بيروت / PNN - يراقب لبنان ما سيصدر عن حكومة إسرائيل حول اتفاق وقف إطلاق النار ليتخذ الإجراءات اللازمة في حال لم يلجأ بنيامين نتنياهو إلى أي مناورة، حيث طلب رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي من الوزراء البقاء على جهوزية لعقد جلسة لمجلس الوزراء يوم غد الأربعاء للموافقة على وقف النار، بعدما تبلّغ من الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين رسمياً موافقة تل أبيب.
وكلّف ميقاتي الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، القيام بالترتيبات اللازمة لتأمين نصاب عقد الجلسة المحدد بـ16 وزيراً لعرض آلية تنفيذ القرار 1701، واتخاذ القرار بالموافقة عليها من دون معرفة ما إذا كان وزراء “التيار الوطني الحر” سيشاركون في الجلسة أم سيستمرون بالمقاطعة.
وأوردت القناة 12 الإسرائيلية أن مسودة الاتفاق تتضمن فترة انتقالية مدتها 60 يوماً ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي، بينما ينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، وينقل “حزب الله” أسلحته الثقيلة إلى شمال الليطاني. كما تتضمن المسودة أيضا لجنة إشرافية بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات.
وذكرت صحف عبرية أنه “بموجب الاتفاق، وافقت واشنطن على تقديم ضمانات لإسرائيل تتضمن دعمها العمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، واتخاذ إجراءات لتعطيل إعادة تأسيس الوجود العسكري لحزب الله بالقرب من الحدود. كما يتضمن الاتفاق إجراء إسرائيليا بعد التشاور مع الولايات المتحدة في حال عدم تعامل الجيش اللبناني مع التهديد”.
وأكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “أننا سننتظر ونرى نتائج التفاوض غير المُباشر، مع التأكيد أن ما أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن أي تعديل بالزائد أو بالناقص على نص القرار 1701 هو أمر لا يقبل به عاقل، إنما يعبّر عن منطق والتزام وطني واثق وصارم ومسؤول، بالحق السيادي والإنساني الذي تُدافع عنه المقاومة بثبات وشجاعة وإباء”.
واعتبر رعد في مقال صحافي “أن السؤال المشروع يبقى عن ضمان التزام العدو بموجبات القرار، وهل من ضمانة سياسية يُمكن الرُّكون إليها؟!”، وأضاف: “بكُل جرأة، نفترض أن الضمانة المُثلى هي في المُعادلة نفسها التي أرغمت العدو مُجدداً على وقف عدوانه وتيئيسه من إمكانية إخضاع إرادة اللبنانيين وانتهاك سيادة بلدهم. إنها مُعادلة الشعب والجيش والمُقاومة، وإذا ما زال لدى البعض نقاش حول أصل هذه المُعادلة أو حول تفعيلها، أو يقترح مُعادلة أخرى، فالحوار الوطني السيادي وحده هو السبيل الواقعي المُجدي لحسم هذا الأمر، والضامن لتعزيز الوفاق الوطني اللبناني”.
ومن شأن إعادة التمسك بالمعادلة الثلاثية أن يفتح باباً للسجالات في لبنان حول دور المقاومة في المرحلة المقبلة، ولاسيما في تساؤلات لدى قوى المعارضة إذا كان “حزب الله” سيعمل على نقض الاتفاق ويحتفظ بسلاحه؟ أو إذا كان سينتقل من الحرب ضد إسرائيل إلى حروب في الداخل كما حصل في 7 أيار/ مايو 2008؟ وهل يشمل تطبيق القرار 1701 القرارين 1559 و1680؟
وفي انتظار جلاء الصورة، لوحظ أن الجدل بدأ في بيروت حول حسابات الانتصار والهزيمة بين أنصار “حزب الله” وخصومه. فالإعلام الموالي للحزب ركّز على “أن التسوية التي تقوم على تنفيذ القرار 1701 بلا حرف زائد لم تكن لتتحقق لولا الصمود الأسطوري لأبطال المقاومة الذين منعوا العدو على مدى نحو شهرين من تحقيق إنجاز ميداني باحتلال ولو قرية واحدة من قرى الحافة والتثبيت فيها، ولولا سرعة تعافي المقاومة وتماسكها وإعادة هيكلة قدراتها، بما مكّنها من فرض سيف القصف الصاروخي فوق رقاب أربعة ملايين إسرائيلي، ولولا الاحتضان، الأسطوري هو الآخر، من بيئة المقاومة لهذه المقاومة، ومن البيئة اللبنانية الأوسع للنازحين الجنوبيين والبقاعيين”.
وأفادت صحيفة “الأخبار” أن “العدو خيّب مجدداً آمال وأحلام بعض الأطراف، ورغم التدمير الواسع الذي تسبّب به العدو والمجازر التي ارتكبها، فإن الحسبة الأولى تشير إلى إفشال أهداف العدوان الأساسية بإقامة شرق أوسط جديد خالٍ من المقاومة، وبالقضاء على حزب الله، وبفرض نظام سياسي في لبنان يكون الحزب خارجه كما أعلن الإسرائيليون، وكما أوحى الأمريكيون إلى بعض حلفائهم في الداخل”.
وقالت: “لم يكن نتنياهو ليذهب أساساً إلى التفاوض لو أن في إمكانه تحقيق أي من هذه الأهداف، مثلما لم يتمكن من إعادة مستوطن واحد إلى المستعمرات الشمالية من دون اتفاق، وهو ما أكدته المقاومة منذ اليوم الأول”.
ولوحظ أن الإعلام الممانع ركّز على الأصوات المنددة بالاتفاق في الجانب الإسرائيلي، وخصوصاً ما عبّر عنه رؤساء البلديات ومجالس المستوطنات الشمالية من قلق حول مضمون الاتفاق، حيث قال رئيس المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى، عميت صوفر: “إن كل منزل على الحدود الشمالية هو موقع إرهابي لحزب الله الذي سيعود بالتأكيد ويعيد البنى التحتية الإرهابية التي دفعنا دماء جنودنا لتفكيكها. وحيث اعتبر رئيس بلدية كريات شمونة أفيحاي شتيرن “أن اتفاقية الاستسلام تجعل السابع من أكتوبر أقرب إلى الشمال أيضاً، وهذا يجب ألا يحدث”، مضيفاً: “لا أفهم كيف انتقلنا من النصر الكامل إلى الاستسلام الكامل”. وسأل: “لماذا لا نكمل ما بدأناه؟ بدلاً من الاستمرار في سحق حزب الله وانهياره نقوم بحقنه بالأكسجين”.
بدوره، رأى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير “أن التوصل إلى اتفاق مع لبنان يعدّ خطأ كبيراً وتفويتاً لفرصة تاريخية لاجتثاث حزب الله”.
في المقابل، فإن وسائل الإعلام القريبة من قوى المعارضة اللبنانية، رأت أنه “من خلال المعطيات، سيكون الاتفاق بمثابة إذعان إلهي على نسق الانتصار الإلهي الذي تباهى به حزب الله بعد حرب تموز/ يوليو عام 2006”.
وقال المحلل السياسي مارون مارون القريب من “القوات اللبنانية”: “إن اتفاق وقف إطلاق النار يرقى إلى مستوى الهزيمة والاستسلام والإذعان بالكامل لإسرائيل، فكل ما رفضه حزب الله وافق عليه ضمن الصفقة المنوي الإعلان عنها وتتلخص بما يلي:
– رضخ “المحور” للتفاوض تحت النار بعدما أعلن مراراً ألا تفاوض في ظل الأعمال العسكرية.
– تم فصل جبهة الجنوب عن غزة خلافاً لرغبة الممانعة التي أعلنت بأعلى الصوت أنه لا فك للارتباط بين الجبهتين.
– احتفظ الجيش الإسرائيلي لنفسه بحرية الحركة مُتحرراً من أية قيود.
– الجيش الإسرائيلي باقٍ في الجنوب لغاية 60 يوماً، ولن ينسحب إلا بعد التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، ومن ضمنها منع عناصر “حزب الله” من العودة إلى قراهم.
– لم يشمل اتفاق وقف النار إطلاق سراح أسرى “حزب الله” لدى إسرائيل.
– “حزب الله” وعد بيئته ومَن يدورون في فلكه باجتياح الجليل والدخول إلى المستوطنات، فبات طموحه الأقصى عدم وصول الجيش الإسرائيلي إلى نهر الليطاني.
المصدر / القدس العربي