بيت لحم / تقرير خاص / كتب منجد جادو رئيس تحرير شبكة PNN -
بعد قرار اغلاق قناة الجزيرة وحجب مواقعها عن الانترنت في فلسطين من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية يثار جدل كبير حول أداء ومهنية القناة القطرية التي تعمل منذ سنوات طويلة على تغطيات إعلامية واسعة في فلسطين ومختلف الدول العربية وحتى دول العالم مما جعلها من أبرز واوسع الشبكات انتشارا على المستوى العالمي بفعل توفير مليارات الدولارات لها.
شبكة فلسطين الإخبارية وفي إطار سعيها لتغطية مهنية حول ملفات عديدة فتحت ملف قناة الجزيرة مع مجموعة من الخبراء في مجال الاعلام في فلسطين والوطن العربي ورصدت الآراء حول تغطية القناة في الشأن الفلسطيني بهدف تعريف الجمهور الفلسطيني من خلال اراء الخبراء بما تقوم به قناة الجزيرة بما لها وما عليها وفق ما تبين في التقرير الموسع ادناه.
وبحسب الخبراء في مجال الاعلام فان القناة القطرية بذلت وتبذل تغطيات واسعة للشأن الفلسطيني حيث كانت القناة الأكثر تغطية للحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني لكنها وفي تغطيتها وقعت بأخطاء واضحة لا سيما عندما بدأت احداث جنين المؤسفة بعد الحملة التي أطلقتها السلطة لضبط الامن وفرض الاستقرار حيث تحدث الخبراء في مجال الاعلام عن نماذج للأخطاء التي وقعت فيها القناة لكنهم أكدوا ان قرار الاغلاق والحجب ليس حلا لا سيما ونحن في عالم الثورة التكنلوجية.
جذر المشكلة : انفصام في الشخصية يصيب القناة بين تغطيتها الميدانية وخطها التحريري
يقول الإعلامي والكاتب الصحفي داود كتاب في مقالة له نشرت على موقع العربي الجديد ان قناة الجزيرة قناة كبيرة ومهنية وغطت الحدث الفلسطيني من خلال طواقمها الميدانية بكل مهنية واقتدار حيث قدّم صحافيوها الغالي والثمين من أجل نقلٍ صادقٍ ومستمرٍّ لما يحدث، ولا يمكن ان نذكر أسماء الشهداء والأحياء من مراسلي "الجزيرة" من دون أن نتوقّف ونشهد لهم بجرأتهم ومهنيّتهم ودفاعهم الصادق والأمين عن الخبر وعن المعاناة التي تحدث في فلسطين. لكن ذلك لا ينطبق بالجودة نفسها على الخطّ التحريري والمواقف المسبقة لدى الفضائية الشهيرة. فعند مشاهدة بعض البرامج، وأحياناً المقابلات من الأستوديو، وبعض التقارير الإخبارية التي تعد داخل القناة، يستشفّ المتابع موقفاً سياسياً مسبقاً، ولا يعارض كاتب هذه السطور أن يكون لأيّ مؤسّسة إعلامية خطّها التحريري، على أن يكون هذا واضحاً للعيان، ومن دون أيّ محاولة في الاختباء وراء النجاح المهني للفضائية لتمرير أمور يعتقد المشاهد أنها بالموضوعية نفسها التي يتحلّى بها المراسلون الميدانيون.
ويوضح كتاب ان هذا الانفصام عن الشخصية ليس محصوراً في "الجزيرة"، بل نلحظه أيضاً في غالبية وسائل الإعلام، منها ما هو مكشوف بوضوح مثل فضائية فوكس الأميركية وغيرها، ومنها ما هو خفي مثل "بي بي سي" و"سي أن أن". لذلك علينا فهم ذلك الأمر والتعامل معه ليس بالضرورة بالحجب والإغلاق، بل من خلال الاستفادة من تلك الفضائيات، وتقليل الأضرار الناجمة من خطّها التحريري، الذي قد لا يكون دائماً مكشوفاً أو عادلاً.
انتقاد حاد من نقابة الصحفيين
قال محمد عبد النبي اللحام رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين ان ما تقوم به قناة الجزيرة القطرية من تغطية غير مهنية ومنحازة لا يمت للحريات ولأدبيات مهنة الصحافة باي صلة موضحا ان ما تمارسه الجزيرة اليوم هو استباحات وليس حريات حيث تجاوزت دورها الإعلامي كناقل للأخبار باعتبارها قناة إخبارية وأصبحت تسعى الان الى فرض وصناعة الاخبار وفق برنامج ودور سياسي لديها مما يؤكد انها ليست مؤسسة إعلامية.
وقال رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين في حديث مع شبكة PNN ان قناة الجزيرة لديها دور سياسي في إطار مشروع إقليمي لتغير أنظمة الحكم اتجاه مصالح حركة الاخوان المسلمين موضحا ان أفضل تعبير يعكس ما تقوم به الجزيرة هو انها جزء من الدولة العميقة لحركة الاخوان الذين لديهم برنامج سياسي في المنطقة وليس في فلسطين لوحدها وبالتالي كان من الأفضل للجزيرة ان تعلن عن نفسها ودورها في إطار هذا البرنامج بدل الاختباء وراء عمامة الاعلام والمهنية .
وأشار اللحام الى ان تقارير الجزيرة في الشأن الفلسطيني خصوصا التقارير التي تعد في أروقة الجزيرة بقطر تقارير منحازة وتحريضية ولا يوجد بها أي جانب من الموضوعية او النزاهة حيث أصبحت واضحة فهي لخدمة طرف على حساب طرف اخر وهذا لا يحتاج لخبير حيث تجلى بشكل واضح من خلال التقارير.
وأضاف اللحام ان الجزيرة لم تكتفي بالتقارير الإخبارية المنحازة لأنها فشلت في اقناع حتى الأطفال بفلسطين بمواقف الجزيرة ومن تدعمهم وأصبحنا نشاهد دخول المشاهد او السكتشات التمثيلية بطريقة مقززة لأنها عار على أي عمل اعلامي او وسيلة إعلامية لان الإساءة وتخوين الناس ليس امرا يمكن القبول به مشددا على ان الفن او المشاهد الفنية وجدت للانتقاد لا التخوين والتحريض على القتل مؤكدا ان قناة الجزيرة بسياساتها الحالية تمارس العار بابها صوره.
وفي معرض رده على سؤال لشبكة PNN حول إذا ما حاولت نقابة الصحفيين التواصل مع إدارة الجزيرة قال اللحام ان النقابة حاولت التواصل في العديد من البيانات حيث تم مناشدة القناة بضرورة ان تتوقف عن هذه المسلكيات لكنها في كل مرة تمعن وتزيد في علانية الحرب ليس ضد السلطة او حركة فتح بل ضد الشعب الفلسطيني الذي خرج بمئات الالاف في مهرجانات انطلاقة فتح الستون حيث تتهم تقارير الجزيرة كل من ينتمي للحركة بانه خائن وفق هذا المشهد التمثيلي الذي نشرته.
وتسائل اللحام هل كل هذه الجماهير التي خرجت للتعبير عن دعمها للموقف الوطني الفلسطيني وتخالف وجهة نظر حماس والاخوان هي خائنة مشددا على ضرورة مراجعة الجزيرة وادارتها لما تقوم به فالسعي لدعم حزب او موقف سياسي لا يسمح بتخوين الاخرين وبالتالي فهي تتحمل مسؤولية الدم الداخلي في أعماق من يرسم السياسات التحريرية داخل القناة والتي بات من المعروف ان جزء من حركة الاخوان وحماس هم من يتولون إدارة دفة الأمور في القناة.
الجزيرة تتجاهل القوانين والمؤسسات الفلسطينية
كما قال رئيس لجنة الحريات ان إدارة قناة الجزيرة لا ترى نقابة الصحفيين وهي تقاطع النقابة على مدار 14 شهر ونصف من الحرب وهي لا تتواصل بالمطلق من النقابة ولا أنشطتها رغم حجم المعاناة وحجم الجرائم ضد الصحفيين ورغم عمل النقابة في متابعة الرصد والنشر والوصول للمؤسسات العربية والدولية والمحلية لحماية الصحفيين على مختلف الأصعدة حيث لم تستضف القناة أي من أعضاء الأمانة العامة او رؤوساء اللجان مما يعكس توجه القناة لمقاطعة النقابة وإدارة النقابة بل انها تعاديها بهذا الفعل.
واكد اللحام ان الجزيرة في اطار تجاهلها المقصود تتجاهل كل شيء في فلسطين الا ما تريده هي موضحا ان هنالك قوانين مرعية لها علاقة بسيادة القانون حيث تتضمن القوانين الخاصة بتشغيل أي قناة اجنبية او مؤسسة شروط لاحترام القوانين و الثقافة المجتمعية لكن الجزيرة كسرت كل شيء بما تقوم به من تغطية منحازة وتحريضية على طرف لصالح طرف ومن هنا فقد مهنيتها وحياديتها مشددا على ان النقابة وقفت وما تزال تقف الى جانب الاعلام حيث لا تفرق النقابة بين مؤسسة وأخرى و وقفت امام مسؤولياتها امام كل من حاول تجاوز اخلاقيات المهنة و في اكثر من مناسبة وضد الحكومات والشخصيات والمؤسسات الأمنية مشددا جاهزيتها لاتخاذ مواقف لحماية الجسم الصحفي لان النقابة تسعى لتوسيع رقعة الحريات لكنها في الوقت ذاته معنية بتعزيز اساسيات اخلاقيات المهنة والمحافظة عليها ومن هنا لا بد للجزيرة من إعادة تقييم دورها واداءها المهني.
وحول مخالفة الجزيرة للقوانين الفلسطينية قال رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين ان القناة تتعامل بمنطق ان لا وجود لقوانين وأنظمة ولا تعترف باي شيء موضحا هل تتعامل القناة بهذا الشكل مع أنظمة قطر وهل الأنظمة الداخلية في قطر تسمح باستباحة أي مؤسسة او قناة إعلامية لقوانينها ولذلك لا بد من الالتزام بمعايير البلدان التي تعمل بها القنوات وليس القوانين فحسب بل الثقافة والتاريخ وحماية الدول ومع الأسف تقوم الجزيرة بانتهاك كل القوانين والأنظمة والثقافة من اجل تحقيق مكاسب لطرف فلسطيني على حساب الاخر من خلال استباحة كل شيء حتى الدم الفلسطيني تحت يافطة الحريات وهذا غير مقبول على نقابة الصحفيين ولا حتى على المواطن الفلسطيني.
يجب اثبات الأخطاء بالحجة.
يقول وليد بطراوي الصحفي والمدرب الإعلامي في عدد من المؤسسات الدولية و عضو المجلس الاداري لمعهد الصحافة الدولي انه كان من الأفضل لو تم توجيه رسائل مهنية تتضمن امثلة على الأخطاء المهنية التي يمكن ان تكون قد وقعت بها مشددا على انه ومن خلال لجنة اخلاقيات المهنة في نقابة الصحفيين عملوا على دراسة ملفات بعد تقديم اشخاص وجهات فلسطينية شكاوى للنقابة حيث أبدت النقابة رائيها المهني بكل مهنية وتم توجيه رسائل لإدارة الجزيرة.
وأشار البطراوي الى مسالة هامة وهي احدى القضايا التي وقعت فيها الجزيرة واخطات وهي نشر صور تم صناعتها بالذكاء الصناعي وتظهر رجال الامن الفلسطيني بشكل قمعي حيث نشاهد ان نوع البندقية لا يستخدمها الفلسطينيون وكم الدخان يوحي بالكثير و طبعا نوع البندقية للرصاص وليس الدخان و كل هذا للتأثير على القارئ والمشاهد.
الجزيرة وأدوات الاثارة والتحريض
وحول سؤال عما نشر عن قيام الجزيرة باعتماد أدوات الاثارة والتحريض يقول المدرب الإعلامي البطراوي ان مفاهيم الاثارة والتحريض الاخبار تقوم على أساس ما هو جديد وما هو مثير وغريب مثل اختراع شيء او حدوث امر جديد وليس الاثارة ان تثير الرغبات العدائية للإنسان او ان تثير الغرائز و بالتالي المعنى ان تكون الاخبار مثيرة للاهتمام اكثر من التحريض للقيام بفعل اما موضوع التحريض فهو واضح جدا وهو ان تؤثر على الراي العام بشكل قد يؤدي الى ان يقوم الشخص او المجموعة بفعل او ردة فعل على امر ورد في الخبر وضرب مثالا على ذلك بالإشارة الى ان الإعلان يحرضك على ابتياع السلعة.
وفي الاخبار التي تتعلق بالنزاعات مثل ما فيما يحدث في مخيم جنين فان دور وسائل الاعلام يجب ان يرتكز على نقل ما يجري دون زيادة ولا تشويه ولا إخفاء او اثارة او نقل دون التأكد او دون مرجعية ومع الأسف هذه الأمور تحدث في جنين موضحا ان التحريض يكمن في رواية معينة أي بمعنى ان تأتي بأشخاص يتحدثون بنفس الرواية وتكرارها.
وأشار البطراوي الى موضوع اخر وهو طريقة مقاطعة المذيع في قناة الجزيرة الناطق باسم قوى الامن مشيرا الى ان من من حق أي شخص ان يرفض المقابلة إذا لم يتم إبلاغه بالضيوف الذين معه سواء قبل اجراء المقابلة او خلالها مشددا على ان دور أي قناة ترغب باستضافة أي ضيف ان تبلغه من سيكون معه على الهواء وهو أدني متطلبات العمل المهني.
وأشار الى ان أي صحفي مهني يمكنه ان يدرك تفاصيل ما جرى في هذه المقابلة حيث كان هناك خلل مهني فحتى لو لم يسال الضيف من سيكون معه في المقابلة على المنتج ان يبلغه بذلك ولو أبلغت الجزيرة الناطق باسم قوى الامن لكانت قد أعلنت ذلك.
المشاهد المسرحية: هل هي نموذج للموقف المتحيز .
يقول محمد اللحام رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين ان المشاهد التمثيلية التي لجات اليها الجزيرة مؤخرا هي مواد معدة وتحتاج لأشهر من العمل ضمن خطة وبرنامج متواصل مما يعزز فكرة وموقف ان القناة تنتهج سياسة واضحة لإيقاع الضرر بالسلطة وحركة فتح وكل الفصائل الوطنية الفلسطينية المنضوية بمظلة منظمة التحرير والتي تمثل القطاع الاوسع من الشعب الفلسطيني من خلال فتح النار على فتح بشكل وقح من خلال تقارير او سكتشات تمثيلية وهو نهج جديد على وسائل الاعلام الإخبارية وبالتالي فهي تكشف عن وجهها بهذا القبح ولذلك نقول ان ما تقوم به الجزيرة هو عار على كل الاعلام لان هذا ليس اعلام بالمطلق وما تمارسه حرب حقيرة من خلال اعلام مشوه تجند لها المليارات.
المشاهد التمثيلية جزء من حالة النقد لكنها قد تتحول من وسيلة للتعبير الى وسيلة للتحريض وهذا مرفوض
من ناحيتها تقول وداد جربوع الباحثة في مجال الحريات الإعلامية في مؤسسة سمير قصير للحريات من لبنان لشبكة فلسطين الإخبارية PNN أنه يجب علينا ان نشير الى أن قناة الجزيرة كانت من أهم القنوات العربية التي قامت بتغطية الحرب الاخيرة على على قطاع غزة تغطية مباشرة ومستمرة لكل الانتهاكات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وهذه تُحتسب لها بشكل كبير وبالنسبة للمشاكل الداخلية التي حصلت في الفترة الاخيرة في مخيم جنين وفي جنين ، نحن شاهدنا ضيوف على شاشة الجزيرة قاموا بنقل الروايتين الرواية الأولى تمثل الأمن الفلسطيني من خلال الناطق باسم الامن الفلسطيني والرواية الثانية التي تمثل أهالي المخيم داخل جنين ومخيم جنين وبالتالي الإضاءة على الروايتين هو ضمن اطار عمل مهني واضح على قالت.
وفي ردها على سؤال حول موضوع المشاهد التمثيلية تقول جربوع ليس الموضوع هنا بما تقوم به الجزيرة نشر فيديوهات كوميدية تنتقد ما تقوم به السلطة الفلسطينية يتعلق بموقفها المعارض ام لا الموضوع هنا يتعلق تحديد بالحرية واطارها بالعمل الكوميدي والاخلاقيات التي تحكمها خصوصا وان الكوميدية تحتل مساحة فريدة من نوعها بالمجتمعات الغربية ويتم استخدامها او استخدام الفُكاهة كصورة نقدية لما يحصل في المجتمعات.
واضافت الباحثة جربوع في حديثها مع PNN:" لكن تأتي مسؤولية كبيرة مع هذا النوع من التعبير الكوميدي بهدف تحقيق توازن اولا بين الحرية الإبداعية والنزاهة الأخلاقية خصوصا مع قضايا سياسية واجتماعية لأن بكل بساطة التعبير الفُكاهي هو حق حيوي للمجتمعات الديمُقراطية لكنه قد يتحول الى مشكلة عندما تتحول النكتة من وسيلة للتعبير الى وسيلة للتحريض على العنف وبث خطاب الكراهية وهنا بالطبع تصبح المشاهد التمثيلية والتقارير او الفيديوهات التي تنشر غير مهنية خصوصا عندما تقوم بتخوين الاخر او التحريض عليه.
كما وأكدت الباحثة جربوع ان دور الصحافة ووسائل الاعلام في ظل الصراعات الداخلية يجب ان يكون يعتمد على التوجهات المهنية والاخلاقية التي من المفترض ان يتبناها الصحفيون والمؤسسات الاعلامية ويجب ان يكون على الأكيد ان يكون دور اعلامي ايجابي وبناء من خلال اعتماد نقاط اساسية مهمة وهي بناء جسور تفاهم وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة من خلال تقديم تغطية عادلة ومتوازنة على كل مبادرات التعايش التي ممكن الاشارة لها وتشجيع الحوار كبديل للعنف.
كما اكدت الباحثة في مؤسسة سمير قصير في حديثها مع PNN على انه من الضروري أن يلتزم الصحفي بالحياد من خلال نقله للأحداث والوقائع بدون اي انحياز أو تضخيم للحدث نفسه ويجب ان يعتمد على نقل المعلومات الصحيحة لمكافحة الشائعات التي من الممكن أن تؤدي الى تأجيج الخلافات والصراعات الموجودة والنقطة التي اريد اضافتها يجب أن يكون الاعلام واعي بشكل عالي في الحد من نشر التحريض لأنه ممكن أن يؤدي لتأجيج وتعميق الصراعات وأن يقدم محتوى توعوي يُساعد في تقليل التوترات ولا يعتمد على تأجيج الخلافات لأنه عندها يصبح جزء من مشكلة وليس ان يكون جزء من الحل.
وحول مسالة الحريات تقول جربوع بالنسبة لحرية العمل للمؤسسات الاعلامية بشكل عام وليس الجزيرة بشكل خاص يجب على المؤسسات الاعلامية يجب ان تلعب دور ايجابي وتلتزم بالمعايير المهنية و وذلك من خلال الالتزام بالموضوعية والمهنية وان تقوم بتقديم محتوى غني بالمعلومات وموثوق ومعلومات بعيدا عن رمي الشائعات وبعيدا عن المعلومات الكاذبة مشددة على انه من الضروري والمهم ان تقوم المؤسسات بنقل الأخبار بسرعة ودقة واحترام خصوصية وتجنب خطاب الكراهية وهي أهم خطوة وتحديدا الخطاب التخويني لان تخوين يتجاوز حدود الحريات.
الاغلاق والحجب ليس حلا مثاليا
يجمع كافة الخبراء الذين تحدثت معهم شبكة فلسطين الإخبارية على ان قرارات الاغلاق والحجب التي اتخذتها السلطة ليس الحل فهناك الكثير مما يتوجب القيام به قبل الوصول لهذا القرار حيث يقول مراسل شبكة مراسلون بلا حدود الدولية التي تعنى بالحريات الإعلامية ان اغلاق الجزيرة ليس الحل وكان بالإمكان للسلطة او أي جهة تتضرر من أداء وتغطية الجزيرة ان يتوجه للقضاء حيث يمكن للقضاء ان يقول كلمته باي خلاف مشددا على ان الاغلاق ليس هو الطريقة المثلى للتعامل مع وسيلة إعلامية.
اما الباحثة جربوع فتقول ان قرارات الالغاء والحجب يجب أن تكون الاستثناء هنا وليس القاعدة ويجب أن تستند لمواد قانونية وأسس قانونية واضحة تحترم أولا حقوق الإنسان وحرية التعبير ،لانه بكل بساطة هذه القرارات ممكن ان تقيد حرية الصحافة من جهة وتعزز الرقابة الذاتية داخل المؤسسات الاعلامية الفلسطينية وتصبح خائفة من أن تغطي قضايا حساسة خوفا من الاغلاق او الحجب كما تؤثر قرارات الاغلاق لاي وسيلة إعلامية على سمعة البلد ، مضيفة ان الجميع يطمح أن تكون السلطة الفلسطينية هي من الدول التي تحترم حقوق الانسان وتحترم حرية التعبير لا أن تكون لها سمعة قمعية أو تكميم أفواه بالعكس لذلك فهي السلطة لإلغاء هذا القرار والعمل في اطار دعم القوانين التي تحترم حقوق الانسان وتحترم حرية التعبير.
داود كتاب بدوره أشار الى قرار الحكومة الفلسطينية تعليق عمل فضائية الجزيرة يشكّل معضلةً على عدة مستويات، يجب مناقشتها من ناحيتي الربح والخسارة على مستوى المصلحة الوطنية الفلسطينية العُليا. طبعاً هناك أدّلة وحجج قوية يمكن أن تُسوّق لتبرير القرار، ومنها الشكاوى التي قدّمها صحافيون عديدون، واستنتاجات نقابة الصحافيين بعدم مهنية بعض التقارير، ومنها برنامج شمل تزويراً (باستخدام الذكاء الاصطناعي) لما يحدُث في جنين، إلّا أنه في المحصّلة النهائية لا بدّ من التوازن بين الفائدة المباشرة من قرار بحجم إغلاق مكاتب "الجزيرة" في مقابل الضرر على المستويات، المحلّي والإقليمي والعالمي.
كما يشدد كتاب على انه من الضروري أيضاً الفصل بين الجهاز الإخباري التابع لفضائية الجزيرة والأقسام الأخرى. فالفريق الإخباري والعاملون فيه قدّموا كثيراً للقضية الفلسطينية، ومنهم من استهدفت حياته وحياة أهله، بينما كان يعمل على إيصال المعلومة والرواية الفلسطينيتين الصادقتين. وفي هذا المقام، كان من الممكن (والأفضل) أن تقاطع البرامج وأن يستمرّ التعامل مع قسم الأخبار على سبيل المثال.
ويختم رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين حديثه مع شبكة PNN بالتأكيد على ان نقابة الصحفيين تعمل وستواصل العمل على حماية الصحفيين والحريات وهي وقفت وتقف مع كل الصحفيين ووسائل الاعلام لكن هناك قوانين وقضاء فلسطيني وعلى المتضرر ان يتوجه الى القضاء حتى يقول القضاء كلمته مشيرا الى ان كثير من القضايا التي رفعت اثبتت نزاهة القضاء الفلسطيني وبالتالي فان على الجزيرة وغيرها إذا رات نفسها متضررة ان تذهب للقضاء الفلسطيني.
أهمية بناء اعلام قوي ومستقل في فلسطين
وعلى هامش الحديث والمقابلات بشأن ملف اغلاق الجزيرة رأى كافة الخبراء في مجال الاعلام أهمية بناء اعلام فلسطيني وطني حر ومستقل حيث أشار داود كتاب ان الامر الأكثر لمواجهة أي روايات قد تزعج الفلسطينيين الى أهمية ضرورة الاهتمام بالإعلام الوطني، ولا نعني هنا الإعلام الرسمي، بل من الضروري أن يُدعم الإعلام المستقلّ، ليس بالضرورة بالمال بقدر توفير المعلومة والمقابلة والخبر الحصري له، ليصبح مصدراً مهمّاً وذا مصداقية للجميع.
من ناحيته يقول المدرب بطراوي: “في فلسطين يوجد اعلام حزبي منذ انطلاق الأحزاب السياسية الفلسطينية حيث كانت قديما الصحف الصادرة تمثل الأحزاب المختلفة حيث تروج للمواقف والأفكار والآراء السياسية وكان هناك تجارب لهذه الصحف الحزبية في معاداة منافسيها مشددا على ان الاعلام الحزبي يقوم بتقديم شخصياته ومواقفه الحزبية ومصطلحات الحزب حيث يقدم مصطلح الحزب على كل شيء وهذا حاصل اليوم مع وجود الكثير من الشبكات والمنصات الإعلامية الحديثة مشددا على أهمية تعريف ومعرفة المواطن بانتماء هذه الوسائل الإعلامية .
وشدد على أهمية وجود الاعلام المستقل الوطني حيث هناك عدد قليل من وسائل الاعلام المستقل في فلسطين الذي يقدم الخبر المهني المبني على الأهمية للمجتمع الفلسطيني على الحزب وأضاف من المفترض ان يكون تلفزيون فلسطين ممثلا لجميع شرائح شعبنا من فصائل واطياف لكن و للأسف أصبح اعلام الحزب الحاكم كما في معظم الدول العربية والاشتراكية حيث أصبح الاعلام الرئيسي هو اعلام الحزب الحاكم ومن هنا ضعف أداء الاعلام الرسمي الوطني امام وسائل اعلام خارجية وأصبح المواطن يستقي معلوماته من قنوات غير قنواته الفلسطينية.
اما الباحثة جربوع فتقول ان المطلوب للخروج من هذه الازمة والواقع يتطلب حوار بناء بين الاطراف المعنية على الجهد لتقديم وجهة اعلامية بديلة وبالتالي ترك حرية التقييم للجمهور فالجمهور هو الشخص الذي يقرر هل هذا تحريض هل هذا يعتبر اعلام غير مهني حيث يجب ترك الجمهور لحرية الاختيار.
خلاصة التقرير
يتبين من هذه الآراء من أصحاب الاختصاص عدة أمور أهمها ان الجزيرة وقعت في أخطاء مهنية لا في مجال التغطية بل السياسة التحريرية كما ان قرار اغلاق الجزيرة وحجبها ليس في محله وان أي إشكاليات يجب ان تحل بالحوار وان على كافة الأطراف ان تعترف بأخطائها وتجلس لحوار بعيدا عن لغة التشكيك والتخوين