الشريط الاخباري

مؤسسة "المجد أوروبا": واجهة مجهولة تسهل تهجير سكان غزة تحت غطاء إنساني

نشر بتاريخ: 17-11-2025 | سياسة
News Main Image

غزة -PNN- ظهرت مؤخرا مؤسسة تعرف باسم "المجد أوروبا" كواجهة غامضة تعمل على تسهيل تهجير سكان قطاع غزة، مستغلة الظروف الإنسانية الصعبة في القطاع.

 وتؤكد التقارير الإعلامية أن المؤسسة لا تمتلك مقرا فعليا وتعتمد على وجود إلكتروني، فيما يشتبه في ارتباط أحد العاملين الإسرائيليين بها، ما يزيد من الغموض حول طبيعة نشاطها وأهدافها الحقيقية.

تدعي المؤسسة تقديم مساعدات إنسانية وإعادة توطين الفلسطينيين في دول آسيوية، إلا أن المصادر تشير إلى أن "المجد أوروبا" تروّج في الواقع لمخطط تهجير قسري يتم عبر رحلات تنقل مئات الفلسطينيين بطرق مشبوهة إلى دول مثل جنوب إفريقيا، مقابل مبالغ مالية كبيرة تجمع من المهجرين.

كما تعتبر هذه المؤسسة جزءا من مخطط أوسع يطلق عليه "التهجير الناعم" لقطاع غزة، حيث تستخدم مصطلحات إنسانية لتجميل عمليات الإخلاء القسرية، وسط انتقادات من فلسطينيين وناشطين حقوقيين يعتبرونها محاولة لإفراغ القطاع من سكانه بضغط مباشر أو غير مباشر.

تواجه "المجد أوروبا" انتقادات واسعة بسبب غموضها، وعدم وجود معلومات دقيقة عن أعضائها أو بنية عملها، إذ تسبب نشاطاتها توترا داخليا في غزة وأثارت جدلا دوليا حول مسؤولية الجهات التي تقف خلف هذه العملية.

هذه التطورات تأتي في إطار المشهد الإنساني المضطرب في غزة، حيث تتصاعد محاولات التهجير والضغط على المواطنين الفلسطينيين في ظل استمرار الحصار والاشتباكات.

وكشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، تفاصيل مثيرة حول جمعية أسسها إسرائيلي - إستوني، وقد أخرجت مئات الفلسطينيين من غزة. طبقاً للتفاصيل الواردة، فإن الجمعية تعمل على نقل الفلسطينيين من القطاع إلى وجهات مثل إندونيسيا، ماليزيا، وجنوب أفريقيا، مقابل مبلغ قدره 2000 دولار أميركي لحجز مقعد واحدٍ على متن رحلة جوية مستأجرة. المُريب في الأمر أن الجمعية تدّعي بناءً لما يرد في موقعها، أنها "تأسست في ألمانيا، وأن لها مكاتب في القدس الشرقية"، ليتبيّن عقب التقصي أن وراء هذه الجمعية شركة استشارات مسجلة في إستونيا.

التفاصيل الآنفة كانت ستظل عمومية ودون شبهة واضحة بشأن الجهة أبعد من استغلال معاناة الفلسطينيين، إلى أن تبيّن، بحسب الصحيفة، أن "مديرية الهجرة الطوعية" في وزارة الأمن الإسرائيلية، أحالت الجمعية المذكورة إلى مكتب "منسّق أعمال الحكومة في المناطق" - الذي يعمل تحت إدارة الوزير الثاني في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا صراحة لتهجير الفلسطينيين من غزة وإقامة المستوطنات على أنقاضهم - من أجل تنسيق "خروج" الفلسطينيين من القطاع، وهو ما يشكل دليلاً فاضحاً على انخراط الاحتلال في عملية التهجير.

وفي الصدد، تشير الصحيفة إلى أنه في الأشهر الأخيرة، غادرت عدّة رحلات جوية مستأجرة من مطار "رامون"، وعلى متنها مجموعات تضم عشرات الفلسطينيين من غزة، إلى عددٍ من الوجهات حول العالم. أمّا الجهة التي نظّمت خروج المجموعات الفلسطينية من غزة فكانت الجمعية المذكورة، التي ورد على موقعها أنها "منظمة إنسانية متخصصة في مساعدة المجتمعات المسلمة وإجلائها من مناطق القتال"، على حدّ زعمها. أمّا خلف الجمعية التي تحمل اسم "المجد"، فيقف بحسب صحيفة "هآرتس"، الإسرائيلي تومر ينار ليند، الذي يحمل كذلك جنسية إستونيا. وكانت "المجد" هي المسؤولة عن تسيير مغادرة المجموعة الأخيرة من غزة، والتي ضمت 153 فلسطينياً، إلى العاصمة الكينية نيروبي، على متن طائرة مستأجرة من شركة فلاي يو، واللافت أن المجموعة الفلسطينية لم تكن تعرف وجهة السفر، فبعد الهبوط في نيروبي نُقل الركاب إلى طائرة ثانية مستأجرة من شركة الطيران الجنوب أفريقية "ليفت"، قبل أن تهبط، يوم الخميس الماضي، في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا.

سلطات جوهانسبورغ بدورها احتجزت الطائرة ومنعت هبوط الركاب لأكثر من 12 ساعة. أمّا السبب، فهو وصولهم إلى وجهتهم من دون المستندات المطلوبة للدخول، ومن دون تذاكر عودة، وحتّى من دون ختم خروج لدى مغادرتهم مطار "رامون" الإسرائيلي. وبعد فحص مطوّل، سمحت السلطات الجنوب أفريقية للفلسطينيين بدخول أراضيها. وطبقاً لشهادات الركاب على متن الطائرة، فإن الأخيرة حملت على متنها عائلات فلسطينية مع أطفال، ولم يتلقَ هؤلاء لا طعاماً ولا ماءً، وسط ظروف توقيف واحتجاز صعبة للغاية طوال الـ12 ساعة.

وعقب ما تقدّم، أصدرت سفارة فلسطين في جنوب أفريقيا، بياناً أكدت فيه أن "خروج المجموعة نظّمته منظمة غير مسجّلة ومشبوهة، استغلت الوضع الإنساني المأساوي في غزة، وخدعت العائلات، وأخذت منها المال، ونقلتها بطريقة غير منظّمة وغير مسؤولة، ثم تخلّت تماماً عن مسؤوليتها عن التعقيدات التي نشأت". أمّا وزارة الخارجية الفلسطينية، فحذّرت الفلسطينيين في غزة من "الوقوع في مصايد تُجّار الدم ووكلاء التهجير".

ويوضح التحقيق أن هذه المنظمة تقبل التبرعات عبر العملات الرقمية فقط ما يعقد تتبع مصادر تمويلها، كما أن الصور المنشورة على الموقع لأشخاص يُفترض أنهم مديرون تنفيذيون تبيّن لاحقا أنها مُنتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما أثار شكوكا إضافية حول مصداقية المنظمة.

ولم ترد المنظمة المزعومة على طلبات التعليق رغم محاولات التواصل معها، مما عزز الغموض المحيط بها.

ويشير التقرير إلى أن التحقيقات تتركز حاليا على ما إذا كانت هذه الرحلات قد استُخدمت لنقل أشخاص بطرق غير قانونية، مستغلّة حالة الطوارئ الإنسانية في غزة.

كما سلط التحقيق الضوء على التحديات التي تواجهها الجهات الرقابية في التعامل مع منظمات تنشط في مناطق النزاع، خاصة عندما تستخدم أدوات رقمية متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والعملات المشفّرة، حيث يمكن استخدام هذه التقنيات كوسائل للتمويه والاحتيال مما يستدعي تعزيز آليات التدقيق والمساءلة.

ويأتي هذا الملف في وقت تتزايد فيه المخاوف من استغلال الأزمات الإنسانية لأغراض مشبوهة وسط غياب رقابة دولية فعّالة على بعض الجهات التي تعمل تحت مظلة العمل الإغاثي.

ويطرح التقرير تساؤلات جوهرية حول مسؤولية الدول والمنظمات عن ضمان أن تكون المساعدات الإنسانية فعلا في خدمة المحتاجين، لا وسيلة للتهريب أو الاتجار بالبشر.

شارك هذا الخبر!