برلين / PNN - فاجأت الولايات المتحدة حلفاءها الأوروبيين، وخاصة ألمانيا، بتنفيذ هجمات جوية دقيقة على ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية في فوردو ونطنز وأصفهان، وصفتها إدارة الرئيس دونالد ترامب بأنها “نجاح عسكري مذهل” أدى إلى تدمير هذه المنشآت بالكامل. لكن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، المنتمي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، لم يُبلغ بخطط الهجوم إلا بعد بدء العمليات العسكرية، وفقًا لمعلومات حصرية نشرتها مجلة “دير شبيغل”.
أكدت تقارير “دير شبيغل” أن إدارة ترامب أخطرت ميرتس بالهجوم بعد انطلاق الضربات الجوية، بينما أشارت المملكة المتحدة إلى أنها كانت على علم مسبق بالعملية. هذا التأخير في إبلاغ ألمانيا، وهي شريك رئيسي في حلف الناتو ووسيط تاريخي في الملف النووي الإيراني، أثار استياءً ضمنيًا في الأوساط السياسية الألمانية، رغم عدم وجود تصريح رسمي يعبر عن ذلك مباشرة.
وصباح الأحد، عقد ميرتس اجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن الاتحادي لتقييم تداعيات الهجوم. وأعلن المتحدث باسم الحكومة، شتيفان كورنيليوس، أن الضربات الأمريكية تسببت في “أضرار كبيرة” ببرنامج إيران النووي، مع توقع إجراء تحليل دقيق للأضرار لاحقًا. وأكد ميرتس التزام ألمانيا بالتنسيق الوثيق مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتحديد الخطوات المقبلة، داعيًا إيران إلى العودة الفورية للمفاوضات مع واشنطن وتل أبيب للوصول إلى حل دبلوماسي يجنب المنطقة حربًا شاملة.
ألمانيا، التي تُعتبر وسيطًا دبلوماسيًا رئيسيًا في التعامل مع الملف النووي الإيراني منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015 (JCPOA)، أبدت قلقها من التصعيد العسكري. في الوقت نفسه، أكدت برلين دعمها لجهود نزع السلاح النووي في المنطقة، لكنها شددت على أهمية الحلول الدبلوماسية لتجنب حرب إقليمية شاملة.
أثار الهجوم الأمريكي جدلًا في ألمانيا. فقد انتقد رولف موتزنيتش، السياسي البارز في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، العملية، محذرًا في تصريحات لصحيفة “تاغس شبيغل” من أنها “تُعيد النظام الدولي عقودًا إلى الوراء” وتجعل العالم “أكثر خطورة وغير متوقع”. وأشار إلى أن التصعيد يُشابه مرحلة الحروب العدوانية التي بدأت مع الغزو الروسي لأوكرانيا.
في المقابل، دافع بعض أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي عن الهجوم، معتبرين أن تدمير المنشآت النووية الإيرانية يُعزز الأمن الإقليمي، خاصة بالنسبة لإسرائيل، الحليف الوثيق لألمانيا. ومع ذلك، يبقى الجدل قائمًا حول تأثير هذه الخطوة على استقرار المنطقة.
رغم الإحراج الناجم عن عدم الإبلاغ المسبق، حافظت ألمانيا على نبرة دبلوماسية، مؤكدة التزامها بمنع تصعيد الصراع.
ويواجه ميرتس تحديًا معقدًا في الحفاظ على التوازن بين دعم الحلفاء الغربيين والدفاع عن الحلول السلمية التي طالما روجت لها برلين في الشرق الأوسط.