رام الله / PNN - تسود حالة من خيبة الأمل لدى السلطة الفلسطينية من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإنهاء الحرب على غزة، وقد عبرت لأطراف عربية عن خيبة أملها من أن قطاع غزة سيصبح تحت الوصاية الأميركية المباشرة، وأن ترامب نصب نفسه "رئيسا" للقطاع؛ فيما اكتفت بالترحيب بالجهود وليس بالخطة نفسها التي أدخلت عليها تعديلات أميركية مفاجئة أسقطت التفاهمات السابقة بشأن المرحلة الانتقالية ودور السلطة الفلسطينية.
ونقل موقع "العربي الجديد" عن مصدر مقرب من الرئاسة الفلسطينية، قوله إنه "تمسكنا بأن يخرج البيان العربي قبل بيان الرئاسة الفلسطينية، وألا يؤيد خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبعدما صدر البيان العربي للدول العربية الثماني، أصدرنا بيانا بنفس المضمون".
وأضاف أن "بيان الدول العربية والإسلامية الثماني أكد مخرجات لقاء القادة العرب مع ترامب الأسبوع الماضي، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس مع خطته، إذ أكد البيان نقاطا غير موجودة في خطة ترامب مثل: إنهاء الحرب عبر اتفاق شامل، وعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، وتكريس مسار للسلام العادل عبر حل الدولتين، وتوحيد غزة بشكل كامل مع الضفة الغربية في دولة فلسطينية وفقا للقانون الدولي وشراكة لصنع السلام وليس وصاية".
وأكد المصدر نفسه، أن "الخطة التي سمعناها من ترامب تختلف عن الخطة التي تم إطلاع القادة العرب عليها، ووزراء الخارجية العرب مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف"، مشيرا إلى أنه "نعتقد أن ما جرى التوافق عليه في اجتماع القادة العرب مع ترامب، وكذلك وزراء الخارجية العرب قد لخصته الفقرة الأخيرة من بيان الدول العربية والإسلامية الثماني".
وترجمت حالة عدم "الرضا" من قبل السلطة الفلسطينية، من خلال عدم نشر وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بيان الدول العربية والإسلامية إطلاقا، بالإضافة إلى عدم نشر بيان الرئاسة الفلسطينية كما جرت العادة، بل نشرته بين الأخبار اليومية.
وقال المصدر المقرب من الرئاسة الفلسطينية، إنه "حسبما علمنا، فإن فريق ترامب قام بتعديل الخطة قبل نحو 4 ساعات من المؤتمر الصحافي، لتخرج الخطة بالطريقة التي سمعناها. كانت هناك تعديلات عربية جرى إدخالها مع ويتكوف، لكن الخطة النهائية أسقطتها".
ولفت إلى أن "القيادة الفلسطينية أبلغت عددا من الدول العربية المنخرطة في خطة إنهاء الحرب الإسرائيلية في الأيام السابقة حول 3 تعديلات هامة تبنتها هذه الدول، وهي: التدخل الدولي أو القوات الأجنبية تكون استنادا إلى قرار من مجلس الأمن، وخلال المرحلة الانتقالية يكون هناك ربط محكم بين اللجنة الإدارية والحكومة الفلسطينية، وجدول زمني واضح لانتهاء المرحلة الانتقالية وعودة السلطة لقطاع غزة واستئناف المفاوضات، إذ كان التعديل الذي طرحه الفلسطينيون عبر الشركاء العرب أن تكون الفترة الانتقالية لمدة عام، ثم جرى تعديلها من الأميركيين إلى 18 شهرا، إلى أن أصبح هناك حديث عن 3 سنوات".
وتابع المصدر نفسه "كان هناك نقاش مع الفريق الأميركي، وهنالك نقاط قبلوا بها، ونقاط رفضوها من بينها الرفض بشكل حاسم وقوي أن يكون هناك تفويض من مجلس الأمن لوجود القوات الدولية، وأرادوا أن ينفردوا بهذا الأمر وهذا ما جرى حسب ما أعلنه ترامب في المؤتمر الصحافي"، مؤكدا أنه "لم يكن مطروحا في أي من مسودات الخطة أو اللقاءات مع وزراء الخارجية العرب والقادة العرب أن ينصّب الرئيس ترامب نفسه حاكما لقطاع غزة، وحديث ترامب أنه تم الطلب منه ذلك، غير صحيح فلم يحدث أن طلبت أي دولة عربية من ترامب أن يكون حاكما لقطاع غزة كما أعلن". وتابع "اكتفت القيادة بالترحيب وكذلك الدول العربية والإسلامية الثماني، لأن إعلان تأييد خطة ترامب يعني إعطاءها غطاء، وهذا مرفوض، نعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل فهمتا هذا الأمر".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة الفلسطينية أصدرت بيان الترحيب بجهود ترامب وليس بخطته التي تعني نهاية السلطة، لأن القيادة الفلسطينية تأمل من خلال المرونة والتنازلات أن يتم قبولها بوصفها شريكا، رغم أن هذه الطريقة أثبتت عدم جدواها، ورغم أن الخطة استثنت أي دور لها في قطاع غزة"، مضيفا "ينص البيان العربي، وكذلك البيان الصادر عن القيادة الفلسطينية على تحفظات واضحة".
وأكد المصري "من الواضح أن هناك تغييرات كبيرة بين المسودات التي كان يتم تسريبها لخطة ترامب، وبين الخطة التي أعلن عنها الإثنين، في الصيغة الأولى التي تم التوافق مع العرب حولها، كان هناك دور للسلطة، لكن بالخطة التي أعلن عنها ترامب أشار لدور للسلطة حسب الإصلاحات التي نص عليها ترامب عام 2020 وأخطر ما هو مطلوب حسب هذه الإصلاحات هو اعتراف فلسطيني رسمي بيهودية الدولة".
وأوضح أنه "لم تكتف الولايات المتحدة وإسرائيل بكل ما قام به وأعلن عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من إصلاحات وانتخابات تُقصي الفصائل الفلسطينية المقاومة من المشاركة في الانتخابات، ومحاربة المقاومة تحت ما يسمى ’محاربة الإرهاب’، إضافة لوقف لمخصصات الأسرى والشهداء وتعديل على المناهج وغيرها، إسرائيل أيضا متمسكة بما طلبه ترامب ونتنياهو من الرئيس عباس عام 2020 وهو الاعتراف بيهودية الدولة، وهذا يعني الاعتراف بعدم وجود حق فلسطيني في الأرض الفلسطينية".
ومن جانبها، لم تصدر فصائل منظمة التحرير أية بيانات حول خطة ترامب، باستثناء حركة فتح التي أعادت صياغة موقف الرئاسة الفلسطينية بعد نحو 15 ساعة ونصف من البيان الأصلي للرئاسة، إذ أعادت تأكيد نقاط الرئاسة حرفيا، من دون إضافة أو حذف جوهري، باستثناء وضع ترويسة الحركة.
وأكد مصدر من حركة فتح لـ"العربي الجديد"، أن "القيادة الفلسطينية كانت قد أكدت للدول العربية رفضها أي دور يمكن أن يقوم به رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، وكانت هناك تطمينات عربية بأنه لن يكون له دور فعلي، بعكس ما أعلنه ترامب الإثنين". وقد التقى عباس ببلير الذي لا يشغل أي منصب رسمي حالي بريطاني أو دولي في العاصمة الأردنية عمّان في 13 تموز/ يوليو الماضي، وبحث معه إنهاء الحرب في قطاع غزة وتولي السلطة مسؤولية القطاع، مشددا على "أن حماس لن تحكم غزة في اليوم التالي (للحرب)"، على حد تعبيره.
وبدوره، يرى أمين عام المبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "خطة ترامب تضمنت ألغاما خطيرة كل واحد منها كفيل بتفجير الوضع برمته، أبرزها عدم وجود ضمانات حقيقية بألا تجدد إسرائيل حرب الإبادة بعد استرداد أسراها، خصوصا مع ما أعلنه نتنياهو الذي منح نفسه وحكومته حق تقييم ما يستدعي استئناف الحرب الدموية، إضافة إلى استمرار بقاء جيش الاحتلال في قطاع غزة لزمن غير محدد، وعدم وضوح خطط الانسحاب التي قال نتنياهو إنها ستكون بطيئة وما تضمنته الخريطة المقترحة من استمرار إسرائيل بالسيطرة على حوالي ربع مساحة قطاع غزة حتى بعد الانسحاب إن تم".
وتابع "اللغم الثالث والأخطر هو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بابتداع إدارة استعمارية دولية تشرف على الحكم فيه، ما يحقق هدف نتنياهو بمنع قيام دولة فلسطينية وهو ما قال الرئيس الأميركي ترامب إنه يتفهمه، بدل أن يعارضه". لكن الخطير في الأمر أن هناك أصواتا وازنة في القيادة الفلسطينية لا ترى مشكلة في عدم وجود سياسي فلسطيني في قطاع غزة.
وقال مصدر قيادي آخر لـ"العربي الجديد"، إن "السلطة الفلسطينية لا تحكم قطاع غزة منذ العام 2007، ووجودها خدماتي هناك من حيث تقديم الرواتب والرعاية الصحية والكهرباء وغيرها"، مضيفا "لن تستطيع السلطة أن يكون لها وجود سياسي في قطاع غزة كما هي في رام الله اليوم، ومهما فعلت لن تستطيع أن توقف ما يريده ترامب ونتنياهو، لذلك إنهاء الحرب أمر ضروري والحفاظ على ما تبقّى من السلطة أمر ضروري أيضا".
المصدر / عرب 48