تعيش بلدة عرابة، تحديات جمة تؤثر بشكل مباشر على سكانها. تتصدر هذه التحديات قضية تطوير البنية التحتية، وتحديدًا غياب شبكة الصرف الصحي، في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة تعرقل مسيرة التنمية.
وعود انتخابية طموحة تواجه تحديات واقعية
وأوضح رئيس بلدية عرابة، أحمد العارضة، أن وعود المجلس البلدي، سواء كقائمة انتخابية أو كمجلس حالي، ارتكزت على لقاءات مكثفة مع الجماهير والمواطنين. وأشار العارضة إلى أن البلدية وضعت حوالي 17 نقطة ضمن خطتها الانتخابية، وتمكنت من تنفيذ أكثر من 11 نقطة منها نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة.
وفي معرض حديثه عن شبكة الصرف الصحي، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من البنية التحتية، كشف العارضة خلال برنامج ساعة رمل الذي تنتجه وتبثه شبكة وطن الإعلامية ويعده ويقدمه الإعلامي نزار حبش عن إجراء دراسة شاملة للمشروع، كلفت البلدية وحدها 180 ألف دولار، وقد تبرع بهذا المبلغ الدكتور سمير عبد الهادي، أحد أبناء عرابة.
وأضاف العارضة أن التكلفة التقديرية لمشروع الصرف الصحي في عرابة تصل إلى 18 مليون دولار، وهو مبلغ "يفوق إمكانات البلدية"، ويتجاوز كذلك قدرة الجهات المانحة على تقديمه دفعة واحدة، مشددًا على أن المشاريع من هذا النوع "تتطلب جهودًا مشتركة من البلدية والمواطنين والحكم المحلي وسلطة المياه والجهات الداعمة، سواء كانت عربية أو دولية.
تأجيل المشاريع..
وأرجع العارضة تأخر بعض المشاريع، لا سيما مشروع الصرف الصحي، إلى الظروف السياسية والأمنية الصعبة التي تمر بها فلسطين. "الوضع الأمني غير مستقر في البلد، وثانيًا، خف دعم الجهات الدولية للضفة الغربية بسبب الأحداث"، مؤكدًا أنه "لا يوجد أي أفق لحل موضوع الصرف الصحي في عرابة في الوقت الراهن". وأشار إلى أن البلدية تحاول الحد من مشكلات الصرف الصحي بفرض شرط "الحفر الصماء" على المواطنين، مع الإشارة إلى أن نسبة الالتزام بهذا الشرط تبلغ حوالي 60%.
وأعرب العارضة عن تخوفه من الحفر الامتصاصية غير الصماء وتأثيرها المحتمل على المياه الجوفية، مشيرًا إلى أن البلدية تجري فحوصات دورية للآبار للتأكد من عدم وجود تلوث، والحمد لله، لم يتم اكتشاف أي تلوث حتى الآن. وأكد أن حل مشكلة الصرف الصحي يتطلب تعاونًا وثيقًا بين بلدية عرابة والبلديات المجاورة مثل يعبد وقباطية وكفر راعي، لإنشاء محطة تنقية مشتركة تخدم المنطقة بأكملها.
سهل عرابة: مكافحة زراعة التبغ ومخاوف التلوث
في سياق متصل، تطرق العارضة إلى مشكلة استخدام المياه العادمة في ري الأراضي الزراعية، خاصة لزراعة التبغ، مؤكدًا أن البلدية "لا تشجع هذا الأمر وتكافحه بكل قوة"، بالتعاون مع وزارتي البيئة والزراعة. وأعرب عن رفض البلدية تحول سهل عرابة من "سلة فلسطين الغذائية" إلى منطقة لزراعة التبغ، التي وصفها بأنها "تصحر" يقلل من زراعة المحاصيل التقليدية. وأوضح أن التوجه لزراعة التبغ يعود إلى "الظروف المعيشية الصعبة" وارتفاع مردوده المالي مقارنة بالمحاصيل الأخرى.
وأكد العارضة أن البلدية لم تتلق أي شكاوى بخصوص ضخ المياه العادمة على الخضروات، مشيرًا إلى أن البلدية قامت منذ عام 2012 بدراسة شاملة لسهل عرابة (33 ألف دونم)، وهو ثاني أكبر سهل داخلي في فلسطين، بهدف "إعادة إحياء سهل عرابة" بعد تراجع زراعة المحاصيل التقليدية وزيادة زراعة التبغ التي وصلت في بعض الأحيان إلى 60-70%.
تأثير الاحتلال على التنمية والبناء العشوائي
وأعاد العارضة التأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي هو "سبب معظم مشاكلنا"، مشيرًا إلى أن المناطق القريبة من المستوطنات مثل "دوتان" يعاني مزارعوها من عدم القدرة على الوصول إلى أراضيهم، مما يؤثر على المواسم الزراعية. وشدد على أنه "لا يصح أن نتحدث عن مشاريع تنموية واقتصادية وتطويرية بمعزل عن الاحتلال" الذي يسيطر على الأمن والأرض.
وفيما يتعلق بالبناء العشوائي في سهل عرابة، أوضح العارضة أن هذه المناطق مصنفة (C) وخارج الهيكل التنظيمي للبلدية، وتتبع للحكم المحلي والمحافظ. وأكد تعاون البلدية مع هذه الجهات للحد من البناء العشوائي ومعالجة المشكلات أولًا بأول.
إنجازات البنية التحتية والخدمات الحكومية في عرابة
على صعيد إنجازات البنية التحتية، أشار العارضة إلى أن البلدية قامت بتعبيد سبعة كيلومترات من الشوارع في الفترة الأخيرة، ضمن خطة متواصلة تهدف إلى تطوير الشوارع التي تحتاج إلى تعبيد في عرابة التي تمتد على مساحة 45 ألف دونم. وأكد أن عرابة تُعد من "أفضل البلديات في الضفة الغربية من حيث الشوارع".
وفي خطوة لتعزيز الخدمات للمواطنين، أكد العارضة أن البلدية عملت على استجلاب العديد من الوزارات والمديريات السيادية لتكون موجودة في عرابة، مثل مكتب الداخلية (الذي يعالج جوازات السفر)، ومكتب ضريبة الأملاك، والمحكمة الشرعية، ودائرة الطابو، ودائرة السير، ومركز هندسة لفحص المركبات، لخدمة سكان عرابة والقرى المحيطة بأقل تكلفة ووقت.
المستشفى الهندي وتحديات القطاع الصحي
وكشف العارضة عن مشروع هام يتمثل في إنشاء مستشفى هندي حكومي عالي التخصص في عرابة. وأشار إلى أن البلدية والحكومة الفلسطينية ووزارة الصحة قد أنهت كافة الإجراءات المطلوبة، وينتظرون القرار النهائي من الجانب الهندي بعد إقرار المنحة (حوالي 29 مليون دولار) من قبل الحكومة والبرلمان ووزارة الخارجية الهندية. ومن المتوقع البدء في المشروع "قبل بداية عام 2026".
وفي تقييمه للعيادة الحكومية الموجودة في عرابة، أكد العارضة أنها "تقوم بدورها على أكمل وجه"، مشيرًا إلى وجود مركز طوارئ تابع لجمعية الهلال الأحمر يقدم خدمة 24 ساعة بالتعاون مع البلدية.
الديون المتراكمة ورؤية مستقبلية
فيما يتعلق بالواقع المالي للبلدية، أشار العارضة إلى وجود ديون متراكمة على المواطنين تبلغ حوالي 19-20 مليون شيقل، معظمها ناتج عن فواتير المياه والكهرباء. وأقر بأن البلدية تتحمل جزءًا من المسؤولية في عدم توعية المواطنين بأهمية دفع هذه الرسوم. كما كشف عن ديون للبلدية لصالح الحكومة تبلغ حوالي 25-26 مليون شيقل. وأكد أن هذه الأموال لو كانت متوفرة لكان وضع البلدية أفضل، لكن معظم المشاريع تأتي في شكل دعم للمشاريع وليس سيولة نقدية.
واختتم العارضة حديثه بالتأكيد على أن البلدية تركز على محورين أساسيين للتنمية: سهل عرابة والبلدة القديمة. وأشار إلى مشاريع تعليمية طموحة، مثل مدرسة زراعية بمساحة 30 دونمًا، تهدف إلى ربط التعليم باحتياجات المزارعين وتطوير المهارات الفنية. كما تطرق إلى جهود البلدية في تنشيط السياحة الثقافية في البلدة القديمة، والتي توقفت مؤقتًا بسبب الظروف الأمنية.