رام الله / PNN/ تعيش المجتمعات ظروفا طارئة في أوقات مختلفة بسبب النزاعات أو الكوارث الطبيعية أو الأوبئة، وقد كانت تجربة وباء كورونا تحد كبير للعالم أجمع.
فلسطينيا كان للمجتمعات المحلية دور كبير في تنفيذ اجراءات السلطات المختصة وما نتج عن تلك الجائحة من أثار على الناس، لكن معظم تلك الجهود اعتمدت على العطاء المجتمعي وليس بناء على استعدادات المؤسسات الرسمية.
الحلقة الثالثة من برنامج صوتكم مهم الذي تنتجه شبكة وطن الإعلامية خُصصت لنقاش قدرة المؤسسات المجتمعية على تشكيل خلايا أزمة لمواجهة الطوارىء وتقديم الخدمات للمجتمع، شارك فيها حمد الله عليان منسق مجلس الطوارىء في محافظة رام الله والبيرة، والهام كراجة الناشطة النسوية والمجتمعية، وشاكر لطفي رئيس بلدية بيتونيا، وممثلين عن المجتمع المحلي في منطقة غرب رام الله.
وأظهر استطلاع إلكتروني أُجري خصيصا لقياس رأي المواطنون بأبرز المعوقات أمام المؤسسة الرسمية والمؤسسات المجتمعية لتقديم الخدمات الأساسية للمجتمع في أوقات الطوارئ، شارك فيه 3780 متصفح من فلسطين فقط (يسمح للمتصفح التصويت مرة واحدة فقط) ان 67 % منهم أشاروا الى عدم وجود اهتمام من السلطات المركزية المختصة، بينما أشار 22 % الى غياب ثقافة التخطيط الاستراتيجي الجماعي لدى المؤسسة الرسمية، في حين رأى 11 % ان الاعتماد على الفزعة والعطاء المجتمعي
وأكدت الناشطة النسوية والمجتمعية إلهام سامي أن المرأة الفلسطينية خلال الأزمات السابقة لم يتم التعامل معها بشكل صحيح يراعي خصوصيتها واحتياجاتها.
وأشارت إلى أن الأزمات كانت تستهدف المجتمع بشكل عام، ولم يتم تخصيص استراتيجيات أو خطط تتعامل بشكل مباشر مع النساء، على الرغم من أنهن تأثرن بشكل كبير سواء في أوقات الحرب أو السلم.
واعتبرت سامي أن هذا التقصير نابع من غياب الوعي بأهمية صناعة الفرد، سواء كان رجلاً أو امرأة، وتحميله المسؤولية بشكل متساوٍ.
كما أوضحت أن إدارة الأزمات ينبغي أن تبدأ من الهيئات العليا وصولاً إلى الأفراد، وذلك عبر تصعيد تدريجي للمسؤوليات، إلا أن ما يحدث هو العكس، حيث يبقى المواطن في موقف المتلقي دون أن يسعى لتقديم المساعدة أو المشاركة الفعالة.
وانتقدت خطط الطوارئ الحالية التي لا تأخذ بعين الاعتبار احتياجات النساء بشكل كافٍ، مشيرة إلى أن الجهود المبذولة غالباً ما تفتقد إلى التنسيق والتكامل.
وتطرقت سامي إلى مخيم جنين كمثال، حيث تم التعامل مع أزمة الطوارئ في أقل من ست ساعات بفعالية عالية في المرة الأولى، بينما في المرة الثانية لم يكن الوضع واضحًا ولم تُنظم الأمور بشكل جيد، مما أدى إلى ارتباك.
وعلى صعيد التعليم، أكدت سامي أن الطفل الفلسطيني يدعم نفسه في مواجهة الأزمات، ولكن خطط الطوارئ تركز بشكل أساسي على الاحتياجات الصحية والغذائية، بينما يتم إغفال قضايا التعليم والإرشاد.
وأشارت إلى أن عدم وجود خطط شاملة للتعليم في الأزمات يجعل الأطفال يعانون بشكل أكبر.
كما انتقدت سامي غياب التنسيق بين المؤسسات المحلية في توزيع المساعدات والإغاثة خلال الأزمات، مشيرة إلى أن بعض المساعدات تُمنح بناءً على علاقات عائلية أو سياسية، وليس وفقًا للاحتياجات الفعلية.
وأعربت عن أسفها لعدم وجود شفافية ووضوح في توزيع هذه المساعدات.
وأكدت على أهمية تهيئة البنية التحتية بالشكل الصحيح لتلبية احتياجات جميع أفراد المجتمع، مشددة على ضرورة تغيير نمط التعليم ليشمل تدريبات على الإسعافات الأولية وإجراءات الطوارئ
كما دعت إلى تعزيز دور البلديات في الأزمات وتقديم خدمات أكثر مرونة، بما يتماشى مع متطلبات الطوارئ وأكدت على أن التنسيق بين المؤسسات المحلية والمحافظات، وكذلك المجلس الوطني، هو الأساس في تطوير استجابة فعالة وشاملة للأزمات في فلسطين
وختمت سامي حديثها بالدعوة إلى تطوير خطة وطنية شاملة لإدارة الأزمات والطوارئ في فلسطين.
من جانبه أكد شاكر لطفي، رئيس بلدية بيتونيا، أن البلدية كانت دائماً موجودة على الأرض خلال الأزمات، وأن المجتمع المحلي عمل بروح من التعاون والتطوع، حيث ساعد كل فرد الآخرين من جيرانه وأصدقائه.
وأوضح لطفي أن التقييم العام للجهود كان ممتازاً، حيث قدم الجميع ما بوسعهم من دعم، بما في ذلك المؤسسات المختلفة التي كانت على قدر المسؤولية، مما أشاع الطمأنينة بين الناس وخلق مشاركة حقيقية.
وفيما يتعلق بإعلان نتائج الجهود المبذولة، أشار عليان إلى أن اجتماعاً عقد في المحافظة بحضور جميع المؤسسات المجتمعية والبلدية، إضافة إلى المجالس القروية والشخصيات الاعتبارية.
وأضاف أنه كان للدفاع المدني والهلال الأحمر دور بارز في هذا الإطار.
وحول أزمة العمال في محافظة رام الله، الذين توقفت أعمالهم داخل الأراضي المحتلة، أوضح عليان أن البلدية والمجتمع المحلي كانا دائماً على استعداد لتقديم المساعدات الغذائية والخدمات الأساسية للعمال وعائلاتهم، كما تم تأمين وسائل النقل لكبار السن الذين يحتاجون إلى الذهاب إلى الأطباء، بالتعاون بين البلدية والمؤسسات المختلفة، ومع ذلك، أكد عليان أن هذه الجهود كانت تعتمد على "الفزعة" والتطوع، وهي سمة موجودة بشكل راسخ في الثقافة العربية، حيث يتعاون الجميع لدعم بعضهم البعض في الأوقات الحرجة، أما بخصوص تنظيم هذه الجهود، فقد أوضح عليان أن هناك حاجة للتنظيم والتنسيق بشكل أكبر بين المؤسسات المختلفة لضمان تقديم المساعدة بطريقة فعالة ومنظمة.
ورغم أن الكثير من الناس يطلبون الدعم من جيرانهم، إلا أن المؤسسات كانت متواجدة أيضاً لتقديم المساعدة، وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه القرى الغربية من رام الله، وخاصة نقص المستشفيات، أشار لطفي إلى أهمية التعاون بين المجالس القروية ورؤساء البلديات في هذه المنطقة.
كما أكد حمد الله عليان، منسق مجلس الطوارئ في محافظة رام الله والبيرة، أن تعامل المجلس مع حالات الطوارئ كان ناجحًا وفعّالًا، سواء على مستوى الأزمات الكبرى مثل جائحة كورونا أو العدوان الإسرائيلي، أو على مستوى الحالات الفردية مثل حوادث الحريق في المنازل.
وأوضح أن هناك تواصلًا مستمرًا بين المؤسسات المعنية عبر مجموعة واتساب والاتصالات اللاسلكية لضمان الاستجابة الفعالية.
وأشار عليان إلى أن المجلس يضم 15 مؤسسة رئيسية، بما في ذلك الهلال الأحمر الفلسطيني والمجمعات الطبية والدفاع المدني، التي تتعاون بشكل مباشر في الاستجابة لأي طارئ.
وفيما يتعلق بإدارة الأزمات، أكد عليان أن التنسيق بين مختلف الجهات كان على مستوى عالٍ من الفعالية والوضوح، حيث تتولى كل جهة دورًا رئيسيًا وفق طبيعة الحالة، مثل تولي الدفاع المدني زمام الأمور في الحرائق والهلال الأحمر في الحالات المرضية.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هناك أي قصور في التخطيط أو اعتماد المجلس على الفزعة فقط في إدارة الأزمات، أوضح عليان أن الاجتماعات الدورية لمجلس الطوارئ تشمل دائمًا وضع خطط استباقية لمواجهة أي طارئ.
وأشار إلى أن التنسيق مع البلديات والهيئات المحلية في المحافظة يتم بشكل مستمر، مؤكدًا أن كل بلدية ومجلس محلي على دراية تامة بالإمكانيات المتاحة لديهم وبالتزاماتهم في حال حدوث أي طارئ.
وعن إمكانية عزل بعض المناطق عن مدينة رام الله في حالات الطوارئ، خاصة المناطق الريفية، أكد عليان وجود ترتيبات مسبقة مع وزارة الصحة والهلال الأحمر الفلسطيني لتوفير الخدمات الطبية في تلك المناطق.
وأوضح أن هناك مراكز طبية موزعة في القرى، وإن لم يكن هناك مركز في كل قرية، فإن التجمعات القريبة تتشارك في تقديم الخدمات
وذكر أن هناك تكاملًا بين سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر والإسعافات الخاصة لضمان تغطية كل المناطق، وخاصة في ظل الاعتداءات المستمرة من المستوطنين
وفيما يتعلق بالخطة الوطنية لإدارة المخاطر والأزمات، أكد عليان أن الهيئة المحلية في كل منطقة تلعب دورًا محوريًا في ترتيب الأمور الداخلية، بالتنسيق مع المحافظة التي تكون على اتصال مباشر ومستمر مع جميع القرى والمخيمات والمدن في المحافظة.
وأشار إلى أن تجربة التعامل مع جائحة كورونا كانت الأكبر والأهم، حيث أثبت المجتمع المحلي تعاونه الكبير في تنفيذ الإجراءات اللازمة مثل الإغلاقات لتسهيل عمل فرق الإسعاف والدفاع المدني
وختم عليان تصريحه بالإشادة بالدور الذي تلعبه الشرطة في التنسيق مع الدفاع المدني خلال الأزمات، مؤكدًا أن الجاهزية والتعاون بين الجهات المختلفة هي عوامل حاسمة في نجاح إدارة الأزمات
وتخلل الحلقة مداخلات وتوصيات عديدة شخصت الواقع الصعب في منطقة غرب رام الله ، حيث أن البنية التحتية للمنطقة لا تستجيب لحالات الطوارئ. فقال رئيس مجلس قروي كفر نعمة رأفت خليفة إنه منذ بداية الحرب دخلوا بأزمة كبيرة، و في المحافظة شكلوا جروب واتس لسرعة التواصل لكن التفاعل لم يكن بالشكل المطلوب، واليوم يوجد مؤسسات يجب أن تنظم أمور المواطنين فالأصل ان يتم تقسيم المناطق التابعة لمحافظة رام الله من أجل حماية القرى والمناطق من قطعها عن المدن كما حصل في الانتفاضة السابقة.
من جانبه قال رئيس مجلس قروي رأس كركر مروان نوفل إنه يتم التركيز على المدن ويتم نسيان الريف الفلسطيني الذي يتعرض لهجمة كبيرة من قبل المستوطنين الذين يعتدون على المزارعين وبيوتهم، فمثلا كان للهلال الأحمر بعض المركبات في منطقة غرب رام الله لكنهم في مرحلة معينة أعلنوا عدم قدرتهم على تغطية نفقات هذه المركبات .
وتحدثت رئيسة جمعية سيدات بيتونيا الخيرية ربيحة يوسف إنه كان لهم دور في جائحة كورونا وقاموا بخطوات استباقية وقاموا بنشر الوعي لكيفية التعامل معه والعمل مع بلدية بيتونيا.
فيما وصفت الصحفية ولاء عصفور والناشطة المجتمعية إن الوضع صعب جداً بين العائلات منذ بداية الحرب بسبب وقف العمل للكثير من العائلات وخسر عملهم وان هناك عائلات تعيش على المساعدات من الناس ولكن هذا ليس حلا. .
وقال أحمد أبو رحمة من مركز الهدف الثقافي بلعين إن منطقة غرب رام الله مهمشة ولو ذهبنا لعيادة صحية فيها ستفتقر للمستلزمات الأساسية، لذلك يجب تقسيم المنطقة لمربعات وتوفير احتياجات القرى بشكل عام من عيادات طبية بسبب حالة الطوارئ ومنطقة غرب رام الله لا يوجد فيها أي مستشفى ولا دفاع مدني وهذا واجب الحكومة لأنها المسؤولة عن المواطنين.
بدوره طالب نايف اشتية رئيس نادي الطفل الفلسطيني في كفر نعمة بالاهتمام بالطفل في حالة الطوارىء وتحديدا في مجالي التعليم والدعم النفسي وتشكيل لجان مجتمعية لتعزيز التعليم المساند في كل المناطق حيث تتوفر الكفاءات للمساهمة في مواجهة حالات الطوارئ
وركزت نجاح هريش الناشطة المجتمعية والنقابية على ضرورة بناء خطة وطنية شاملة وأضافت أن معدلات البطالة وتحديدا بعد الحرب على غزة ليست مقتصرة على العمال الذين فقد عملهم في الداخل، بل هناك عدد كبير من العمال الذين يشتغلون في القطاع الخاص الفلسطيني فقدوا عملهم بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة
ربحي دولة رئيس تكية بيتونيا الخير ورئيس بلدية بيتونيا السابق قال ان المطلوب خطة وطنية سابق وتوزيع الأدوار للوقوف عند الاحتياجات، وأضاف انه لايعقل ان تتركز الخدمات الاساسية في وسط المدينة، وطالب الحكومة بتوزيع المقدرات حسب حاجة وطبيعة كل منطقة.
من جانبه قال العميد يزن عمر من الدفاع المدني ان القرار الرسمي في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية هو أن الأبواب مفتوحة لتقديم الخدمة للمواطنين، وفيما يتعلق بالخطة الوطنية قال انها موجودة وقائمة ونعمل بموجبها ولكنها تصطدم دائما بالاحتلال وأن حجم حالات الطوارىء أكبر من قدرة الدولة وتكلفتها عالية جدا، وبالرغم من ذلك نتشارك مع الجميع لتذليل العقبات للوصول الى المواطن وتقديم الخدمة له.