تل أبيب -PNN- يثير احتمال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الولايات المتحدة، قلقاً وسجالاً في إسرائيل، بزعم أن نتنياهو قد يدفع نحو انعقاده حتى دون ضمان المصالح الإسرائيلية، خصوصاً على مستوى الطاقة ووضع حد لظاهرة تهريب السلاح من الأراضي المصرية إلى دولة الاحتلال.
وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الأربعاء، بأنه مع اقتراب زيارة نتنياهو للولايات المتحدة ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نهاية الشهر الجاري، تجري خلف الكواليس اتصالات دبلوماسية بقيادة الأميركيين من أجل الدفع نحو عقد لقاء ثلاثي يضم أيضاً الرئيس المصري، في منتجع مارالاغو بولاية فلوريدا.
وأضاف تقرير الصحيفة أن لهذا اللقاء المحتمل دلالات عديدة، أبرزها تجديد العلاقات بين إسرائيل ومصر بعد قطيعة استمرت أكثر من عامين بينهما، اقتصر التواصل خلالها على التعاون الأمني الذي أداره جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) والجيش الإسرائيلي. ولعبت مصر دوراً مهماً في دفع صفقة الأسرى، لكنها ترفض استقبال لاجئين من غزة، كذلك فإنها غير مستعدة لإرسال جنود للمشاركة في القوة الدولية في القطاع، بحسب التقرير الذي أشار كذلك إلى موضوع آخر يثير توتراً بين تل أبيب والقاهرة، وهو ما تدعيه إسرائيل بشأن وجود عمليات تهريب أسلحة عبر الحدود المصرية، إليها وإلى قطاع غزة.
وفيما لفتت الصحيفة إلى أن الرئيس المصري يشترط لعقد اللقاء مع نتنياهو التوقيع على اتفاق لشراء الغاز من حقل ليفياتان، نقلت تحذير مسؤولين في قطاع الطاقة الإسرائيلي، لم تسمّهم، من أن نتنياهو قد يوافق على ذلك من دون أن يحصل على أي مقابل. ويحذر مسؤولون مطّلعون على التفاصيل، لم تسمّهم الصحيفة، من أن نتنياهو قد يوافق على صفقة الغاز الضخمة، بقيمة 35 مليار دولار، فقط لكي يحظى بانعقاد القمة، من دون أن تحصل إسرائيل من المصريين على التزام واضح بمحاربة تهريب السلاح من مصر إلى إسرائيل. ويضيف المسؤولون أن الرئيس المصري يشترط أيضاً انسحاب إسرائيل من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) ومحور نتساريم، وهو مطلب ترفضه إسرائيل.
مع ذلك، أوضح مسؤول سياسي رفيع أن هناك احتمالاً كبيراً للتوصّل إلى تفاهمات وعقد قمة ثلاثية في فلوريدا: "لكل الأطراف مصلحة في ذلك. الأميركيون يريدون تعزيز الاستقرار الإقليمي وضمان استفادة شركة شيفرون، المالكة لحصص في حقول ليفياتان وتمار، من الصفقة. إسرائيل لها مصلحة اقتصادية، إذ ستجني عشرات المليارات من الشواكل عائدات لها، ومصر لها مصلحة بالحصول على كميات كبيرة من الغاز".
ورغم التقديرات "الإيجابية" لدى المسؤولين الإسرائيليين، فإن ما يعقّد التوصل إلى اتفاق الغاز في الوقت الراهن، معارضة وزير الطاقة إيلي كوهين. ويرفض الوزير التصديق على الصفقة قبل توقيع اتفاق مع شركة الكهرباء الإسرائيلية يضمن عدم ارتفاع الأسعار على المستهلك المحلي. ويمارس كوهين ضغوطاً على أصحاب حقل ليفياتان لتزويد شركة الكهرباء الإسرائيلية بالغاز بسعر مناسب، لكن حتى الآن عُرضت أسعار مرتفعة جداً حالت دون التوقيع.
وتابع التقرير العبري بأن مفاوضات صفقة الغاز مستمرة منذ فترة، لكن لا تزال هناك قضايا عالقة، أبرزها كمية الغاز التي ستصدّرها إسرائيل مقابل ما ستحتفظ به لنفسها. وتخشى منظّمات مدنية أن تكون إسرائيل قد استنفدت "معظم مواردها الطبيعية الثمينة في مياهها الاقتصادية"، وأن احتمال العثور على مصادر غاز جديدة ضعيف. لذلك، على الرغم من المزايا الاقتصادية والأمنية والسياسية للصفقة مع مصر، ورغم الضغوط الكبيرة من الإدارة الأميركية، يخشى الوزير كوهين أن يوقّع على اتفاق قد يترك إسرائيل بلا غاز طبيعي كافٍ، ما سينعكس مباشرة على أسعار الكهرباء التي ستقفز.
إلى ذلك، نقلت الصحيفة انتقادات شديدة من قبل مسؤول إسرائيلي مطّلع لم تسمه، تساءل: "منذ متى تقدّم إسرائيل هدايا قبل اللقاءات؟". وأضاف: "إذا وافق نتنياهو على صفقة الغاز قبل أن يحصل على التزام مصري بمحاربة تهريب السلاح والتراجع عن مطلب الانسحاب من معبر صلاح الدين (فيلادلفيا)، فهذا أمر سخيف. بأي حق يضع السيسي مثل هذه الشروط؟ الغاز الإسرائيلي أصل استراتيجي من الدرجة الأولى، وللتوقيع على اتفاق مع مصر يجب ضمان الحفاظ على جميع المصالح الإسرائيلية". وأوضح أنه إذا وقعت إسرائيل الصفقة مع مصر، "فإنها ستوفر 20% من استهلاك الكهرباء المصري، وهذا سيصعّب على إسرائيل التصدير إلى أماكن أخرى". وأضاف: "إسرائيل تمنحهم كل الكعكة وتؤمّن أمن الطاقة المصري قبل أن تؤمّن أمن الطاقة الإسرائيلي".
إضافة إلى ذلك، أعلنت شركة الكهرباء الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، أنها ستدخل في عملية تحكيم مع حقل الغاز "تمار"، بعد فشل التوصّل إلى اتفاق لتمديد عقد التوريد. وبناءً عليه، إذا بيع غاز حقل ليفياتان لمصر، ستبقى شركة الكهرباء بلا مورد غاز، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلك. إلى جانب التردد في الجانب الإسرائيلي، لم يُتخذ في القاهرة حتى الآن قرار بشأن ما إذا كان الرئيس السيسي سيوافق على اللقاء. ونقلت ذات الصحيفة عن مسؤول مصري لم تسمّه، أن "الموضوع أُحيل إلى مكتب الرئيس، لكن لم يُتخذ قرار".
وأوضح ذلك المسؤول أن السيسي أكد أخيراً أنه "يحافظ على علاقات عمل" مع إسرائيل، بل أرسل رئيس المخابرات المصرية، حسن رشاد، في زيارة لتل أبيب في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. لكن المسؤول شدّد على أنه "لا توجد علاقات مدنية".