الشريط الاخباري

فيديو PNN: على أنقاض الذاكرة الفنانة الغزية ميساء يوسف تُحارب الحرب و النسيان بالألوان"

نشر بتاريخ: 12-04-2025 | برامجنا التلفزيونية , تقارير مصورة , PNN مختارات , قصص "قريب"
News Main Image

غزة / PNN / وسط الركام في مدينة دير البلح، تواصل الفنانة التشكيلية ميساء يوسف (40 عاماً) مسيرتها الفنية متحدّية آثار الحرب التي دمّرت منزلها ومرسمها وألقت بظلالها القاسية على حياتها وحياة أطفالها الثلاثة.

ميساء، المولودة في غزة عام 1984، والحاصلة على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة الأقصى، قضت أكثر من عقدٍ من الزمن في تطوير أسلوب فني يعتمد على "الكولاج" باستخدام خامات بيئية بسيطة ومستهلَكة مثل الورق المقوى والقماش البالي والخيطان والجرائد. تقول: "كل ما حولي يمكن أن يتحول إلى عمل فني".

شاركت ميساء في معارض فنية محلية ودولية، غير أن العدوان الأخير على غزة في أغسطس 2023 قلب حياتها رأساً على عقب. فبعد إخلاء حيّها في شارع المزرعة، تم قصف منزلها بقنابل حارقة في 24 أغسطس، ما أدى إلى تدمير 80% منه، بما في ذلك مرسمها الذي احتوى على معظم أرشيفها الفني وسكيتشاتها ومعرضها الأخير "الس" الذي لم تُتح له فرصة العرض سوى مرة واحدة.

لكن الدمار لم يوقفها. خلال الأيام الأولى من النزوح، تحوّل بيتها إلى ملاذ لحوالي 70 نازحاً من الأقارب والجيران. وحين لاحظت الفراغ الذي يعيشه الأطفال بعد توقف المدارس، بادرت بإطلاق ورشات فنية تساعدهم على التعبير عن مشاعرهم وتفريغ الصدمات التي مرّوا بها.

"الأطفال رأوا جثثاً وبيوتاً مدمرة، فقدوا أصدقاءهم وروتينهم اليومي. صاروا يشاركوننا في الأعباء المنزلية، من خبز وطهي وجلب الماء، وكأن طفولتهم توقفت"، تقول ميساء. وتضيف: "من هنا شعرت بمسؤولية أن أساعدهم ليستعيدوا ما فقدوه".

من خلال شراكة مع مؤسسة "هوب أند بلاي" التي تتخذ من لندن مقراً لها، بدأت ميساء بتنظيم أنشطة فنية مستمرة للأطفال، كما نسّقت مراسلات بينهم وبين فنانين عالميين، من بينهم الفنانة هنا جاردنغ، التي ترسل أسبوعياً رسومات يتفاعل معها الأطفال.

بعد أن نزحت أكثر من مرة، عادت أخيراً إلى منزلها المدمر لتجد نفسها تعيش في "شبه بيت". لكنها لا ترى في فقدان المسكن نهايةً لقصتها، بل بداية لإصرار جديد. تقول: "طالما نحن أحياء، يجب أن نُنتج، أن نثبت وجودنا".

في أعمالها الأخيرة، عكست ميساء ذاكرة النكبة الثانية التي عاشتها مع أطفالها، مستحضرة قصص النزوح التي سمعتها من جدتها. "اليوم أبناؤنا يمرون بنفس التجربة التي عاشها أجدادهم في 1948"، تقول.

أطلقت معرضاً فنياً جديداً داخل ما تبقى من بيتها بعنوان "أمان"، وهو تعبير عن ما تفتقده، مشيرة إلى غياب الأمن الجسدي، والغذائي، والاقتصادي. وتقول إن الأعمال المعروضة فوق الركام ليست استعراضاً جمالياً، بل محاولة لمقاومة المحو والتوثيق بصوت الفن.

ورغم القيود التي فرضها الحصار، نجحت بعض أعمالها في الوصول إلى معارض في أوروبا وأميركا وأستراليا، لكن معظم أعمالها بقيت حبيسة غزة بسبب صعوبة إخراج اللوحات.

اليوم، تعمل ميساء على إعادة تأهيل جزء من مرسمها لاحتضان ورش الأطفال، وتقول: "هذا المكان هو المتنفّس الوحيد لهم، ومكانهم للتعبير عن الألم والتمسك بالحياة".

وبصوتٍ مكلوم، تختم ميساء حديثها: "أنا ناجية من حرب إبادة، لا أريد أن أكون رقماً آخر في قائمة الضحايا. لدي قصة، أريد للعالم أن يسمعها، أن يرى غزة كما هي... ليس فقط عبر عدسات الصحفيين، بل أيضاً من خلال ألواننا وأحلامنا المدفونة تحت الأنقاض".

تم انتاج هذه القصة ضمن برنامج قريب الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.

شارك هذا الخبر!