الشريط الاخباري

واشنطن تُمهّد لإدارة دولية لغزة بعد الحرب وسط تردّد إقليمي وحسابات أمنية معقّدة

نشر بتاريخ: 18-12-2025 | سياسة
News Main Image

واشنطن / PNN - تتحرّك الإدارة الأميركية بهدوء على خطّ تشكيل إطار دولي جديد لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، يقوم على هيئة سياسية عليا أطلقت عليها اسم "مجلس السلام"، برئاسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ووفق ما أفاد به مسؤولون مطّلعون، أبلغت واشنطن أطرافًا إقليمية ودولية بأنها حصلت مبدئيًا على موافقات من مصر وقطر والإمارات وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا لمشاركة قادتها في هذا المجلس، الذي يُفترض أن يشرف على المرحلة الانتقالية عقب تثبيت وقف إطلاق النار.

وترى الإدارة الأميركية أن إشراك دول عربية محورية إلى جانب قوى أوروبية وازنة يمنح خطتها لغزة حدًا أدنى من الغطاء الدولي، ويُخرجها من كونها مبادرة أميركية أحادية إلى مشروع متعدد الأطراف. غير أن مصادر دبلوماسية حذّرت من المبالغة في تفسير هذه الموافقات، موضحة أن الجلوس على طاولة "مجلس السلام" لا يعني تلقائيًا التزامًا سياسيًا أو أمنيًا أو ماليًا طويل الأمد من جانب هذه الدول.

ورغم ذلك، تراهن واشنطن على أن توسيع عضوية المجلس سيعزّز شرعيته الدولية ويفتح الباب لاحقًا أمام مساهمات ملموسة، سواء عبر التمويل أو التدريب أو حتى المشاركة العسكرية. وفي هذا السياق، تعمل الولايات المتحدة على استقطاب شخصيات قيادية إضافية، من بينها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطوة تعكس رغبة أميركية في إضفاء ثقل سياسي إقليمي على المبادرة.

لكن الرياض، وفق مسؤولين مطّلعين، لا تزال متريّثة، بانتظار اتضاح ملامح المشهد الميداني في غزة، في ظل استمرار التوترات على خطوط التماس، وإصرار حركة حماس على الاحتفاظ بسلاحها، مقابل عمليات إطلاق نار وضربات إسرائيلية متكررة منذ بدء الهدنة الهشّة في تشرين الأول/أكتوبر.

في المقابل، يبرز التحفّظ الإسرائيلي بوضوح إزاء أي دور تركي في إدارة غزة بعد الحرب، لا سيما في ما يتعلّق بـ"قوة الاستقرار الدولية" التي تتصوّرها الخطة الأميركية كبديل تدريجي لوجود الجيش الإسرائيلي داخل القطاع. ومع ذلك، يتوقّع مسؤولون أن تكثّف واشنطن ضغوطها على الحكومة الإسرائيلية لدفعها نحو تسوية تسمح بمشاركة سياسية تركية، ولو من دون وجود عسكري مباشر على الأرض.

وتبدو مهمة تشكيل قوة الاستقرار أكثر تعقيدًا من مجرد تأسيس مجلس سياسي. فالدول المرشّحة للمشاركة تطالب بتحديد دقيق لتفويض هذه القوة وصلاحياتها، في ظل مخاوف حقيقية من الانزلاق إلى بيئة قتالية مفتوحة. ولهذا الغرض، عقدت القيادة المركزية الأميركية مؤتمرًا في الدوحة عرضت خلاله تصورها لمساهمة الدول، سواء عبر قوات عسكرية، أو عناصر شرطة، أو دعم لوجستي، أو تدريب أجهزة أمن فلسطينية، أو تمويل.

ورغم تقديم بعض الإيضاحات بشأن حجم القوة وهيكليتها، لا تزال القضايا الأكثر حساسية، وعلى رأسها نزع سلاح حماس، عالقة. فواشنطن، بحسب مصادر مطّلعة، لا تعتزم نشر القوة الدولية في المناطق الخاضعة فعليًا لسيطرة حماس في المرحلة الأولى، بل تفضّل تمركزها على خطوط الانسحاب الإسرائيلي، مع التعويل على مسار تدريجي لنزع السلاح عبر تفاهمات سياسية لم تنضج بعد.

وتكشف الخطة الأميركية لإدارة غزة بعد الحرب عن فجوة واضحة بين الطموح السياسي والواقع الميداني. فواشنطن تسعى إلى هندسة ترتيبات أمنية وسياسية معقّدة دون حسم الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالسيادة، والسلاح، والشرعية الفلسطينية. كما أن الرهان على مشاركة دولية واسعة يبدو هشًا في ظل غياب رؤية واضحة لكيفية التعامل مع حماس، ومع استمرار الانتهاكات الميدانية. في جوهره، "مجلس السلام" قد يتحوّل إلى مظلّة شكلية إذا لم يُرفق بمسار سياسي فلسطيني جامع، يعالج جذور الصراع بدل الاكتفاء بإدارة تداعياته الأمنية.

المصدر / جريدة القدس

شارك هذا الخبر!