غزة / PNN/ في حي النصيرات بقطاع غزة، حيث تتداخل المآسي البشرية مع الأزمات البيئية، يكرس فاضل إسماعيل أحمد نبهان، البالغ من العمر 26 عامًا، حياته لرعاية الحيوانات في منطقة تتعرض فيها حياة البشر والحيوانات على حد سواء للخطر المستمر. منذ طفولته، كان شغفه بالحيوانات يرافقه، وبدلاً من التخلي عن هذا الشغف بسبب الحرب والدمار، جعل منه هدفًا نبيلًا يسعى لتحقيقه كل يوم.
على مدار 18 عامًا، اكتسب فاضل خبرة واسعة في رعاية مجموعة متنوعة من الحيوانات، بدءًا من القطط والكلاب وصولاً إلى الطيور الجارحة مثل الصقور. بعد دراسته للهندسة الزراعية وعمله في زراعة الخضروات، قرر فاضل تكريس كل وقته وموارده لخدمة الحيوانات التي وجدت نفسها في ظروف قاسية بسبب الحروب المتكررة في غزة.
مع بداية الحرب الأخيرة في غزة، اضطر العديد من سكان القطاع إلى الهجرة بحثًا عن الأمان، لكن فاضل بقي في النصيرات. في وقت كان الجميع يحاول النجاة بحياته، اختار فاضل البقاء بجانب الحيوانات التي يعتمد مستقبلها عليه. في خضم قصف عنيف، توجه فاضل إلى مستشفى ناصر، حيث وجد العديد من القطط التي تُركت دون رعاية بسبب النزاع. وبجهوده الفردية، تمكن من إطعام حوالي 400 قطة، والتي كانت تعاني من الجوع والخوف.
التحديات المتزايدة:
في ظل إغلاق المعابر وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، أصبح توفير الطعام والرعاية الأساسية للحيوانات أكثر صعوبة. يقول فاضل: "بسبب الحصار وارتفاع أسعار طعام الحيوانات، أصبحت مضطرًا لشراء الطعام من مواردي الخاصة. إن سعر الدرايف فود، الذي كان يُعتبر سابقًا خيارًا متاحًا، أصبح اليوم باهظ الثمن بشكل يفوق القدرة على تحمله. ومع ذلك، لا أستطيع التخلي عن هذه الحيوانات التي تعتمد عليّ."
لا تتوقف جهود فاضل عند رعاية القطط والكلاب، بل تشمل أيضًا الحمير والخيول التي تعاني من نقص الغذاء بسبب الحرب. "هذه الحيوانات تعاني مثل البشر تمامًا. لقد كنت أستخدم الشعير لإطعام الحمير والخيول، لكن الأمر أصبح أكثر صعوبة مع مرور الوقت"، يضيف فاضل.
أهمية دوره في المجتمع:
يُعد فاضل شخصية مميزة في مجتمعه، حيث يراه الكثيرون من اهالي غزة رغم الم الحرب انه كرمز للرحمة والتفاني في خدمة المخلوقات التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها. في مجتمع يواجه العديد من التحديات اليومية، تُشكل جهود فاضل في رعاية الحيوانات بادرة أمل وتجسيدًا لمعاني الإنسانية.
و يقول أحد سكان النصيرات: "فاضل ليس فقط راعيًا للحيوانات، بل هو قدوة لنا جميعًا. إنه يذكرنا بأن حتى في أحلك الظروف، هناك من يظل وفياً لمبادئه ولرعاية من هم أضعف منا."
تأثير جهوده على الوعي المحلي:
على الرغم من التحديات التي يواجهها، يساهم فاضل في تعزيز ثقافة الرفق بالحيوان في غزة. يشير بعض العاملين في مجال حقوق الحيوان إلى أن جهود فاضل لا تُقدر بثمن، لأنها تسلط الضوء على أهمية رعاية الحيوانات حتى في مناطق النزاع. تقول إحدى العاملات في جمعية محلية لحقوق الحيوان: "ما يقوم به فاضل هو عمل بطولي. إنه يُظهر للعالم أن الحياة في غزة ليست فقط صراعاً للبقاء، بل هناك أيضاً قصص إنسانية تعكس قيم الرحمة والاحترام للحياة."
التطلعات المستقبلية:
رغم كل الصعوبات، لا يزال فاضل يحلم بتأسيس ملجأ كبير للحيوانات في غزة. "أحلم بأن يكون لدي ملجأ يوفر الرعاية والحماية لجميع الحيوانات التي لا تجد من يعتني بها. أريد أن أحقق حلمي رغم الحرب التي حطمت الكثير من أحلامنا"، يقول فاضل.
ويقول فاضل انه يدرك أن تحقيق هذا الحلم يتطلب أكثر من مجرد تفانيه الشخصي. وقال “أنا بحاجة إلى دعم من المجتمع الدولي والمحلي لتحقيق هذا الهدف. الحرب دمرت الكثير من أحلامنا، لكنني ما زلت أؤمن أن السلام سيعود يومًا ما، وعندها سنتمكن من بناء مستقبل أفضل ليس فقط للبشر، ولكن للحيوانات أيضًا.”
و في نهاية المطاف، يمثل فاضل إسماعيل أحمد نبهان صورة مشرقة للأمل والمثابرة في وجه الظروف القاسية. في غزة، حيث يترك الصراع أثره العميق على كل جوانب الحياة، يظل فاضل رمزًا للتفاني في خدمة أولئك الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. جهوده تمثل تحدياً للصعوبات وتذكيراً بأن الإنسانية يمكن أن تزدهر حتى في أصعب الأوقات.
تم إنتاج هذه القصة ضمن برنامج “#قريب” الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.