متلاصقة، وفي حينه لم تكن مستوطنة بيت إيل موجودة، فعمر منازلهم أكبر من عمر هذه المستوطنة الجاثمة على أراضي المواطنين الآن والتي تمت المباشرة بتأسيسها بوضع بضعة كرافانات مع نهاية عام 1978، ومن ثم اتسعت شيئا فشيئا، وأصبحت تمتد كالسرطان.
و أضاف حكم حامد أن الاحتلال أكمل بناء الجدار في المنطقة عام 2017، ليحيط بمنزله وإخوته بشكل كامل.
هجوم مباغت من المستوطنين
في الثالث عشر من نيسان خلال هذا العام وفي يوم السبت الساعة 11:30 ليلا هاجم المستوطنون الأخوة حامد وعائلاتهم، وكسروا منازلهم، وعند تنبه العائلة لهم فروا وكان عددهم 150 مستوطنا، ومن ثم في اليوم التالي ومع ساعات العصر عاد المستوطنون مرة أخرى وعدوا إلى التكسير مجددا، وكان معهم جيش الاحتلال، وأمطروا المكان بالحجارة، وبعد عراك معهم، أوضح حكم حامد انسحبوا من المكان.
تسرد العائلة التفاصيل اللاحقة بالقول: لم ينته الأمر، عاد المستوطنون وجيش الاحتلال في الليل، وكان أبناؤنا ما زالوا في الخارج، وعند دخولهم من البوابة في سيارتهم أطلقت النار عليهم من كل الاتجاهات، أصيب أبناء حسام وحازم بالرصاص، وخرجت زوجة حكم لترى ما يحدث، فتعرضت للرصاص وأصيبت، لكن طواقم الهلال لم تتمكن من ادخال سيارة الإسعاف من البوابة لإنقاذ حياة المصابين، ليتم إخراجهم لاحقا بسيارة خاصة، ونقلهم للمشفى لتلقي العلاج.
معاناة طلبة المدارس
أكد حكم حامد أن المشكلة الأكبر في كل هذه المعاناة اليومية، هي الرعب والخوف الذي يعيشه الأبناء الصغار وهم لا زالوا على مقاعد الدراسة، حيث بعد هجوم المستوطنين الأخير على العائلة، رفض الأبناء الذهاب للمدرسة، لمدة عشرين يوما، لم يرغبوا في مغادرة المنزل نهائيا وشعروا بانعدام الأمان، فيما كانوا في السابق عند ذهابهم وعودتهم من وإلى المدرسة، يكون أحد أفراد العائلة الكبار بجانب البوابة يفتحها لهم ومن ثم يغلقها خلفهم.
في ساحة المنزل أرجوحة تبدو من بعيد وكأنها لا تخلو ممن يعتلونها مرحا، ولن في واقع الحال هي لا تكاد تستخدم من قبل الأطفال، الذي لا يجرؤون على اللعب والاستمتاع بها، الا نادرا وبوجود شخص كبير معهم، خوفا من هجوم المستوطنين في أية لحظة على 21 شخصا يقطنون المكان بما فيهم أطفال بعمر السادسة، ولدوا في المكان، ويكبرون يوما بعد آخر بين ثنايا جدار يحيط بهم ويعزلهم عن أقرانهم وعن الخارج.
ويروي بحسرة أن أطفال العائلة يعانون نفسيا، جراء اعتداءات المستوطنين، وقد تم عرضهم على أطباء لتقديم الدعم النفسي، حيث لم يعودوا يستطيعون النوم في غرفهم بمفردهم بل بجانب الأب والأم.
يتساءل حكم حامد إلى متى ستبقى الأمور هكذا؟ واعتداءات الاحتلال ومستوطنيه متواصلة بحقنا، لكننا صامدون ولن نغادر فهذا منزلنا وهذه أرضنا.
مصدر رزق لعشرات السنوات.. يُغلق
أشار المواطن حكم حامد أنه تم انشاء مزرعة للدجاج منذ التسعينات، وكانت بمثابة مصدر رزق يعمل فيها ابنه وابن أخيه، على مدار السنوات الماضية، لكن عندما وضع الاحتلال البوابة الضيقة في 26 أكتوبر العام الماضي لم نستطع ادخال السيارات الكببيرة لنقل الدجاج والأعلاف لها، فاضطرت العائلة لإغلاق هذه المزرعة، واكتفت فقط بتربية 40 دجاجة لحاجتها الغذائية واكتفائها الذاتي.
ولفت حكم حامد أن هناك مساحة أرض لا تقل عن دونم تحيط بالمنازل الثلاثة المتلاصقة زرعها الأخوة حامد بأشجار مثمرة (التين، والعنب، اللوز وغيرها، وكذلك الخضراوات بأنواعها البندورة والكوسا والبامية). لا لهدف سوى تعزيز فكرة ومبدا الإكتفاء الذاتي للعائلة اذا ما تم اغلاق الباب لفترة طويلة.
الصمود هو رسالة العائلة
أما حسام حامد، الأخ الثاني، فقد قال نحن متمسكون بمنازلنا ولن نغادرها وهذا نوع من الصمود والارتباط بالأرض. مضيفا "نحن لاجئون من العباسية- يافا وهي قرية هجر الاحتلال أهلها إبان النكبة عام 1948، ويؤكد بعد هجرتنا الأولى نحن غير مستعدين لهجرة أخرى، عانينا اللجوء ونعرف ماذا يعني، والانسان صعب عليه أن يترك ماضيه".
لا أمل في مساءلة الاحتلال ومحاكمته
أضاف حسام حامد أن الاحتلال يمنع العائلة من البناء، حيث كل من يتزوج يغادر المكان ويعيش خارجه، بعد أن فقد الأمل بمساءلة الاحتلال ومحاكمته على اعتداءاته المتواصلة عليهم، ومحاولاته المستمرة لتهجيرهم.
ويقول حسام حامد: "اذا غريمك القاضي لمين تشكي"، إلا أنهم توجهوا للارتباط الفلسطيني وللصليب الأحمر لكن لا جدوى، بينما مكتب الرئيس وفقا لتأكيده ساعدهم في اصلاح ما تم تكسيره من قبل المستوطنين وكذلك ألواح الطاقة الشمسية، وبناء سور، بات يحتاج ليكون بعلو مرتفع عله يحمي من اعتداءات المستوطنين.
ورفضت العائلة محاولات الاحتلال والمستوطنين لاقتلاعهم من منازلهم وأرضهم، بعرض المال حينا، وقطعة أرض مقابل رحيلهم، وحينا آخر بالاعتداءات والجرائم بحقهم.
تم انتاج هذه القصة ضمن برنامج قريب الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.